الدكتور على جمعة لـ«الوطن»: صيغة المادة الثانية من الدستور دقيقة و تحمى المجتمع المصرى

كتب: وائل فايز

الدكتور على جمعة لـ«الوطن»: صيغة المادة الثانية من الدستور دقيقة و تحمى المجتمع المصرى

الدكتور على جمعة لـ«الوطن»: صيغة المادة الثانية من الدستور دقيقة و تحمى المجتمع المصرى

مرحلة حرجة تمر بها مصر وسط خلافات بين التيارات السياسية خاصة تيار الإسلام السياسى، حول علاقة الدين بالدولة وصياغة الدستور الجديد، وفوضى الفتاوى التى نعيشها، عن كل هذه القضايا وغيرها كان هذا الحوار مع الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية، الذى طالب الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية بإجراء مصالحة وطنية شاملة مع كل قوى وأطياف المجتمع لتوحيد الصفوف، داعيا المصريين إلى الابتعاد عن الصراعات التى تفتت النسيج الوطنى فضلا عن إهدار الوقت فى أشياء غير ذى جدوى، وحذر من تصفية الحسابات مشيراً إلى أنها بوابة لتضييع الوقت وانهيار الوطن، ونوه إلى أن أعداء الوطن يتربصون به لبث روح الشحناء والتفرقة بيننا.[Quote_1] * كيف ترى مستقبل البلاد؟ - مصر فى طريقها إلى مستقبل واعد بإذن الله ولكن ما تعيشه الآن هو حالة مؤقتة وستعبرها بإذن الله تعالى على خير لأنه أمر طبيعى * وما المطلوب فى تلك المرحلة؟ - هذه المرحلة تتطلب المزيد من الأفكار والرؤى التى تساهم فى بناء مصر لا فى هدمها، وإذا كان هناك من يحاول بث بذور الفتن، والقلاقل بين أبناء الوطن الواحد من أجل أن يهدم هذا المستقبل فعلينا أن نفوت عليه الفرصة بتوحيد الصف والغاية، لأن أعداءنا يتربصون بنا وببلدنا ويحاولون التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، يجب ألا يشغلنا فى المرحلة المقبلة إلا العمل والبناء والتنمية فقط. * ما النصيحة التى توجهها للدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية؟ - أتمنى من الله تعالى أن يوفقه فى أن يكون رئيسا لكل المصريين وتحقيق لم شمل كل المصريين بكل اتجاهاتهم وأطيافهم، وأدعو الله تعالى أن يعينه فيما أقامه عليه، وأطالبه بأن يوحد صفوف المصريين جميعاً ويبدأ بعمل مصالحة وطنية شاملة بين كل التيارات وكافة القوى والأطياف الفاعلة وذلك من أجل إقامة دولة العدل والقانون. * كيف يقضى فضيلة المفتى شهر رمضان؟ - شهر رمضان هو شهر القرآن وشهر العبادة والذكر والصدقة وهو شهر الرحمة والمغفرة، وهو سيد الشهور كلها اختصه الله تعالى بالخير العظيم فأكثر فيه من الغفران ومحو السيئات، وإقالة العثرات، ورفع الدرجات ومضاعفة الحسنات، واستجابة الدعوات، ونجى فيه من النار كثيراً، وعم فيه الخير واليمن والبركات، وهو شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين، لذا علينا أن نستغل هذا الشهر الكريم فى العبادة والطاعة، وألا نهدر أوقاتنا فى أشياء غير ذى جدوى، بل يجب علينا أن نطلب فيه العلم ونجالس العلماء والصالحين، فشهر رمضان هو فرصة عظيمة علينا ألا نفوتها بل نغتنمها ونستفيد منها فى العلم والعبادة والطاعة لله تعالى فى كل شئون حياتنا. * متى ينوى فضيلة المفتى الاستراحة من عناء الإفتاء؟ - عالم الدين لا يتوقف عطاؤه فى خدمة دينه وأمته بعد أن يترك منصبه، ولا حتى بعد موته، فهو يترك علما ينتفع به الناس إلى يوم القيامة، وجهودنا لا تنقطع فى خدمة الإسلام والأمة الإسلامية فى الداخل والخارج ونصرة الدين ودعم المسلمين فى كل مكان لأن هذه مسئولية عظيمة اختص الله سبحانه وتعالى العلماء بها لا يمكن أن يتراجعوا عنها لأن هذه المسئولية ليست مرتبطة بمكان ولا زمان ولا منصب، إنما هى رسالة يجب أن تؤدى. * هل حققت كل ما تمنيته فى دار الإفتاء؟ - لله تعالى الفضل والمنة فيما حققناه، وفى الفترة الماضية وفقنا الله لجعل دار الإفتاء المصرية مؤسسة بمعنى كلمة مؤسسة علاوة على فصل المؤسسة عن الأشخاص، ولكى يتم تحويل العمل بأى مؤسسة من العمل الإدارى إلى العمل المؤسسى لا بد من عدة أشياء. * ما هذه الأشياء؟ - الاستفادة من إمكانات تلك المؤسسة فى الداخل والخارج بما يخدم الإسلام والمسلمين، وإنشاء الإدارات والأقسام المتخصصة علاوة على التعاون مع كافة المنظمات والهيئات العربية والإسلامية، ووضع الخطط المستقبلية التى تناسب المرحلة المقبلة وعدم اختزال المؤسسة فى الشخص، واستطاعت دار الإفتاء نقل خبراتها العلمية والإدارية مع تقديم كل أشكال الدعم لتلبية احتياجات المسلمين فى أنحاء العالم من خلال التعليم والتدريب والإرشاد فى المجالات الشرعية وإنشاء حلقات، وسبل للتواصل الدائم والمستمر بينها وبين المؤسسات الشرعية فى الدول الإسلامية والغربية من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية والوسطية المعتدلة والتصدى لأى محاولات لنشر الأفكار غير الصحيحة. * ما حكم زواج «ملك اليمين» الذى أثير مؤخرا على إحدى الفضائيات؟ وهل ترى أن لإثارة هذه القضية فى هذا التوقيت مدلولاً معيناً؟ - زواج «ملك اليمين» ليس بزواج بل هو زنى، ومن تأتى وتقول للرجل ملكتك نفسى وبعدها يعاشرها معاشرة الأزواج فقد وقعت فى الزنى، وهذا النوع من الزواج محرم شرعا ومن يقومون بهذا الإثم العظيم، يفترون على الله وعلى الإسلام وعلى المسلمين، ويغيرون المسميات، لأنهم يسمون الزنى بملك اليمين، ومن أتوا بمثل هذه الأفعال المشينة وألصقوها بالدين إنما أرادوا من ورائها إثارة البلبلة والتشويش على الناس فى دينهم، وهذا أمر ليس بالجديد فقد تعودنا عليه من أعداء الإسلام الذين حرصوا على حربه عبر العصور بكل الصور من تشويهات إلى شبهات وخلافه ونحن لا ننساق وراءه وما علينا هو أن نبين ونوضح. * لو سمحت الظروف لفضيلة المفتى بزيارة القدس بنفس الطريقة السابقة هل سيكررها؟ - نعم دون تأشيرة إسرائيلية لأنها ستجدد الفرصة مرة أخرى للصلاة فى المسجد الأقصى ونيل الثواب العظيم كما أنها ستعطينا فرصة جديدة لدعم أهل القدس والشعب الفلسطينى والمسجد الأقصى والتعرف على المعاناة الشديدة التى يتعرضون لها، إضافة إلى كونها دعوة لحث المسلمين على تقديم كافة أشكال الدعم للشعب المحتل والمحاصر، سواء كان هذا الدعم ماديا أو معنويا أو بأى طريقة أخرى، علاوة على السعى من أجل رفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطينى والمدينة المقدسة، لأن هذا هو واجب كل مسلم، ولذلك سألبى الزيارة إذا كانت بنفس طريقة الزيارة السابقة.[Quote_2] * هل أحزنك هجوم البعض على زيارتك؟ - ظهرت آراء متعددة حول الزيارة منها المؤيد ومنها المعارض، وهى فى النهاية آراء تعبر عن وجهة نظر أصحابها ولكل شخص وجهة نظره التى يجب علينا احترامها. * هل يوجد تعارض بين الدولة المدنية والشريعة الإسلامية .. وهل هى مناسبة الآن؟ - لا يوجد اختلاف بينهما بل هناك اتفاق، حيث تعبير الدولة المدنية هو اختراع مصرى 100% لا يختلف مع الشريعة الإسلامية على الرغم من عدم وجوده فى أدبيات الفلسفة الغربية فى علوم السياسة، الدولة المدنية عندما نتكلم عنها فى السياق المصرى نقصد بها الدولة الحديثة الوطنية التى تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. * إذن الدولة المدنية فى رأيكم أفضل نموذج للدولة العصرية؟ - الدولة المدنية تعتبر النموذج المثالى للدولة العصرية وهذا الأمر موجود منذ سنوات ولم يكن أمرا جديدا علينا ولم نستورده من الخارج، وفى هذا النموذج تكون الدولة دولة دستور ومؤسسات وبها مجلس شعب وقوانين، وتحتوى على هيكل قضائى وإدارى وبالتالى فنحن نتبنى نموذج الدولة المدنية التى تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، ولا تتعارض مع الحكم الإسلامى. * لكنك طالبت حزبى النور والأصالة والدعوة السلفية بالاعتراض على المادة الثانية من الدستور واستبدال كلمة «الشريعة» أو «الأحكام» بـ«مبادئ»، فما رأيك؟ - الشريعة بها نصوص ظنية وأخرى قطعية وصياغة المادة الثانية من دستور 71 التى تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع دقيقة وشديدة الحرفية وبالتالى فالمادة الثانية من الدستور تحمى المجتمع المصرى من أى أمور مخالفة للشرع فلا نجد تشريعا يسمح مثلا بالزنى أو الشذوذ الجنسى. * يتخوف البعض من تأثير بعض التيارات الدينية على دور المرأة فهل ترى أن دورها سيتراجع خلال الفترة المقبلة؟ - الإسلام أقر المساواة كمبدأ عام بين الناس جميعا وجعله مهيمناً تسرى روحه كدعامة لجميع ما سنه وقضى به نظام وأحكام تضبط علاقات الأفراد من الرجال والنساء وكان من تقديره لقيمة الإنسانية المشتركة بين الجميع تكريم الجنس البشرى بنوعيه من ذكور وإناث دون تمييز بين رجل وامرأة، وكرم الله عز وجل الرجل والمرأة بالتكليف دون تمييز لذلك لن يتراجع دور المرأة على الإطلاق ولن تهمش ومثل هذا كلام مرفوض، لأن قضيتها ركن مهم فى بناء المجتمع والنهضة الحضارية، ولها النصيب الأكبر فى هذه النهضة. * ألا تخشى من حدوث تمييز؟ - نحن ضد التمييز لأن الإسلام قضى على كافة أشكال التمييز خاصة ضد المرأة، وعليه فنحن ضد كل الدعوات التى تريد إقصاءها بأى حال من الأحوال وتحت أى مسمى من المسميات بل نطالبها بأن تمارس دورها على أكمل وجه، ولا يستطيع أحد أن ينكر دورها العظيم فى النهضة الحضارية. * هل ستكون العلاقة بين المؤسسة الدينية وباقى التيارات قائمة على التواصل أم الصدام؟ - لن يتغير وضع الأزهر، والمؤسسة الدينية فى المرحلة المقبلة ولن يكون هناك صدام مع أى تيار، علاوة على أن ثقة جموع المسلمين فى الأزهر لن تهتز وسيظل المنهج الأزهرى الوسطى كالهرم يتجاوز الزمان والمكان، فالمؤسسة الدينية فى مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف قدمت أعمالا جليلة وإسهامات عظيمة من أجل رفعة الأمة ونهضتها، والأزهر معروف عنه أنه منذ إنشائه يتميز بالوسطية والاعتدال والفهم الصحيح المبنى على المنهج العلمى الرصين لنصوص الدين‏ والفهم الواقعى للحياة، فهو يؤدى رسالته مع الحفاظ على هويته بالرغم من التطورات التى حدثت حوله. * وماذا تأمله فى تلك العلاقة؟ - أتمنى أن يتلاقى الجميع تحت مظلة الأزهر الشريف، وأن يكون شكل العلاقة بين الأزهر والمصريين جميعا علاقة تقدير وإجلال يتم إعلاء قيمة الوطن من خلالها. * ما الذى تراه فضيلتكم فى اللغط الذى دار حول أحكام القضاء مؤخراً والتطاول عليها من جانب البعض؟ - أولا، لا ينبغى التعليق على أحكام القضاء، وثانيا يجب أن نتجنب ثقافة الفوضى والهدم ونعمل على إشاعة ثقافة البناء والتفكر والتدبر والاهتداء والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم كلنا يقدر القضاء المصرى ويشد على أزره وندعو الله تعالى للقضاة بالثبات على الحق كما ثبتوا دوماً وألا يختل ميزان العدل فى يد أحدهم، فالقضاة المسلمون عبر التاريخ كانوا يحكمون بما يرضى الله سبحانه وتعالى، ودولة الإسلام منذ نشأتها تأسست على العدل وكان شعارها العدل أساس الأمة ولقد وضع المسلمون القضاء متدرجا بحيث إذا أخطأ القاضى الأول ذهب الحكم إلى الذى يليه فيقره أو يغيره، ونحن نستقبل عصرا نرجو أن يسود فيه العدل فلا يكون المجتمع متيناً إلا إذا قام على قضاء محترم يحترمه الجميع، ومن فضل الله علينا أن رزقنا بقضاء يعتبر نبراساً للمنطقة كلها. * ما الحلول الممكنة لعلاج مشكلات الوطن؟ لا بد أن يترجم الانتماء الحقيقى لهذا الوطن إلى أفعال للصالح العام وليس لمصالح أخرى، علاوة على ضرورة وجود دائرة الاتفاق بين أبناء الوطن أكبر بكثير من دائرة الاختلاف والتركيز على ما يجمع الناس لا ما يفرقها مع التأكيد على أن العمل هو ما سيصل بمصر إلى بر الأمان والبعد عن إثارة الشائعات وترديدها بما يضر بأمن وسلامة البلاد وعدم التركيز على الأشياء التافهة التى تضر والتركيز على ما ينفع البلاد والعباد والبعد عن أى نوع من أنواع الصراعات التى من شأنها أن تفتت النسيج الوطنى فضلا عن الاهتمام بالعلم والبحث العلمى لأنهما بمثابة القاطرة التى تجر مصر إلى مصاف الدول الكبرى، فمصر مليئة بالخيرات والخبرات التى سوف تسهم بإذن الله وبقوة فى بناء مصر فى عهدها الجديد. * متى ينتهى تضارب الفتاوى؟ - ستنتهى فوضى الفتاوى عندما يلجأ المواطنون إلى المتخصصين والعلماء للحصول على الفتاوى، وعدم الانسياق وراء هذه العشوائية التى تصيب الناس بالبلبلة والتشويش لأن هذه الفوضى تحدث عندما نسمى الإجابة عن أى سؤال بأنها فتوى أو نصور الرأى على أنه فتوى. لذا فنحن نؤكد على أن الفتوى أمر يتعلق بالعمل والتفريق بين المسائل والقضايا وبين الرأى والفتوى وإجابة السؤال أمر مهم جدا، وهذا سيكون من خلال المؤسسة الرسمية المسئولة عن الفتوى. * بم تنصح الناس فى رمضان؟ - رمضان فرصة ومحطة ينبغى استغلالها، وكما جعل الله تعالى الصلاة محطات فلنجعل نحن رمضان بداية عام جديد نستقبل به عاما آخر نرجو الله تعالى أن يكرمنا فيه أكثر من العام الماضى وأقول لهم أيضاً لا تنسوا مصرنا الحبيبة بالدعاء بعد أن منّ الله تعالى بهذه النعم على وطننا الحبيب ونسأل الله تعالى أن ينعم على أهل مصر بالأمن والأمان والاستقرار فى عهدها الجديد. * بماذا تردون على من ينادون بتصفية الحسابات؟ - لقد دعوت منذ حوالى عام ونصف العام إلى ضرورة البدء فى مصالحة وطنية شاملة مع كافة القوى والأطياف الفاعلة من أجل إقامة دولة سيادة القانون والحقوق العامة، من أجل أن ننهض بهذا البلد خشية أن نضيّع الوقت فى تصفية الحسابات وينهار الوطن من التشرذم والتحزب والخلاف، ولا بد من إشاعة ثقافة احترام القانون، وفتح صفحة جديدة الكل يساهم فيها بالبناء والعمل والعلم والتنمية والرخاء، كما أدعو الجميع أن يتخلوا عن روح التشفى والانتقام وتصفية الحسابات لأن وطننا فى أمس الحاجة لتضافر الجهود من أجل البناء. * ما حقيقة ما تردد عن دعمكم لأحد المرشحين فى جولة الإعادة فى انتخابات الرئاسة؟ - لقد أعلنت وقتها موقفى، فأنا كنت على الحياد تجاه مرشحى الرئاسة ولم أنحز إلى أى مرشح، وموقفى هذا أملاه على ضميرى حتى لا يكون اختيارى تأثيرا على اختيار الناخبين باسم الدين، وأيضا من أجل تعميق معنى الديمقراطية وحرية الفرد فى اختيار من يمثله وتوديع عصر الإملاءات وتزوير إرادة الشعب وعندما أعلن عن الرئيس الجديد طالبت الجميع بالتكاتف والتوحد خلفه واحترام نتيجة الانتخابات، لأننا بدأنا مرحلة جديدة من بناء مستقبل مصر وأن مصر ستبنى بيد جميع المصريين. * رغم تعدد الجمعيات الخيرية فإن الفقر والتسول زاد على معدله الطبيعى فما سبب ذلك؟ - العمل الخيرى مقصد عام من مقاصد الشريعة الإسلامية والمسلمون على مر العصور أدركوا هذا المعنى الواسع لمفهوم الخير، والعمل الخيرى يسهم فى عمارة الأرض التى تعد من المقاصد العامة للديانات السماوية وهو ركن أصيل فى بناء المجتمع وتقدمه، فعمل الخير يتسع معناه ليشمل مختلف مجالات الحياة، ومناط العمل الخيرى هو الإنسان المقدم فى التصور الإسلامى على البنيان، فالساجد قبل المساجد والمجتمع الآن يمر بأحداث عضال أنهكت جسد الدولة فقد أصبح بحاجة إلى الراحة والاستشفاء من كل الأمراض التى لحقت به وبحاجة إلى تضافر جهود كل أبناء الوطن للنهوض به، ما يحتم على منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الخيرية أن تتكاتف من أجل النهوض بالمجتمع وأن تركز جهودها على المشروعات القومية والخيرية التى يعود نفعها على كل شرائح المجتمع خاصة الطبقة الفقيرة والمهمشين وأدعو تلك المنظمات إلى اقتحام العمل الخيرى ومساعدة المحتاجين ودعم البحث العلمى والاقتصاد القومى، الذى يساهم فى النهوض بالمجتمع من كبوته، والذى سيقضى على الفقر بشكل نهائى * كيف يمكن تحقيق التقريب بين المذاهب فى ظل الدعوات بوجود مد شيعى يخترق البلاد؟ - لقد بدأت مصر فى عام 1949 الدعوة للتقريب بين المذاهب ووجوبه وأن الأمة هى أمة واحدة تسمى بأهل القِبلة لأن القِبلة تجمعهم جميعا ونبيهم واحد وكتابهم واحد وصيامهم واحد وإذا كان هذا هو الأصل فإن أى نوع من أنواع الفرقة لا يكون لمصلحة المسلمين لا فى حاضرهم ولا فى مستقبلهم فالوحدة أمر ضرورى لبقاء الأمة من ناحية وللدفاع عن نفسها من ناحية ثانية ولتهيئتها لمشاركتها فى العمران والحضارة الإنسانية من ناحية أخرى ونستطيع أن ندعى أن التجربة المصرية فى التقريب قد نجحت نجاحا باهرا على مستوى النخبة إلا أنه مع هذا النجاح لم توضع الآليات لنزول ما يتفق عليه أهل النخبة إلى الجماهير فرأينا أنه لا تزال فجوات كبيرة بين الشيعة والسنة هنا وهناك. * وما سبب وجود هذه الفجوات؟ - السياسة الغاشمة من الداخل الإسلامى أو من خارجه، تمكنت من التلاعب بهذه الفجوات وإثارة الفتن بين الشيعة والسنة وكأى أمة متحضرة يجب على السنة والشيعة معا وعلى مستوى الجماهير أن تتجاوز هذه المحن وأن ترجع إلى أصلها من الوحدة والاتحاد. * وهل هناك دور يقع على عاتق النخبة؟ - على النخبة أن توجد من الآليات ما تستطيع به مخاطبة جماهيرها وتغيير الثقافة السائدة وإحداث التوازن بين المذاهب الإسلامية المختلفة وهى قادرة على ذلك حيث نجحت نجاحا تاما فى مجال النخبة، فلا يبعد أبدا أن تنجح نجاحا تاما فى مجال الجماهير.