ما مستقبل حزب العدالة والتنمية المغربي بعد مرحلة بنكيران؟

كتب: وفاء صندي – الرباط

ما مستقبل حزب العدالة والتنمية المغربي بعد مرحلة بنكيران؟

ما مستقبل حزب العدالة والتنمية المغربي بعد مرحلة بنكيران؟

بعد خسارة الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، معركة الولاية الثالثة، وانتخاب سعد الدين العثماني، أمينا عاما جديدا لحزب العدالة والتنمية، يكون الحزب الإسلامي في المغرب قد دخل منعطفا جديدا ربما سيكون فيه أقل تأثيرا بعد رحيل بنكيران، الذي تميز بشخصية كاريزمية شكلت ظاهرة استثنائية في الحياة السياسية المغربية، والذي قضى ولايتين متتاليتين دامتا 8 سنوات، قاد خلالها حزبه إلى انتصارات انتخابية كبرى، توجت برئاسة الحكومة في انتخابات 2011 و2016.

ورغم رسائل الطمأنة التي يبعثها بعض قياديي العدالة والتنمية، بأن الحزب لن يتأثر برحيل زعيمه السابق، إلا أن مراقبون يؤكدون بأن الحزب سيشهد مجموعة من التحولات في الفترة القادمة على مستوى البيت الداخلي؛ الذي عاني في فترة غير قصيرة من الاحتقان الذي بلغ أحيانا تبادل الاتهامات؛ وسيكون لها تداعيات ايضا على مستوى المشهد الحزبي المغربي ككل.

ورأى المحلل السياسي، إدريس الكنبوري، أن حزب العدالة والتنمية سيتأثر كثيرا بغياب بنكيران لأنه سيفقد آلة انتخابية استطاعت التأثير على عدد كبير من الناخبين ممن كانوا يعرفون الحزب ببنكيران، ومع رحيل هذا الأخير سيفقد الحزب كل هذا الإشعاع.

وأضاف في تصريحه لـ"الوطن"، أنه، في المقابل، سيصبح حزب العدالة والتنمية أكثر مؤسسية وأقل شخصنة، لأن الحزب دون كاريزما يعتمد أكثر على العقلنة والبرنامج، وأن حزب "المصباح" ستصبح لغته مع أمينه العام الجديد أكثر اعتدالا كما أن علاقته مع الدولة والأحزاب ستصبح أكثر توازنا، لأن شخصية وطريقة تدبير سعد الدين العثماني للأمور تختلف كليا عن بنكيران، وفق تعبير ذات المحلل.

وقال المحلل السياسي المغربي، إن نهاية بنكيران ستفتح الباب أمام سيطرة حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية للحزب، على العدالة والتنمية ككل، بعد أن كان الوضع مختلفا مع بنكيران، والذي كان قادرا على لجم الحركة، وأوضح الكنبوري، أن حركة التوحيد والإصلاح استعادت قوتها ونفوذها بالحزب، لأنه ليست مصادفة أنها كانت ضد الولاية الثالثة لبنكيران فهي خططت للعودة بقوة.

من جانبه، اعتبر الباحث المغربي، عبدالرحيم العلام، أن الوهج الذي حصل عليه حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2011 وانتخابات 2016، بدأ يتراجع لمجموعة من الاعتبارات، منها عدم قدرة الحزب على تشكيل الحكومة وعدم قدرته على الالتفاف حول أمينه العام السابق الذي خاض الحملة الانتخابية باعتباره رئيسا محتملا للحكومة، مشيرا إلى أن مسألة الديمقراطية الداخلية، التي كشف عنها حزب العدالة والتنمية خلال مؤتمره الأخير، واحترام القرار الحزبي والتداول على السلطة أمور تحسب لحزب العدالة والتنمية ومن شأنها أن تحافظ له عل بصيص من مصداقيته داخل الشارع السياسي.

 واعتبر العلام، أن الأمين العام الجديد لحزب العدالة والتنمية، من خلال منصبه كرئيس حكومة أيضا، من شأن ذلك أن يساعده على أن يحظى أيضا بشعبية معينة، مشيرا إلى أنه كما كان لبنكيران أنصاره ومؤيديه والمتعاطفين معه، ربما يوجد في المغرب أشخاص يميلون إلى نمط سعد الدين العثماني، مؤكدا أن هناك مؤتمر آخر قادم لحزب العدالة والتنمية سيكون قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، أي بعد 4 سنوات، وربما من شأن هذا المؤتمر أن يعيد بنكيران إن كان راغبا في الاستمرار في الحياة السياسية إلى قيادة حزب العدالة والتنمية، ليخوض الانتخابات كأمين عام وربما أيضا كرئيس حكومة.

وأوضح أنه إذا تقوى الحزب خلال المرحلة المقبلة، فإن مرحلة بنكيران ستكون قد طويت، وإذا ضعف وبهت وذهبت ريحه، فالأكيد أن هناك العديد من الأصوات سواء داخل الحزب أو الشارع المغربي ستطالب بعودة بنكيران.

 وفي سياق آخر، رأى استاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، عبدالرحيم منار أسليمي، أن غياب بنكيران سيؤثر على حزب الأصالة والمعاصرة، لأن نهاية بنكيران ستدفع العديد من قيادات هذا الحزب إلى النهاية السياسية، لأنها بنت استراتيجيتها على مواجهة أمين عام "المصباح"، معتبرا أن غياب بنكيران سيخلق أثره عند الحزب الذي احتل المركز الثاني في الانتخابات البرلمانية لـ2016، إذ من المتوقع أن يقود هذا الغياب إلى بداية ضعف هذا الحزب الذي اختار الاصطفاف في المعارضة لأن الدور الذي حددته القيادة انتهى بنهاية بنكيران.

 وأشار أسليمي، إلى أن حزب العدالة والتنمية خضع لعملية جراحية طيلة الشهور السابقة ويحتاج إلى شفاء سريع للعودة إلى المنافسة السياسية والانتخابية بقوة، مضيفا أن الحزب ما زالت له حاضنة اجتماعية قوية، ولكن صراعه الداخلي الذي حصل مؤخرا يجعله في حاجة إلى إعادة تجميع هذه الحاضنة بقوة، معتبرا هذا الأمر بالسهل لكون الأحزاب الأخرى ما زالت ضعيفة ولن تكون قادرة على منافسته في الانتخابات التشريعية المقبلة.


مواضيع متعلقة