مستحقو «الوحدات» يشكون تدنى مستوى التشطيب: «الدهان جير والسباكة ناقصة»

كتب: أحمد العميد

مستحقو «الوحدات» يشكون تدنى مستوى التشطيب: «الدهان جير والسباكة ناقصة»

مستحقو «الوحدات» يشكون تدنى مستوى التشطيب: «الدهان جير والسباكة ناقصة»

«احجز تسلم بس مش هتسكن لأن الشقة اتسرقت ومحتاجة كمان تشطيب».. إنه شعار الإسكان الاجتماعى من منطلق ما يقوله الواقع على أرض مدينة «بدر»، وهذا تماماً ما لم يكن عمرو محمد على المحامى يتوقعه رغم ترديد الكلام أمامه من زملاء كثيرين لهم وحدات بالمدينة.. كثيرون نصحوه بأن «يقف على التشطيبات» فى وحدته السكنية التى تقع فى البناية رقم 220 بحى «الياسمين» والتى تسلمها من شركة «المدائن»، لأن الشقق «أى كلام وتشطيبها ماحدش بيراقبه»، لكنه لم يصدق إلا ما رأت عيناه فيما بعد.

«فوجئت بحالة الشقة اللى متكسرة ومتبهدلة وأنا جاى أستلمها، لقيت الشبابيك متخلعة والسيراميك متبهدل ومش مظبوط، يعنى أصلاً محتاجة تشطيب تانى»، هكذا قال «عمرو»، مشيراً إلى أنه رفض تسلم وحدته السكنية وطالب الشركة بإجراء تعديلات على كافة التشطيبات، إلا أنه مر أكثر من شهرين دون أى جدوى، حتى أقدم على تقديم شكوى فى جهاز مدينة «بدر» بحالته وحصل على رقم لشكواه التى لم يبت فيها حتى الآن بعد مرور نحو شهرين، وذلك لكثرة الشكاوى المقدمة فى هذا الشأن، حسب قوله.

{long_qoute_1}

يضيف «على» أنه تردد خلال الفترة الماضية على الوحدة السكنية إلا أنه فى كل مرة يجد أدوات صحية تختفى من الشقة: «كل أما آجى ألاقى حاجة اتسرقت من الشقة خلاطات وحنفيات والدوش، وحتى المسترة بتاعة الحمام»، موضحاً أنه وجد فى وحدته السكنية آخر مرة زارها بعض المسروقات التى خُبّئت خلف باب شقته، حيث وجد عقب فتحه باب شقته جوالاً مغلقاً وبداخله «نجفة»، مبدياً استنكاره لتحول شقته لمخبأ للصوص الذين يسرقون ويخزنون فى شقته إلى حين نقل المسروقات إلى مكان آخر: «يعنى أفتح ألاقى شوال مقفول ومربوط ومتخبى ورا الباب، يعنى شقتى عبارة عن مكان بيتخزن فيه مسروقات، وكمان الحرامى غبى نسى ياخدها أو ممكن يكون نسى هو كان شايلها فى أنهى شقة».

ويشير «على» إلى أنه كان يرتب أن ينقل سكنه إلى «بدر» خلال هذا العام، إلا أن سوء التشطيب وحالات السرقة التى تحدث أجلت نقل سكنه إلى «بدر»، رغم أنه فى حاجة ماسة إلى نقل مسكنه، حيث له أعمال كثيرة داخل مدينة الشروق القريبة من مدينة بدر، مستنكراً بطء الإجراءات فى تجديد وحدته السكنية رغم تقديمه الشكوى اللازمة لهذه الحالة، بل إن الأمور تزداد سوءاً وإهمالاً، حيث لا تزال وحدته السكنية بحالتها ليس بها أى تعديلات أو تركيب الأدوات الصحية والأبواب والنوافذ، مشيراً إلى أنه يتلقى نصائح من جيرانه بتسلم وحدته على حالها لأن شكواه لن تجدى نفعاً وأن يقبل بالأمر الواقع الذى يعانيه متسلمو وحدات الإسكان الاجتماعى فى مدينة بدر.

ويبدى «على» قلقه الشديد من البناية التى فيها وحدته السكنية لأنها هى نفس الشركة التى قامت بإنشاء الأساسات وأعمال البناء: «الوضع يخوف لما يكون التشطيب بالشكل ده يبقى ما نستبعدش إن يكون الأساسات والأعمدة فيها مشاكل وده خطر جداً، ما بالك إن التشطيبات اللى المفروض هما يجملوها علشان الناس هى اللى هاتشوفها، بتتسلم بالشكل المهمل والردىء ده، ما بالك بالأساسات اللى ما حدش هايشوفها غيرهم عملوا فيها إيه»، مشيراً إلى أنه سيتقدم إلى النيابة للحصول على حقه والتحقيق فى عمل الشركة بعد عدم استجابتها للتعديلات المطلوبة والشكاوى التى قدمت فيها.

فى نفس الحى وعلى بعد نحو مائتى متر فقط، يقف أحمد صلاح الدين، 26 عاماً، موظف بوزارة العدل فى محكمة القاهرة الاقتصادية، أمام بناية يشوه بعض جنباتها رشح مياه أسفل بعض الشقق المسكونة بينما تظل بقية حوائط المبنى خالية من أى تشوهات، بالنسبة إليه حال المبنى الخارجى جيد جداً ولا يعكس رداءة الجودة بالداخل، حتى بعد ظهور رشح المياه وترك علامات بيضاء على جوانب المبنى.

قدم «صلاح» فى قرعة الإسكان الاجتماعى فى شهر أكتوبر من عام 2014 ليكون من الرابحين فى القرعة بوحدة سكنية له فى مدينة بدر، وواصل إجراءاته بانتظام وصل إلى تسديد الدفعة الكبيرة وتحدد له أن يدفع قسطاً شهرياً قيمته 620 جنيهاً مع زيادة سنوية على القسط حتى يصل إلى 1000 جنيه خلال 20 عاماً، وهى المدة المقرر أن يستمر فيها القسط.

سعد الشاب العشرينى بعش الزوجية الذى راح يعاينه ويوقع على محضر تسلمه فى الشهر الأخير من عام 2016 إلا أن فرحته تحولت إلى صدمة، فالشقة التى كان يعتقد أنها تنتظر أثاث منزله بدت أمامه شقة لا تصلح لأن يعيش فيها إلا بعد تشطيبها من جديد.

فوجئ «صلاح الدين» بأن حالة الشقة «متردية»، دهاناتها غير مكتملة، حيث إن الملابس تتسخ بمجرد ملامسة الحائط لأن نوع الدهان عبارة عن جير خفيف، كما أن الحوائط متعرجة وغير مستوية، بالإضافة إلى السيراميك الذى يشعر حين يلامسه ببعض الفراغات أسفله: «دهانات الحيطة بالجير توسخ هدومك لو لمستها يبقى إزاى تفرش وتعيش، وفقاً للعقد الوحدة لازم تكون كاملة التشطيب لكن فى الحقيقة الشقة مش متشطبة وتحتاج لتشطيب من جديد»، مشيراً إلى أن الشقة يبلغ ثمنها نحو 250 ألف جنيه لكنها ستحتاج إلى أكثر من 50 ألفاً أخرى لمعالجة أخطاء شركة المقاولات التى تقوم بتنفيذ المشروع، ما يعنى أن الشقة ستكون قيمتها أكثر من 300 ألف جنيه لمساحة أقل من 70 متراً، منتقداً الطريقة التى تسلم بها شركة المقاولات المشروع.

ويشير «صلاح الدين» إلى أن المشروع فور افتتاحه وحضور المسئولين لم يظهر على بناياته أى مشكلات، لأن السكان لم يكونوا قد حضروا ولم يفتحوا صنابير المياه لتظهر عيوب البنايات وتسليم المشروع من قبل الشركات، حيث إن المظهر الخارجى كان جيداً عبر طلائه بألوان موحدة ومنتظمة، لكن بعد حضور عدد من السكان وبدء نشاطهم اليومى ظهرت أسفل كل وحدة سُكنت رتوش بيضاء نتيجة رشح المياه، ومع زيارة أى مسئول تقوم الشركة بطلاء هذه الرتوش أو الشروخ البسيطة الموجودة فى بعض جوانب البنايات، موضحاً أنه تسلم شقته لعدم جدوى الشكاوى، حيث كانت هناك تجارب من أصدقائه نصحوه بأن يتسلم شقته على حالها ويرضخ للأمر الواقع، وحتى بعد تسلمه الشقة فوجئ بسرقة محتوياتها من أدوات صحية وزجاج ونوافذ، متعجباً من أن السرقة لم تتم إلا بعد توقيعه على محضر التسلم.

ويتابع: «اخترت مدينة بدر لأنها مدينة جديدة وتصميمها رائع وسيكون خالياً من أى عشوائيات وهو مشروع رائع وجيد والحكومة كانت موفقة فى قرارها بإنشاء هذا المشروع العملاق، لكن إهمال الشركات المنفذة وعدم وجود رقابة يفسد فرحة الناس بالشقق وبالمشروع الكبير»، مشيراً إلى أن أحد أصدقائه أحضر «سباكاً» لكنه أخبره بأن أعمال «السباكة» غير صالحة تماماً ويجب تغييرها وقام بتغيير كل المواسير الخارجية، وصديق آخر زار وحدته السكنية وفوجئ بأن الخفير المكلف بحراسة المبنى مقيم داخل الشقة، ونماذج أخرى لدى أصدقائه تعكس حالة التردى والإهمال الشديد لدى الشركة المنفذة للمشروع فى تعاملها مع أصحاب الوحدات السكنية.

ويشير «صلاح الدين» إلى أن حالات السرقة لوحدات الإسكان الاجتماعى حتى لو كانت بسيطة تتلخص فى الأدوات الصحية والنوافذ ومواد التشطيب، تسبب القلق حيال الوضع الأمنى بالمدينة، إلى جانب أنها تثير تخوفات من الحضور والسكن فى موقع تنتشر فيه السرقات: «طبعاً السرقة دى تخلينى قلقان أتجوز وأسيب زوجتى لوحدها طول النهار، فعلاً قلقان أعيش فى المدينة بالشكل ده».

على الجانب الآخر وعند حى النرجس، يحمل محمود الكومى، 29 عاماً، المواسير وبعض الأدوات الصحية ويسير برفقة صديقه الذى أتى ليعاونه على إحلال وتجديد تشطيبات وحدته السكنية التى حصل عليها، وتفاجأ بأن عليه أعمال تشطيب كاملة بعد أن وجد وحدته لا تصلح لنقل أثاثه والسكن فيها.

الشاب الذى يعمل إخصائى مساحة فى شركة مقاولات، لم يجد شيئاً داخل وحدته إلا ويحتاج إلى تغيير، فقد قام بتغيير دهانات الحوائط، ثم يقوم حالياً بإزالة ما تبقى من صنابير و«خلاطات» وأدوات صحية، مشيراً إلى أنه أنفق 8 آلاف جنيه حتى الآن لتعديل ما تركته الشركة المنفذة من إهمال داخل وحدته السكنية، وأن شقته تحتاج إلى الكثير من التكاليف الأخرى: «مصاريف وبهدلة وشيل رمل وحط، وهنا علشان تجيب نقلة رملة وتطلعها علشان تجدد السيراميك محتاج ألفين جنيه بس علشان الرمل، ده غير الأسمنت والصنايعية اللى مش بنلاقيهم علشان أغلبهم شغال فى العاصمة الإدارية الجديدة».

ويقول عمرو بكرى، 28 عاماً، إنه فور ذهابه لتسلم شقته عثر على قطع سيراميك مكسورة فى الأرض إلى جانب بعض التعديلات الأخرى فى الشقة: «طلبت شركة المدائن منى مهلة مدتها شهر لإجراء التعديلات اللازمة، لكن بعد ما فات الشهر رحت الشقة لقيت بابها مفتوح واللى فيها اتسرق»، مضيفاً: «رُحت لقيت الباب مفتوح والكالون مسروق والحنفيات مسروقة نزلت زعقت لهم قالوا لى طيب هانصرفلك الحنفيات والخلاطات اللى اتسرقت، ولقيت واحد بيقول لواحد اطلع هات خلاطات بتاعة الشقة الفلانية، يعنى هما اللى بياخدوا الحاجة من الشقق بعد ما تتسلم علشان يمشوا أمورهم».

ويُجمع عدد من سكان الوحدات على أن حالات السرقة تكون غالباً للوحدات التى تم توقيع تسلمها من قبل أصحابها، بينما الوحدات التى لم يجر تسليمها لم تتم سرقتها.

من جهته، يقول تامر النمس، عضو مجلس أمناء مدينة بدر، وهو جيولوجى يعمل بشركة بترول خليج السويس، إن غالبية سكان وحدات الإسكان الاجتماعى ومن يحضر لتسلم وحدته، يشتكون بشكل مستمر من الشركات التى تسلم المواطنين الشقق، مشيراً إلى أن الشركتين اللتين تعملان فى مشروع الإسكان الاجتماعى ويصدر منهما شكاوى مستمرة هما شركتا «المدائن» و«أسيك»، وأن الشقة ما هى إلا اسم وليست فعلاً واقعاً، موضحاً أن المرحلة الأولى يشرف عليها جهاز مدينة بدر وتتولى تنفيذها شركة المدائن، والمرحلة الثانية كانت تشرف عليها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهى المرحلة التى تخلو من المشاكل تقريباً لجدية الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وإشرافها على المشروعات، وأن المرحلة الثالثة تشرف عليها هيئة المجتمعات العمرانية، وحتى الآن لم يتم تسليم أى من وحداتها.

مواطن يشير إلى «حنفيات» مسروقة من داخل وحدته


مواضيع متعلقة