خبير «نظم المعلومات الجغرافية»: يجب طرح مشاركة مصر فى إدارة «النهضة» وإلزام إثيوبيا بتعويضنا عن المياه المفقودة

كتب: أحمد عاطف

خبير «نظم المعلومات الجغرافية»: يجب طرح مشاركة مصر فى إدارة «النهضة» وإلزام إثيوبيا بتعويضنا عن المياه المفقودة

خبير «نظم المعلومات الجغرافية»: يجب طرح مشاركة مصر فى إدارة «النهضة» وإلزام إثيوبيا بتعويضنا عن المياه المفقودة

أكد الباحث أحمد كمال عبدالحميد، الخبير فى نظم المعلومات الجغرافية، أن عام 2018 هو الأخطر فى ملف سد النهضة الإثيوبى، إذ من المحتمل أن يبدأ تخزين المياه فى بحيرة السد مع فيضان النيل فى إثيوبيا العام المقبل. وأضاف، فى حواره لـ«الوطن»، أن رسالة الدكتوراه التى حاز بها درجة الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، جرى إعدادها باستخدام تقنيات حديثة وتحليل صور فضائية، وتقنيات الاستشعار عن بُعد، وذلك فى دراسة تطورات وتغيرات منطقة سد النهضة وتأثيرها على مصر. ولفت إلى أهمية الاستعداد من الآن لمخاطر اكتمال سد النهضة وكذلك مخاطر انهياره، بمشروعات مائية على الأرض داخل وخارج حدود مصر. وإلى نص الحوار:

{long_qoute_1}

ما الجديد فى رسالة الدكتوراه التى حظيت بتقدير مرتبة الشرف الأولى عن مثيلاتها من الرسائل التى ناقشت الموضوع نفسه؟

- رسالتى من أوائل الدراسات الأكاديمية التى تناولت التأثيرات البيئية لسد النهضة على بحيرة ناصر، وحرصت على استخدام التقنيات العلمية الحديثة لدراسة التغيرات التى تشهدها منطقة سد النهضة وبحيرته والسيناريوهات المحتملة للتخزين والجفاف فى المنابع الإثيوبية أو انهيار السد الإثيوبى ومدى تأثيرها على مصر، واستخلاص نتائج تسهم فى المسار الفنى والتفاوضى مع أديس أبابا، وتفادى الخطر المقبل حال استكمال بناء سد النهضة وفق سياسات ملء وتخزين تضر مصر.

ما تلك التقنيات التى اعتمدت عليها؟

- تم استخدام نظم المعلومات الجغرافية والنماذج الهيدرولوجية وتقنيات الاستشعار عن بُعد وتحليل بيانات المرئيات الفضائية المتنوعة، خاصة لمنطقة سد النهضة، نظراً لصعوبة الانتقال إليها، وساهمت هذه التقنيات فى تحليل ورصد التغيرات المكانية بمنطقة السد لمدة 30 عاماً منذ 1987 حتى 2017 والخروج بالصورة الحالية للواقع القائم هناك.

ما أهم المراجع التى استندت لها فى الرسالة وما مدة إعدادها؟

- استغرقت الدراسة 3 سنوات، وتم الاعتماد على المرئيات الفضائية المتنوعة التى تغطى منطقتَى سد النهضة وبحيرة ناصر كمصدر هام فى التحليل المكانى واستخدامات الأرض، وكذلك بيانات التعداد العام لإثيوبيا عامَى 1994 و2007 لتحليل الوضع السكانى والعمرانى بسد النهضة وبحيرته، إضافة لمراجع قديمة وحديثة تناولت حوض النيل الأزرق بإثيوبيا وبحيرة ناصر فى مصر، والتحليل الإحصائى لبيانات محطات قياس الأمطار المتاحة ما بين أعوام 1898 حتى 2007.

اعتباراً من اليوم.. ما المدة المتاحة والكافية للعمل على الأرض وتفادى خطر السد الإثيوبى فى كل الأحوال؟

- لا مشكلة فى الإمدادات الطبيعية لمياه النيل حتى موعد فيضان صيف 2018، والقلق سيكون فى حالة التخزين أمام السد إذا انتهى تشييده، ومازال أمامنا أقل من سنة تقريباً حتى الصيف المقبل ليبدأ التخزين الفعلى.

{long_qoute_2}

سد النهضة سيستغرق سنوات لملء بحيرة تخزينه.. هل بعد هذه المدة ستصل المياه لمصر بكمياتها السابقة؟

- النقطة الفنية المتعلقة بمدة سنوات الملء لم يحددها فريقا التفاوض المصرى والإثيوبى، والخلاف بشأنها ما زال قائماً، وبعد تحديدها يمكن تقدير نسبة وصول المياه بعد بناء السد، ولكن الدراسة تناولت السيناريوهات المحتملة لتخزين المياه أمام سد النهضة خلال فترات زمنية تمتد بين عامين و5 أعوام، وأوضحت أن السيناريو الأنسب الذى يقلل خسائر مصر المائية هو ألا تقل فترة ملء بحيرة سد النهضة عن 5 أعوام، وكلما طالت فترة التخزين عن ذلك كان أفضل. وستحتاج البحيرة نحو 25 عاماً حتى تصل لمناسيبها الطبيعية لما قبل التخزين أمام سد النهضة، وذلك فى حالة وصول حصة مصر المائية السنوية كما هو متفق عليه.

هل يمكن أن تعوّض بحيرة ناصر الفاقد الذى سيحتجزه سد النهضة خلال سنوات التخزين؟

- أى نقص فى كمية المياه الواردة لبحيرة ناصر من منابع النيل سيؤثر سلباً على مناسيب المياه بها، ووفقاً للسيناريوهات المحتملة بالدراسة يتضح أن منسوب 151٫5م فوق مستوى سطح البحر هو أقل منسوب ستصل إليه بحيرة ناصر فى نهاية فترات التخزين المحتملة، ما يعنى انخفاض منسوب بحيرة ناصر لنحو 23٫5م من منسوب 175م إلى 151٫5م وفقدها نحو 78 مليار م3 فى المتوسط خلال كل فترة تخزين.

متى سيظهر أثر تخزين المياه فى بحيرة «سد النهضة» على مصر.. وهل هناك اتفاق محدد لمعدل التخزين السنوى؟

- بعد سنة من بدء الملء والتخزين، سيظهر التأثير السلبى تدريجياً على مناسيب المياه فى بحيرة ناصر، وبالتالى على قطاعات اقتصادية متعددة أهمها السياحة النهرية والكهرباء والزراعة، وحتى الآن لم يتم الاتفاق نهائياً على طريقة لتفادى تلك التأثيرات.

ما النصائح العاجلة التى يمكن من خلالها تفادى ذلك الخطر القريب على مصر؟

- هناك حلول وخطوات يمكن البدء بها، فى ظل تفاقم أزمة سد النهضة، وأقترح هنا تطوير وسائل تحلية مياه البحر خاصة باستخدام تقنيات النانوتكنولوجى، والتوجه نحو إقامة تجمعات عمرانية وسكانية جديدة بالقرب من البحرين الأحمر والمتوسط وتنمية القائمة منها، حيث الاعتماد على مياه البحر المحلاة هناك لتخفيف الضغط عن الاستهلاك المائى فى الوادى والدلتا، مع وضع سياسات مائية صارمة لتحسين نظم الرى وتحديثها لتقليل الفاقد، وتقنين الزراعات المستهلكة لكميات مياه كبيرة، وإعادة تأهيل وإحلال شبكات الترع والمصارف المكشوفة وتنفيذ برامج إحلال شبكات الصرف المغطى بالأراضى القديمة لرفع كفاءة توزيع مياه الرى، وإمداد القرى بشبكات ومحطات الصرف الصحى للحد من انتشار التلوث بالمجارى المائية بما يزيد من فرص تدوير مياه الصرف الزراعى واستخدامها فى الرى.

كيف يمكن تعويض حصة مصر التى ستذهب لصالح التخزين فى سد النهضة؟

- للأسف المياه التى سيتم استقطاعها من حصة مصر المائية ستؤثر سلباً على الأمن المائى ويصعب تعويضها خلال فترة ملء البحيرة بإثيوبيا، لذلك يمكن لمصر، بالتفاوض، التحرك فى أكثر من اتجاه، منها طرح المشاركة فى إدارة سد النهضة ووجود بعثة فنية قرب موقع السد، وإلزام إثيوبيا بتعويض مصر عن حصص المياه التى ستفقدها خلال فترة ملء بحيرة سد النهضة، وتوجه مصر نحو التنمية فى جنوب السودان والتعاون مع دول منابع حوض النيل الاستوائية لاستقطاب الفواقد المائية هناك، حيث يفقد النيل هناك سنوياً نحو 35 مليار م3 من المياه، وإعادة استكمال حفر قناة «جونجلى» وحفر قناة لتجميع مياه أنهار النطاق الشمالى لبحر الغزال، وإنشاء مشروعات تنموية ومائية بتلك الدول، ويُعد مشروع سد «واو» أحد هذه المشروعات، وهو أول سد فى جنوب السودان بعد 5 سنوات من العمل بواسطة خبراء الرى بمصر.

أحمد كمال خلال حواره مع «الوطن»


مواضيع متعلقة