هطالة الدرر فى اليوم العالمى للغة العربية

حسين القاضى

حسين القاضى

كاتب صحفي

الاحتفال باليوم العالمى للغة العربية يأتى يوم 18 ديسمبر لكونه اليوم الذى أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 عام 1973، والذى يقر بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل فى الأمم المتحدة، واللغة العربية هى لغة القرآن الكريم، وتعددت فروعها، ومن أهمية النطق الصحيح بها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يخطئ فى اللغة، فقال: «أرشدوا أخاكم فقد ضل»، فسمى اللحن فى اللغة ضلالاً، وقال رجل لسعيد بن عبدالملك: «تأمرنى بشياء؟!»، قال نعم؛ بتقوى الله وإسقاط هذه الألف، وبهذه المناسبة أقدم بعضاً من الفوائد التى قد تكون غير معروفة لدى بعض الناس:

- يقولون: فلان مثل يُحتذى به، وهذا خطأ، بل الصواب أن تقول: يُحتذى من غير (به)، لأن الفعل يحتذى لا يتعدى إلى الجار والمجرور، لكن لك أن تقول: يُقتدى به.

- لا تقل: نُبذة مختصرة بضم النون، بل قل: (نَبذة) بفتح النون، وقل: فِهرِس الكتاب بكسر الفاء والراء، وقل: الفَهم بفتح الفاء وليس كسرها، وقل: قَبول بفتح القاف وليس ضمها.

- ومن الألغاز المشهورة ما ذكره السيوطى فى «الفلك المشحون» أن أبا يوسف -الفقيه الكبير صاحب أبى حنيفة- قال للكسائى -إمام النحو واللغة فى عصره- لو تفقهت لكان خيراً لك من النحو، فقال له الكسائى: بل الفقه لا يتم إلا بالنحو، فقال له أبويوسف: كيف؟ قال الكسائى: لو أن رجلاً اعترف على نفسه بأن فلاناً له عنده مائة درهم إلا عشرة دراهم، إلا درهماً.. كم ثبت بهذه الاعتراف؟ فقال أبويوسف: تسعة وثمانون درهماً، فقال الكسائى: أخطأت، لأن الله يقول: «قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ»، فهل المرأة مستثناة من القوم أم من الآل؟ قال أبويوسف: من الآل، قال الكسائى: إذاً أقر على نفسه بإحدى وتسعين درهماً وليس بتسعة وثمانين درهماً.

- بعض طلبة الماجستير والدكتوراه يستخدمون ضمير المفرد فى كلامهم: (قلتُ - رأيتُ - توصلتُ - أعتقدُ - أرى.. إلخ) ويعتبرون ذلك من باب التواضع، لكن الأبلغ فى التواضع والتأدب استخدام ضمير الجمع: (قلنا - نعتقد - نرى - توصلنا.. إلخ) لأن استخدام ضمير الجمع تقليد عربى أصيل فى صيغة التكلم من صيغ الكلام، ثم لأنه هو الاستعمال المتعارف عليه فى المقال العلمى والتأليف الأكاديمى، فضلاً عن أنه يفيد معنى «المشاركة» و«القرب»، إذ يجعل المتكلم ناطقاً باسمه وباسم غيره، ولا غير أقرب إليه من المخاطب، كأن المخاطب عالم بما يخبره به المتكلم ومشارك له فيه، فيكون ضمير الجمع -من هذه الجهة- أبلغ فى الدلالة على التأدب والتواضع من صيغة المفرد، وليس فى صيغة الجمع أى دلالة إطلاقاً على تعظيم الذات ولا على الإعجاب بالنفس.. انظر: اللسان والميزان أو التكوثر العقلى، لطه عبدالرحمن.

- يخطئ البعض بإضافة الألف بعد جمع المذكر السالم عند الإضافة، فيقول: مسلموا مكة، مهاجروا المدينة، والصواب حذفها، فتقول: مسلمو ومهاجرو من غير الألف.

- من الخطأ تكرار كلمة «كلما» فى الجملة الواحدة، فلا تقل: كلما جئتنى كلما أكرمتك، بل قل: كلما جئتنى أكرمتك.

- هناك كلمات ممنوعة من الصرف لأنها على صيغة منتهى الجموع، ويتوهم البعض أنها مصروفة: (مواد - مفاعل - مهام - خواص - مقار - دواب - شواذ - عوام).

- الاسم المنقوص المختوم بياء مثل: محام، قاض، مقاه، أغان، تحذف ياؤه (فى حالتى الرفع والجر) ويعوض عنها بتنوين كسر، إلا إذا سبق بـ(ال) التعريف. مثل: القاضى، المحامى، المقاهى، أو كان مضافاً، مثل: محامى النقض، وتسالى الأطفال، وأغانى الحفلة، ومن الخطأ أن تقول: مقاهى، محامى، قاضى، تسالى، العمل جارى، والصواب أن تقول: مقاهٍ، قاضٍ، محامٍ، تسالٍ، العمل جارٍ.