عمرو خالد.. الداعية الجيولوجى!

وائل لطفى

وائل لطفى

كاتب صحفي

أسوأ ما فعله الداعية عمرو خالد ورفاقه أنهم حوَّلوا الدين من رسالة إلى سلعة، فى كل يوم يقدح الداعية زناد فكره ليجيب عن السؤال: ما الذى يمكن أن أبيعه للناس اليوم؟.. ما الذى يضمن لى استمرار تدفق الملايين التى أحصل عليها من القنوات الفضائية؟

يتحرك الدعاة الجدد وعلى رأسهم عمرو خالد فى نطاق عدد من هذه الموضوعات مثل الرقائق، وقصص الصحابة، والمراحل المختلفة فى حياة الرسول.. وهى كلها موضوعات تجمع بين الطابع الدينى ووجود جانب درامى مُسلٍّ ومؤثر.. إلى جانب هذه الموضوعات كان موضوع الإعجاز العلمى فى القرآن.. وكان يختص به الداعية الإخوانى زغلول النجار.. وكان أستاذاً للعلوم، وكان هناك أيضاً موضوع الإعجاز الطبى فى القرآن والسنة، وكان يختص به د. عبدالباسط عبدالمعطى، وكان باحثاً فى المركز القومى للبحوث.. لأسباب عمرية اختفى كلا الباحثين، فقرر عمرو خالد وهو خريج كلية التجارة أن يتحول إلى داعية إعجازى!

فى برنامجه الجديد قرر عمرو خالد أن يكشف للناس أسرار الإعجاز العلمى فى القرآن!

قال إن القرآن الكريم سبق أينشتين بثلاثة عشر عاماً كاملة فى الكشف عن مصدر الجاذبية وكيف أنها موجودة فى السماء وليس فى الأرض كما ظن نيوتن!.. أما دليل عمرو خالد على صحة نظريته فهو أن الله سبحانه وتعالى قال فى محكم كتابه «والسماء ذات الرجع»!

ولَم يكن هذا هو الاكتشاف العلمى الوحيد الذى ساقه عمرو خالد لمشاهديه.. ذلك أنه يقول إن القرآن اكتشف معجزة أخرى حين قال سبحانه وتعالى «والأرض ذات الصدع».. ذلك أن هناك مزاراً سياحياً فى آيسلندا عبارة عن صدع كبير فى الأرض تم اكتشافه بعد نزول القرآن بعشرة قرون..!

إننى لا أبالغ إذا قلت إن ما يقوله عمرو خالد يتجاوز مرحلة التفاهة بكثير إلى مرحلة النصب ومحاولة خداع الجماهير، وهو بما يقوله يرسخ لثقافة تخدير الجماهير العربية والمسلمة وتنويمها حضارياً.. ذلك أن ثقافة الإعجاز العلمى لم تكن عبر التاريخ إلا نتاجاً لنفوذ النفط الثقافى، وهى لم تكن سوى محاولة لخداع الناس إذ كانت تتجاهل الإجابة عن سؤال «لماذا يتفوق علينا الغرب؟»، لتقفز لسؤال «بماذا يتفوق علينا الغرب؟»، وكانت إجابة السؤال الثانى أن الغرب يتفوق علينا بالعلم.. لذلك اجتهد دعاة الإعجاز العلمى ليثبتوا أن العلم موجود لدينا منذ سنين وأنه راقد فى أعماق الآيات التى أبداً لم ننتبه لها.. لذلك فنحن لسنا أبداً فى حاجة للعلم ولا للاجتهاد ولا للبحث ولا الديمقراطية.. نحن فقط فى حاجة لأن نحصل على نصيبنا من عائدات النفط وأن نطيع ولى الأمر!

إن ما يحاول عمرو خالد أن يروجه الآن ليس سوى نفاية من نفايات الثقافة النفطية الوهابية التى ألقاها أصحابها فى سلة النفايات الفكرية، فإذا بعمرو خالد يلتقطها ويحاول أن يبيعها لنا..

إننى لن أنجر إلى الرد التفصيلى على ذلك الكلام التافه الذى قاله عمرو خالد، والذى يكشف عن جهل فاضح بمفردات اللغة العربية، وبتفاسير الآيات، وبحقائق العلم معاً، فضلاً عن جهل بيّن بحقائق الحضارات والعالم قبل ظهور الإسلام.. إننى أطلب شهادة عمداء كليات العلوم والفضاء والجيولوجيا فى جامعات مصر المختلفة فى ذلك التخريف الذى يقوله عمرو خالد.. وأعتبر أن هذا المقال بلاغ أتهمه فيه بالنصب العلمى أو على الأقل بالحديث بغير علم.