«التأمين الصحي» بالسويس.. تهالك الطوارئ وعجز بالأطباء و«كله بالتليفون»

كتب: محمد مقلد

«التأمين الصحي» بالسويس.. تهالك الطوارئ وعجز بالأطباء و«كله بالتليفون»

«التأمين الصحي» بالسويس.. تهالك الطوارئ وعجز بالأطباء و«كله بالتليفون»

"الجودة الشاملة" شعار رفعته مستشفى التأمين الصحي بالسويس، عبر لافتات انتشرت في أرجاء المبنى وعلى أبواب الأقسام بالمستشفى رغم الحالة المتردية التي تعاني منها المنشأة، إلى جانب المعاناة التي يعيشها المرضى بسبب نقص الإمكانيات وعجز الأطباء فضلا عن عدم تواجد الاستشاريين في المستشفى.

وزير الصحة أصدر قرارًا رقم 465 لسنة 2017، قضي بأن تكون المستشفى من ضمن مستشفيات الإحالة، وهي المستشفيات المجهزة لاستقبال الحوادث الكبرى التي تصل إلى حد الكوارث، واشترطت المادة الثانية للقرار، أن تكون مستشفيات الإحالة من المستشفيات التي تحتوي على كوادر طبية وأجهزة متطورة في تخصصات المخ والأعصاب والأوعية الدموية والجراحة سواء عامة أو جراحة العظام، بجانب توفر عناية مركزة مجهزة بعدد مناسب من الأسرة وأجهزة التنفس الصناعي.

{long_qoute_1}

الحقيقة على أرض الواقع داخل المستشفى تخالف ذلك تمامًا، فقسم الطوارئ تحول إلى منطقة عشوائية تكتظ بالمواطنين، مع تهالك الأسرة وصغر حجم غرفة الطوارئ، التي لا تستوعب عدد الحالات التي تتردد على المستشفى، رغم كون أغبلها حالات خطيرة للغاية، لدرجة أن المرضى كبار السن ينتظرون لأكثر من ساعتين على كراسي متحركة حتى يأتي دورهم، ما يؤدى إلى نشوب مشاجرات ومشادات بين الأطباء وأهالي المرضى، وهو ما حدث ليلة أمس، بين أسرة مريض وبعض الأطباء من صغار السن.

لم تتوقف الحالة المتردية للمستشفى عند هذا الحد، فلايلتزم جميع الأطباء بالحضور، وغرف الجراحة غير آدمية، فالأسرة ممزقة وآثار الدماء لاتفارق الادوات الطبية المستخدمة وأرضيات حجرة الكشف، ما يهدد بنقل العدوى من مريض لآخر، الأخطر من ذلك أن عمليات الكشف والمتابعة على المرضى تتم بشكل بدائي وعشوائي.

خطوات المتابعة مع المرضى بالمستشفى، تتلخص فى أن يدخل المريض لقسم الطوارئ ليستقبله أطباء امتياز، يجري أحدهم كشفًا على المريض ثم يستخدم هاتفه المحمول يهاتف الطبيب الاستشاري المتعاقد مع المستشفى، وعبر الهاتف يتم إجراء التحاليل أو الأشعة أو ما تتطلبه الحالة المرضية للمريض، ما يستغرق وقتا طويلا، إلى أن يتم عرض نتائج هذه التحاليل على الطبيب عبر الهاتف أيضًا، حيث تستغرق تلك الإجراءات الهاتفية أكثر من 3 ساعات، وفي النهاية يكون رد الاستشاري لمعظم المرضى بتحويلهم للكشف في العيادات الخارجية.

{left_qoute_1}

"الوطن"، رصدت حالتين من بينهما حالة لطفل يدعى أحمد محمود، 8 أعوام، كان يعاني من نزيف بفتحة الشرج وحالته الصحية متأخرة، قصدت والدته قسم الطوارئ، وحينها تواصل طبيب الامتياز مع الطبيب الاستشاري الدكتور محمد نصر المتخصص في الجراحة والمقيم بالقاهرة، لمتابعة حالة الطفل معه عبر الهاتف، وطلب الاستشاري إجراء تحاليل للطفل وبعد خروج النتيجة، تم التواصل معه عبر الهاتف أيضاً، وطلب إبلاغ والدة الطفل بالتوجه للعيادات الخارجية في اليوم الثاني للكشف عليه رغم النزيف الذي كان يعانيه الطفل، واستغرقت تلك الإجراءات 4 ساعات بدأت من الساعة السابعة مساءً حتى الحادية عشرة مساء.

{left_qoute_2}

أما الحالة الثانية، فكانت لعجوز يدعى "عبدالرحمن"، ويبلغ من العمر 73 عامًا، أحضرته أسرته على كرسي متحرك للمستشفى لتأخر حالته الصحية، وظل المريض منتظرًا حضور طبيب الأوعية الدموية دون جدوى، وبدأت عملية الكشف الطبي عليه عن طريق الهاتف -كالعادة- إلا أن الطبيب الاستشاري لم يجب على هاتفه وظل المريض منتظرًا رد الاستشاري لمدة 3 ساعات.

{long_qoute_2}

طبيب داخل المستشفى، رفض ذكر اسمه، أكد لـ"الوطن"، أن السبب الرئيسي في استخدام الهاتف للكشف على المرضى ومتابعة حالتهم الصحية، أن جميع الأطباء الاستشاريين ليسوا من محافظة السويس، ويتم التعاقد معهم للعمل بمقابل مادي، حيث تقدر قيمة اليوم الواحد بمبلغ 260 جنيهًا، وجميعهم أطباء كبار ولديهم عيادات خارجية، تصل قيمة الكشف الواحد فيها إلى 250 و300 جنيه: "هل سيترك الطبيب عيادته ليأتي للمستشفى مقابل الحصول على ملاليم؟".

وأضاف الطبيب، أن هناك عجز صارخ في التخصصات المهمة داخل مستشفى التأمين الصحي، من بينها تخصص الأوعية الدموية والجراحة العامة والمخ والأعصاب والقلب وجميعها تخصصات هامة جدًا، حيث يتردد على المستشفى العديد من المرضى يعانون من تلك الأمراض ومن بينها حالات خطيرة للغاية يكون مصيرها الوفاة لعدم توافر الطبيب الاستشاري، مؤكدا أن قلة الإمكانيات هي السبب الرئيسي فى عدم تقديم خدمة مميزة للمرضى، فهناك عجز فى عمالة النظافة وسبق وأن طالبت إدارة المستشفى الوزارة بالتعاقد مع عمال نظافة لتنظيف الغرف دون جدوى.

الدكتور محمد حواش، مدير مستشفى التأمين الصحي بالسويس، قال إن قرار وزير الصحة بتحويل مستشفى التأمين الصحي وحدها لمستشفى إحالة، فيه ظلم واضح للمستشفى فقوة مستشفى التأمين 100 سرير فقط، بينما قوة مستشفى السويس العام 365 سريرًا، والتأمين الصحي بالسويس يخدم 450 ألف مواطن، متسائلا: "فكيف تستوعب المستشفى الأعداد التي تتردد عليها يوميًا"، وأشار إلى أن ضم مستشفى السويس العام كمستشفى إحالة مع مستشفى التأمين، ضرورة ملحة لاستيعاب أعداد المصابين في الحوادث المختلفة، لاسيما وأن السويس تضم 4 محاور رئيسية من الطرق، والحوادث متكررة بشكل يومي وكل ذلك يمثل عبئ على مستشفى التأمين وحدها.

{long_qoute_3}

وأضاف "حواش"، أن استخدام الهاتف المحمول لمتابعة حالة المرضى أمر طبيعي، فالطبيب الاستشاري يتواجد بالمستشفى حتى عصر كل يوم ثم يغادر المستشفى ويتم استدعائه في الحالات الحرجة، وعند دخول أي مريض المستشفى لابد من تحديد ما يعاني منه فيقوم الطبيب المنوب بالاتصال بالاستشاري ومتابعة الحالة معه على الهاتف، وإذا استدعت الحالة تواجده سيتواجد على الفور دون تردد، مشيرًا إلى أن المستشفى قوتها 120 طبيبًا من بينهم 70 طبيبًا بنظام التعاقد اليومي والباقي أطباء مقيمين ونواب، وكشف "حواش" أن لديه عجز واضح في قسم التمريض وعمال النظافة، مشيرًا إلى أن الوزارة وعدت بزيادة الأعداد، لاسيما وأن المستشفى تضم 167 فردًا فقط في قسم التمريض وهي تحتاج على الأقل 300 فرد للعمل بالتمريض.

ولفت "حواش"، إلى أن بعض الإمكانيات بالمستشفى تحتاج لإعادة نظر، من بينها أن المستشفى يضم 8 غرف للعناية المركزة فقط رغم أن استيعاب جميع الحالات المترددة على المستشفى يحتاج إلى ضعف هذا العدد، مشيرًا إلى أن المستشفى أجرت خلال شهر واحد فقط 430 عملية قسطرة قلب، وعندما تم بناؤها، كانت معدة لاستيعاب أعداد محددة من المرضى ولكن مع الزيادة السكانية، أصبحت إمكانيات المستشفى غير قادرة على استيعاب أعداد المرضى.


مواضيع متعلقة