الأم تريزا.. عطاء ورهبنة بمذاق المحبة اللامتناهي

كتب: سارة سعيد

الأم تريزا.. عطاء ورهبنة بمذاق المحبة اللامتناهي

الأم تريزا.. عطاء ورهبنة بمذاق المحبة اللامتناهي

"إذا شعر أحدُنا بأنَّه مدعوٌّ للتجديد في المجتمع، فهذا أمرٌ يعنيه ويعني علاقته الخاصة بالله، فمفروض علينا أن نخدم الله حيث يدعونا. أما بالنسبة لي، فإنني أشعر أني مدعوة لخدمة كل إنسان ولمحبته بطريقة خاصة به حسب حاجاته". هكذا عاشت الأم تريزا، الممرضة والراهبة، حياتها في خدمة الأطفال والمرضى والمحتاجين، حتى لُقِّبت بـ"أم الفقراء"، واحتفلت الراهبات الكاثوليكيات اليوم بذكرى ميلادها الـ103 في كالكتا. وُلدت الأم تريزا في قرية سوكجية، وكان اسمها الأصلي "آجنيس جونكزا بوجاكسيو". تعلمت في مدرسة لليسوعيين للرهبنة اليسوعية اليوغسلافية، وتوفي والدها وهي في العاشرة من عمرها، فازداد إيمانها أكثر، وأُرسلت إلى دبلن في إيرلندا للدراسة والتأهيل الديني، ثم ذهبت للعمل في دير لوريتو عام 1929، وترهبنت تحت اسم الأخت تريزا عام 1931، ونذرت نفسها لخدمة الله في أولاده المرضى والمحتاجين منذ 1937. بدأت الأم تريزا رحلة رهبنتها بالعناية بالأطفال المهمشين والمهملين، وخلعت زي الرهبنة وارتدت الساري الهندي بلونه الأبيض وخطه الأزرق وإشارة الصليب على كتفها الأيسر، ثم توجهت إلى دير الرهبنة الأمريكية، لكن لم تُرضِ توجهاتها مسؤولي الدير، إلا أنها اعتمدت على ذاتها حتى جاءتها معونات من متبرعين، فأسست جمعيتها لراهبات المحبة عام 1950، واهتمت فيها بالأطفال المشردين والعجزة. لم تقتصر دائرة الأم تريزا على الأطفال والعجزة فقط، بل امتدت لتهتم بالمجذومين، ثم أسست جمعية "أخوة المحبة" عام 1963 للرهبان، كما اهتمت بالمنكوبين في الحبشة واعتنت بهم وأنقذتهم من الجوع والتشرد، ولم يشغلها المال أبدا أو التبرعات، وكثيرا ما كانت ترفضها وتصر على المشاركة والمساعدة الشخصية. في أيامها الأخيرة، حولت جزءا من معبد كالي بكالكوتا في الهند إلى منزل لرعاية المصابين بالأمراض غير القابلة للشفاء والعناية بهم، لتضمن لهم أن يموتوا بكرامة بدلا من الشعور بالرفض أو الإحساس بالعطف من الآخرين، كما أنشأت عدة مؤسسات مثل "القلب النقي" للمرضى المزمنين، و"مدينة السلام" لإيواء المنبوذين لإصابتهم بأمراض معينة، وأنشأت أول مأوى للأيتام، إلى جانب مئات البيوت في كل أنحاء الهند لرعاية الفقراء. حصلت "أم الفقراء" على جائزة نوبل للسلام عام 1979، وقالت حينذاك إن مهمة الرهبنة الأصلية هي العناية بالجائعين والعراة والمشردين والعاجزين والعميان والمنبوذين والمحرومين، كما منحها البابا بولس الثاني عام 1965 الإذن بالتوسع في رسالتها حول العالم وعدم الاقتصار على الهند فقط، فعملت في إثيوبيا وجنوب إفريقيا وألبانيا مسقط رأسها. من أعمالها التي سطَّرت تاريخها أنها استطاعت خلال اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 أن توقف إطلاق النيران حتى تم إنقاذ 37 طفلا مريضا كانوا محاصرين بالمستشفيات. بدأت صحة الأم تريزا في التدهور عام 1985، حيث أصيبت مرتين بالذبحة الصدرية وعانت من مرض الملاريا والتهاب الصدر، وتوفيت في كالكوتا في الخامس من سبتمبر عام 1997.