الوظيفة فى «الخدمة المدنية» غير دائمة إلا للكفاءات

الوظيفة فى «الخدمة المدنية» غير دائمة إلا للكفاءات
- الإحالة للمعاش
- الجهاز الإدارى للدولة
- الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة
- الحوار المجتمعى
- الخدمة المدنية
- العمل الحكومى
- الإحالة للمعاش
- الجهاز الإدارى للدولة
- الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة
- الحوار المجتمعى
- الخدمة المدنية
- العمل الحكومى
«إن فاتك الميرى اتمرمغ فى ترابه» عبارة لم يعد لها محل من الإعراب فى قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، ولائحته التنفيذية المفسرة والموضحة لمواد قانون الخدمة المدنية، الصادرة فى مايو 2017، وذلك بسبب المشكلات الكبيرة التى سيتعرض لها الغالبية العظمى، من الموظفين بسبب قانون الخدمة المدنية الجديد، ويجعلهم فى غير مأمن أو حصانة، كما كان حالهم فى قانون 47 لسنة 1978.
وكشفت تقارير عديدة وأبحاث مهتمين بأوضاع العاملين بالخدمة المدنية، تم إجراؤها حول مواد قانون الخدمة المدنية، ومقارنته بقانون 47 لسنة 1978، للعاملين المدنيين بالجهاز الإدارى للدولة، والبالغ عددهم حالياً، ما يقرب من 5.7 مليون موظف، إن القانون الجديد يجعل الوظيفة الحكومية غير دائمة.
وأكدت التقارير، التى وصل بعضها إلى جلسات الحوار المجتمعى، لمناقشة اللائحة التنفيذية لقانون 81 لسنة 2016، ولم يتم الإصغاء إليها، أن القانون الجديد ولائحته التنفيذية سيكونان السبب الرئيسى فى هروب الموظفين والعاملين من الوظيفة الحكومية، وعزوف الشباب من الجنسين، عن الالتحاق مستقبلاً بهذه الوظائف، ومن أهم المواد الجديدة التى فقدت كل مميزات القانون الملغى رقم 47 لسنة 1978، ما سيسهم فى تخفيض نسب الإقبال على الوظيفة الحكومية، وإلغاء ترحيل الإجازات وإلغاء التعويض المالى عن رصيد الإجازات التى لم يحصل عليها الموظف (إلا فى حالة رفض الإجازة من جهة العمل فقط)، حيث إن الرصيد النقدى للإجازات فى القانون الملغى كان يحتسب دون أى قيود، وكذلك نصت مواد القانون 81 لسنة 2016، على إلغاء جواز ترقية الموظف الذى يقوم بإجازة بدون مرتب فى أول أربع سنوات من إجازته، وتم إلغاء جواز ترقية الموظفة الحاصلة على إجازة مرافقة زوج أثناء فترة الإجازة، فضلاً عن عدم احتساب مدة الإجازة ضمن المدة اللازمة للترقية، كما تم إلغاء مادة محو الجزاءات التأديبية التى توقع على العامل بانقضاء فترة ستة أشهر للجزاءات التى لا تتجاوز خمسة أيام، وفترة سنة للجزاءات التى تزيد على 5 أيام، على عكس ما كان موجوداً فى القانون الملغى، وتم إلغاء المادة رقم 92 بقانون 47، والتى كانت تنص على محو الجزاءات التأديبية التى توقع على العامل بانقضاء فترة 6 أشهر للجزاءات التى لا تتجاوز خمسة أيام، وفترة سنة للجزاءات التى تزيد على 5 أيام، وأصبحت فى القانون الجديد سنة فى حالة الإنذار والتنبيه والخصم من الأجر مدة لا تزيد على 5 أيام، وسنتان فى حالة اللوم، والخصم من الأجر مدة تزيد على 5 أيام وحتى 15 يوماً، و3 سنوات فى حالة الخصم من الأجر مدة تزيد على 15 يوماً وحتى 30 يوماً، و4 سنوات بالنسبة للجزاءات الأخرى عدا جزاءى الفصل والإحالة إلى المعاش.
{long_qoute_1}
كما نصت مواد قانون الخدمة المدنية على تحويل الحوافز من نسب مئوية مرتبطة بالأجر الوظيفى إلى فئات مالية مقطوعة، أى قيمة مالية ثابتة مثل 500 جنيه أو 700، وهكذا مما سيجعلها لا تزيد بصورة سنوية طبقاً لزيادة الأجر الوظيفى علاوة على إشكالية معقدة وغياب صورة واضحة، للإدارات المالية حول طريقة حساب الرقم المقطوع، وفى نظام الترقيات، أصبحت الأقدمية منبوذة فى قانون الخدمة المدنية، حيث نص على عدم استمرار نظام الترقية بالأقدمية كما كانت فى السابق، وتحولت الترقيات إلى أن تكون فيها نسبة بالاختيار.
وكشفت التقارير، التى انتقدت قانون الخدمة المدنية، أن هذا القانون لن يجعل الوظيفة الحكومية مغنماً وأمناً وأماناً لأصحابها، بعد أن جعلت كل السلطة فى التقييم والفصل من العمل فى يد الرئيس المباشر، على عكس الوضع فى قانون 47 الذى كان يجعل جهة البت فى التقييم للجان المتابعة، إلى أن يصل الأمر للنيابة الإدارية، فى حالات الإهمال والتسيب وغيرها من المظاهر السلبية فى العمل الحكومى.
ومن بين مواد قانون الخدمة المدنية، التى تقلل من درجة أمان الوظيفة الحكومية، وتقلص من مميزات الالتحاق بالعمل الحكومى، فى تغيير نظام العمل بنصف الوقت، والذى كانت مدته فى قانون 47، يومين فى الأسبوع، يتقاضى عنهما الموظف 75% من راتبه، أما فى قانون الخدمة المدنية، فأصبحت الأمور أكثر تعقيداً، حيث نص قانون الخدمة المدنية على أن يكون العمل بنصف الوقت فى المصالح الحكومية، التى تعمل لمدة 6 أيام، بواقع يومين مقابل 50% تزيد إلى 65% فى حال العمل لمدة 3 أيام، بينما يكون نظام العمل بنصف الوقت فى المصالح الحكومية، التى تعمل 5 أيام فى الأسبوع، ثلاثة أيام مقابل حصول العامل على 75% من أجره الوظيفى، ويومين مقابل 60%، وهو ما يجعل العمل الحكومى أقل إغراء، وبعيداً عن أن يكون مطمعاً للكثيرين من الراغبين فى العمل.
وفى ذات الوقت، أصبح مستقبل العاملين فى المصالح الحكومية، كما يقول المثل الشعبى الدارج «على كف عفريت»، حيث نص قانون الخدمة المدنية على زيادة سلطة الرئيس المباشر فى توقيع الجزاءات لتصبح عشرة أيام كحد أقصى فى المرة الواحدة (بدلاً من ثلاثة فى القانون السابق)، ولعشرين يوماً فى السنة (بدلاً من 15 فى القانون السابق)، بما يعنى زيادة من التعسف وفتح مجال للمحسوبيات، فى الوقت نفسه يصبح من حق الرئيس المباشر أن يعطى رأيه فى فصل العامل من عدمه، وهذا الأمر لن يكون على الإطلاق فى صالح العامل المدنى فى الحكومة، لا سيما أنه يعطى الرئيس المباشر سلطة فصل الموظف فى حالة حصوله على تقرير كفاية ضعيف لمدة عامين ميلاديين متتاليين، فى الوقت الذى نصت فيه المادة 26 من قانون الخدمة المدنية على عدم إلزام اللجنة المختصة بالرد على تظلمات تقويم الأداء، حيث وردت بهذه المادة عبارة «ويعتبر عدم البت فى التظلم خلال تلك المدة بمثابة رفضه». {left_qoute_1}
وفى ذات السياق، كشفت مصادر حكومية عن أن اللائحة التنفيذية لقانون «الخدمة المدنية» الجديد رقم 81 لسنة 2016 تدعم خطة الحكومة لتقليص أعداد الموظفين فى الوزارات وأجهزة ومصالح وهيئات الدولة، بإغراء الموظفين للخروج على «المعاش المبكر»، بوضع بنود تحتوى على امتيازات لم تكن موجودة فى القانون السابق. وقالت المصادر لـ«الوطن»: إن المادة 181 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية نصت على أنه «إذا تقدم الموظف إلى إدارة الموارد البشرية فى كل جهة أو مصلحة حكومية بطلب كتابى برغبته فى الإحالة على المعاش المبكر طبقاً لأحكام المادة 70 من القانون، فإن على الجهة أن تلتزم بإثبات تاريخ ورود طلب الموظف الراغب فى الإحالة للمعاش المبكر، وأن تقوم بعرضه فوراً على السلطة المختصة، مشفوعاً بمذكرة تفصيلية عن حالة الموظف من واقع ملف خدمته».
وأوضحت أنه إذا كانت العلاوة تساوى الزيادة فى المعاش أو تزيد عنها فلا تصرف له الزيادة فى المعاش، وكذلك إذا كان العامل مستحقاً لمعاش عن نفسه وبلغ سن الستين أو جاوزها تصرف له الزيادة فى المعاش، فإذا كانت هذه الزيادة أقل من العلاوة الخاصة يتم إعطاء الموظف الفرق بينهما من الجهة التى يعمل بها بعد الحصول على بيان رسمى من الجهة القائمة بصرف المعاش بقيمة الزيادة المستحقة له».
وأضافت المصادر أن بنود اللائحة التنفيذية تعطى امتيازات كثيرة للمحالين إلى المعاش المبكر، ومنها أنه «إذا كان العامل مستحقاً لمعاش عن نفسه وتقل سنه عن 60 عاماً، فله الحق فى صرف العلاوة الخاصة بتوافر شروط استحقاقها، وعلى جهة عمله أن تخطر جهة صرف المعاش بذلك، فإذا كانت العلاوة أقل من الزيادة فى المعاش تتم زيادة المعاش بمقدار الفرق بينهما»، كما أن بعض بنود اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية تضمنت العديد من الإجراءات، التى من شأنها تكريس مبدأ «التقشف الحكومى»، وتوفير النفقات من بند الأجور فى الموازنة العامة، ومنها ما جاء فى أحد بنوده ما ينص على أن الموظف يستطيع الخروج على المعاش عند وصوله إلى سن الخمسين، وقد أبدى العديد من الموظفين المقاربين لهذه السن سخطهم من هذا، وقالوا إن الدولة تحاول تخفيف الأعباء المطروحة عليها من العاملين بالجهاز الإدارى للدولة على حسابهم، حيث إنهم يكلفون الدولة نحو الثلث من الموازنة العامة للدولة من كل عام، وكذلك إنهاء خدمة كل من ينقطع عن العمل ١٥ يوماً متصلاً أو من ارتكب جريمة مخلة بالشرف، والاتجاه الأخير هو تقييم الموظف وسلطة منح الجزاءات من الرئيس المباشر والرئيس الأعلى ربما يستخدم بشكل مجحف، وربما يؤدى إلى منحه تقريراً ضعيفاً لمدة عامين متتاليين، والذى يعقبه الفصل، وكذلك ما نصت عليه المادة (58) على أنه لا يجوز توقيع أى جزاء على الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابةً، وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، ويكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً، ومع ذلك يجوز بالنسبة لجزاءى الإنذار والخصم من الأجر لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، وأن يكون التحقيق شفاهةً على أن يثبت مضمونه فى القرار الصادر بتوقيع الجزاء، مشيرة إلى أن الفقرة الثانية من نص المادة 58 بها إخلال واضح بحقوق الموظفين، فهناك قواعد عامة وردت بالفقرة الأولى، وهى أن يتم التحقيق كتابة مع الموظف، وأن تسمع أقواله وتثبت فى محضر التحقيق وتعطى له فرصة الدفاع عن نفسه، وكل هذه الضمانات غير موجودة فى الفقرة الثانية التى تعطى للسلطة المختصة قبل إجراء التحقيق التنبؤ بأن الموظف مذنب، وأن ذنبه لن تخرج عقوبته إما عن الإنذار أو الخصم من الأجر لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، وبالتالى فلا داعى لإجراء التحقيق كتابة وإعطاء الموظف حقه الذى كفله الدستور فى الدفاع عن نفسه، وتسجيل ذلك فى محضر رسمى، معتقداً أن هذه الفقرة من المادة (58) ستكون عرضة للطعن عليها بعدم الدستورية، ويجب أن يكون أى جزاء بناء على تحقيق كتابى حتى يتمكن الموظف من الدفاع عن نفسه.
وأوضحت المصادر أن من أهم العيوب، التى يشتمل مواد قانون الخدمة المدنية عليها، المركزية الشديدة جداً فى التعيين لأى درجة وظيفية سيتم وفقاً للقانون بقرار من رئيس الجمهورية، فضلاً عن أن شرط اجتياز امتحان أو مقابلة سيفتح الباب على مصراعيه كما هو الآن أمام الوساطات والمحسوبيات، مما يخل بالتأكيد بمبدأ تكافؤ الفرص بين كل المتقدمين لشغل الوظيفة، وتغيير مسميات تقويم الأداء (ممتاز - كفء - فوق متوسط- متوسط- ضعيف)، حيث تم إقرار أن يكون هناك تقييم مرتين سنوياً قبل وضع التقييم النهائى، على أن يكون التظلم من التقويم خلال 60 يوماً من تقديمه ولا يوجد إلزام على اللجنة المختصة بالرد على التظلمات.
وقال المستشار محمد جميل، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، إن من أهم إيجابيات قانون الخدمة المدنية 81 أنه يؤسس لمنظومة متكاملة من الحقوق والواجبات تحقق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز والوقاية من الفساد بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة الراهنة.
وأضاف «جميل» أن القانون يُعد خطوة هامة فى إصلاح منظومة العمل الحكومى، حيث يضع القواعد والأسس للارتقاء بالجهاز الإدارى ورفع معدلات الإنتاج والأداء فى الوحدات الإدارية.