تقارير رقابية ومذكرة لرئاسة الوزراء: التجاوزات فى «الهيئة» بالمليارات

كتب: سعيد حجازى وعبدالوهاب عيسى

تقارير رقابية ومذكرة لرئاسة الوزراء: التجاوزات فى «الهيئة» بالمليارات

تقارير رقابية ومذكرة لرئاسة الوزراء: التجاوزات فى «الهيئة» بالمليارات

كشفت تقارير للنيابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات عن وجود فساد مالى وإدارى خلال السنوات الماضية أدى لتراجع دور الهيئة وأصبحت الخسائر هى شعار إحدى المؤسسات الكبرى بالدولة، وأفاد التقرير السنوى للنيابة الإدارية، الصادر فى أكتوبر الماضى، عن أن القضايا التى باشرتها فى 2016، وارتبطت بمخالفات الهيئة العامة للأوقاف، بلغت «1895» قضية، تصدرتها محافظتا القاهرة بـ188 قضية، وكفر الشيخ بـ183 قضية، فيما جاءت الفيوم كأقل محافظة بقضيتين فقط.

وحددت النيابة الإدارية، فى تقريرها، أوجه الخلل والقصور والسلبيات بالأوقاف فى عدة نقاط، أولها عدم إحكام عملية إثبات بيانات العقارات التابعة للهيئة، ومقابل الانتفاع المحدد لها أو نقل هذه البيانات من دفاتر الزراعة إلى دفاتر الملكية العقارية، ما يترتب عليه عدم ربط قيمة إيجارية لها، وعدم تحصيلها ومرور وقت طويل على اكتشاف ذلك، ما أدى إلى سقوط حق الهيئة فى تحصيل مستحقاتها بالتقادم الخمسى وضياع أموال طائلة على الهيئة، وكشف التقرير ضمن أوجه الخلل والقصور، عن وجود إهمال الشديد فى المحافظة على ملفات العقارات للأوقاف، ما أدى إلى فقدها وعدم تحصيل مقابل الانتفاع المستحق عليها، أو ربط مقابل انتفاع لها وعدم اكتشاف ذلك إلا بعد عدة سنوات، وهو ما سقط معه حق الهيئة فى تحصيل مقابل الانتفاع بالتقادم الخمسى، وضياع أموال طائلة على الهيئة تقدر بملايين الجنيهات فى «حالة واحدة»، وأوضح تقرير النيابة الإدارية أنه لا توجد ضوابط محددة لتحديد القيمة الإيجارية للعقارات التابعة للهيئة، وهو ما نتج عنه تباين شديد فى قيمة تأجير تلك العقارات عن القيمة السوقية للعقارات المماثلة، مؤكداً ضرورة أن يكون مقابل الانتفاع مماثلاً لسعر السوق، تحقيقاً لأقصى استفادة من استثمار عقارات الهيئة لينعكس الأمر بالإيجاب على خزانة الدولة، وأوصت النيابة الإدارية فى تقريرها، لتلافى أوجه القصور السابقة، بإعادة النظر فى منظومة العمل بهيئة الأوقاف، لحماية العقارات والأموال التى تديرها، كما أوصت بتشكيل لجان فى مديريات الأوقاف بالمحافظات لحصر العقارات والأراضى التابعة للهيئة على الطبيعة، ومقارنتها بالموجود فى السجلات، وإعادة مسح وتسجيل ملفات العقارات على أجهزة الحاسب الآلى وإدخال نظام الميكروفيلم لحفظ كل الملفات والمستندات والحجج الرسمية والتعامل بموجبها وحفظ الأصول فى أماكن مؤمنة تجنباً لفقدها أو تلفها، وأكدت النيابة فى تقريرها ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لسرعة تحصيل مستحقات الهيئة لدى الغير، من جهات أو أشخاص، والتنسيق مع الداخلية لتنفيذ قرارات إزالة التعديات أو الطرد والإخلاء، وشددت النيابة على ضرورة الالتزام بالقيمة السوقية، فى تحديد القيمة الإيجارية ومقابل الانتفاع بعقارات وأملاك الهيئة، تحقيقاً لأقصى استفادة مالية مع تطبيق أحكام قانون المناقصات والمزايدات فى هذا الشأن.

{long_qoute_1}

وكشفت دراسة للجهاز المركزى للمحاسبات، صادرة عن الفترة منذ ثورة 2011 حتى 2015، حالة الفساد والنهب التى لحقت بأراضى الأوقاف خلال الخمس سنوات، وتبلغ تكلفة الفساد بالمليارات، فهناك متأخرات فى تحصيل الإيجارات وأقساط الاستبدال والوحدات المباعة تقدر بـ3٫8 مليون بمنطقة التل الكبير، و1٫8 بالسويس، و3 ملايين بالأطيان الزراعية بالتل الكبير، 27 مليوناً بطنطا والمحلة، و49 مليوناً متأخرات بأراضى قليوب، و10 ملايين بمسطرد، كما حقق مصنع سجاد دمنهور 10 ملايين جنيه خلال 2012 وحتى 2014، وخسائر فى استثمارات الهيئة فى الشركات والبنوك فبلغت نسبة المكسب 7%، كما رصدت الدراسة 16260 حالة تعد خلال 2011 وحتى 2014 وتمت إزالة 1784 فقط، وهناك 16 ألف قضية مرتبطة بالتعديات، كذلك هناك خسائر 6 ملايين جنيه فى وقف إبراهيم أغا، كذلك تعديات على حصص أعيان وقف هان البيضاء بقيمة 181 مليون جنيه، وتعديات على وقف نفيسة هانم جعفر بقيمة 20 مليون جنيه، والتعدى على أراض مملوكة للهيئة بالفيوم بقيمة 85 مليون جنيه، وأوضحت الدراسة أن محافظى دمياط والدقهلية وكفر الشيخ السابقين والحاليين خلال فترة الدراسة تعاملوا مع مال الأوقاف على أنه مال عام ولم تتم مراعاة الحجج الشرعية عند إصدار القرارات، كما أدى استفحال الفساد بهيئة الأوقاف إلى تعدد مطالب العاملين بها والجهات الرقابية بتطهيرها وتحسين استغلال مواردها، منذ وقت طويل، حيث تقدم موظفو هيئة الأوقاف باستغاثة إلى المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، نهاية 2016، مطالبين بتكليف إحدى الجهات الاستثمارية المتخصصة بإدارة الهيئة، وزيادة نسبة الـ15% المخصصة للهيئة نظير إدارة مال الوقف إلى 25%، فضلاً عن المطالبة بفصل الهيئة عن الوزارة، وذلك تنفيذاً لتوصيات الجهاز المركزى للمحاسبات.

ونظم موظفو الهيئة عدة إضرابات عن العمل استمر بعضها لأكثر من أسبوعين، للمطالبة بلجنة لمكافحة الفساد من مجلس الوزراء للتحقيق فى شبهات فساد، ومنها إهدار قيادات هيئة الأوقاف معدات تكلفتها نحو 400 مليون جنيه كانت تستخدم فى استصلاح أرض شرق العوينات، بالإضافة إلى هروب المستثمر الإماراتى الشيخ محمد العتيبى، مالك شركة جنان، بعد التعاقد معه على استئجار كامل مسطح الأرض ويبلغ 48 ألف فدان بقيمة إيجار سنوية 50 مليون جنيه.

وتضمنت المذكرة بعض المخالفات، ومنها تعطيل أكثر من مشروع بسبب تراخى إدارة الهيئة، ومن أهم هذه المشروعات مشروع إسكان برج العرب، الذى تم تخصيص مساحة 1756 فداناً لإنشاء نحو 340 عمارة، وتم وضع جدول زمنى للانتهاء من إنشاء هذه العمارات فى غضون 18 شهراً، إلا أنه وبعد مرور 5 سنوات فإن حجم ما تم لا يتجاوز 5% من قيمة المشروع، وأشارت المذكرة إلى وجود شبهة تلاعب بالأساسات فى هذا المشروع وفقاً لما ورد بتقرير معمل كلية الهندسة جامعة الإسكندرية.

وخلال السنوات الثلاث الماضية خاضت الدولة العديد من المحاولات لضبط الأوضاع داخل الهيئة والحفاظ على أموال المصريين الضائعة بين الإهمال والفساد، كانت آخرها وأبرزها تشكيل لجنة إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية فى منتصف 2016، وأكد المهندس إبراهيم محلب: «إننا جميعاً فى خدمة مال الوقف الذى هو مال الله، وإنه لا ولن يسقط بالتقادم»، وقامت اللجنة بدراسة آليات إنهاء إجراءات وتنفيذ بعض المشروعات التى كانت عالقة أو متوقفة، مع التأكيد على دعم المجموعة الوطنية لاستثمارات الأوقاف والعمل على تقويتها وإزالة ما يعترضها من معوقات أو عقبات باعتبارها ذراعاً تنفيذية قوية لهيئة الأوقاف المصرية، كما تم التأكيد على إعادة النظر والدراسة الجادة والتوظيف الاستثمارى الأمثل لجميع أملاك الأوقاف بما يحقق أفضل عائد استثمارى لمال الوقف، على أن تكون اجتماعات اللجنة فى هذه المرحلة أسبوعية حتى تتمكن من القيام بمهامها فى أوقات قياسية. وسجلت اللجنة العديد من الإنجازات، حيث انتهت من حصر آلاف الأفدنة بالوجهين البحرى والقبلى، وعمل كتابى أطلس أحدهما لجميع أملاك الأوقاف فى الوجه البحرى وآخر للوجه القبلى، وعقب تشكيل اللجنة تم تعيين رئيس جديد لهيئة الأوقاف وهو الدكتور أحمد عبدالحافظ، الذى أعاد العمل فى العديد من المشروعات، وجاء لقاء رئيس الهيئة والدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف والرئيس عبدالفتاح السيسى ليكون إشارة انطلاق للعديد من المشروعات والبدء الحقيقى فى تنمية موارد الأوقاف وأصولها وتحسين استثمارها، حيث دفع الدكتور أحمد عبدالحافظ، رئيس الهيئة الجديد، الأمور لاسترداد 420 ألف فدان متنازع عليها مع محافظات الدقهلية، دمياط، كفر الشيخ، وإزالة 40 ألف حالة تعد على ممتلكات الوقف بالمحافظات، وانتزاع 15 مبنى وقطعة أوقاف خديوية باليونان، ومساجد أثرية ذات عائد سياحى بمصر، ومزارع الملك فاروق بالشرقية ومزرعة إنشاص، وإدارة وتنمية 160 ألف فدان زراعية منتجة، وإدارة وتنمية 120 ألف وحدة سكنية ووحدات إدارية وتجارية ومولات، ومراجعة تنفيذ الشركات 52 مشروعاً متنوعاً متعلقة بالأوقاف، وتنفيذ 10 تجمعات سكنية تنفذها الإسكان ومملوكة للأوقاف يطرحها الجانبان، و12 مشروع مبنى إدارى، وسكنى، ومولات تجارية بالراهبين بالمحلة الكبرى، وإعداد 5 مقرات زراعية فى كفر الجراية وفاقوس بالشرقية، والبصيلى ومحلة صا وشرنوب بالبحيرة، ومنافذ خدمات اجتماعية ومولات بـ3 مشاريع للهيئة بالمدن الجديدة، وسوق الخميس بالمطرية، ومشروع المركز الحضارى بمدينة 6 أكتوبر، ومشروع مدينة الزهور بالإسكندرية، ومشروع زهرة المعمورة الإسكندرية، ومشروع عمارة هرمل بكورنيش النيل، وعمارة جاردن سيتى بالقاهرة، ومشروع مول البستان بالوادى الجديد، ومدينة الحرفيين ببنى سويف، ومشروع عروس البحر بالبحر الأحمر، ومشروع مدينة الحرفيين الغردقة البحر الأحمر، مبنى سكنى تجارى ومركز تحفيظ قرآن ومحلات وجراج، و5 أدوار متكررة سكنية بمضيفة البدراوى بسمنود، وسوق ماقوسة المنيا 314 محلاً، ومشروع الصداقة «1» و«2» بأسوان بواقع 2760 وحدة سكنية، ومشروع الأحرار بالزقازيق، ومشروع جوهرة القصير بالبحر الأحمر، و2110 وحدات سكنية بمدينة السادات، و2484 وحدة سكنية بمدينة العاشر من رمضان، و1200 وحدة سكنية بمدينة بدر يجرى تسليمها قريباً، وإسكان وحدات الفردوس والنورس بسيدى بقنا، ومشروع سما أسوان بمحافظة أسوان، ومشروع عمارات العريش.


مواضيع متعلقة