معركة القدس: أمريكا فى مواجهة العالم!
- احتواء الأزمة
- الأزمة السورية
- الأمم المتحدة
- الإرهاب الدولى
- الاتحاد الأوروبى
- الاتحاد الروسى
- الخارجية الأمريكى
- الخارجية الأمريكية
- الدول الإسلامية
- آذان
- احتواء الأزمة
- الأزمة السورية
- الأمم المتحدة
- الإرهاب الدولى
- الاتحاد الأوروبى
- الاتحاد الروسى
- الخارجية الأمريكى
- الخارجية الأمريكية
- الدول الإسلامية
- آذان
قناعتى هى أن الرئيس الأمريكى ترامب لم يكن يقيم وزناً للشعوب العربية والإسلامية، وأحسب أنه فوجئ بالمظاهرات فى كل مكان ترفض تصريحاته الخاصة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتؤكد أن من لا يملك أعطى لمن لا يستحق!!
والسبب فى ذلك أن «ترامب» ارتكب عدة أخطاء منذ البداية، فهو مُفلس تماماً سياسياً، بمعنى أنه رجل أعمال دخل معترك السياسة، وبدا أنه غير مثقف إسلامياً ولا يعرف الفروق الواضحة بين الظاهرتين القرآنية والإسلامية، وليس من شك فى أن القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين، هى أدخل فى الظاهرة القرآنية التى يؤمن بها المسلمون إيماناً شديداً، ولا يعرف عنها «ترامب» أى شىء، فكان هذا الخلط الذى يبدو أن إدارة «ترامب» تدفع ثمنه غالياً.
وقد باءت محاولات وزير الخارجية الأمريكى فى تخفيف وقع هذه التصريحات للرئيس ترامب بالفشل عندما قال إن السفارة الأمريكية لن تنتقل إلى القدس إلا بعد عامين وأكثر، فضلاً عن أن حدود القدس ومستقبلها سوف يخضعان للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، باختصار وكما قال الشيخ الطيب -شيخ الأزهر- لقد فتحت تصريحات «ترامب» باب جهنم، ويصعب الحديث عن إغلاقه حالياً.
وغير خافٍ أن الرجل جمهورى ويؤمن كما كانت تقول أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة -وهى جمهورية أيضاً- إنه فى أوقات الرخاء تعتمد أمريكا على الحلفاء والأصدقاء فى أوروبا، أما فى أوقات الشدائد فإن أمريكا تعتمد على نفسها! وهذا ما حدث بالفعل عندما فوجئ «ترامب» برفض دول منها فى الاتحاد الأوروبى، مثل فرنسا وألمانيا والسويد، أما عن الدول الصديقة مثل السعودية ومصر فلم تتردّد فى التصريح برفض ما قاله «ترامب» بشأن أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، واستنكرت تصريحات «ترامب» جملة وتفصيلاً.
ويبدو أن السيد ترامب، وبإغراء من إسرائيل، خص القيادات السياسية فى الدول العربية والإسلامية باحترام كبير، وكان يؤمن أن أحداً منهم لن يعترض، وغاب عن باله الشعوب والظاهرة القرآنية، كما أسلفنا.
الواقع أن «ترامب»، ودون أن يدرى أعاد القضية الفلسطينية إلى سطح الأحداث مجدداً، وكانت الشكوى أن القضية الفلسطينية قد توارت إلى خلف الأزمة السورية واليمنية والليبية والعراقية، فإذا بـ«ترامب» يعيدها من جديد إلى المسرح السياسى العالمى، فلا حديث إلا عن القدس، وتصريحات «ترامب» فى كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
ونسى الرجل أن هناك مرجعيات للقدس، كما قال مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، وأن حل الدولتين والعاصمتين (القدس الشرقية والقدس الغربية)، كان تحقق حولهما إجماع دولى، الغريب أنه ضرب بهذه المرجعيات عرض الحائط، ولم يشفع له أنه تحدّث مع بعض القادة العرب عشية تصريحاته المخزية بشأن القدس.
يبدو أن الرجل لم يضع فى اعتباره إلا شيئاً واحداً، وهو أن قادة أمريكا السابقين كانوا وعدوا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لكنهم لم يفعلوا شيئاً، وهو الوحيد الذى وعد ونفّذ!!
لقد أطلق «ترامب» مشاعر الكراهية الكامنة فى نفوس شعوب الأرض، أطلقها من الصدور، وأصبحت كلمة مواطن أمريكى مرادفة لكلمة مواطن كريه، وتمسّك المواطن المسلم العادى التى يرى أن الأقدمين قد تساهلوا مع وعد بلفور، وهم اليوم لن يتساهلوا مع القدس.
باختصار، لقد فشلت أمريكا فى احتواء الأزمة التى ما زالت مشتعلة حتى الآن، فالمظاهرات من موريتانيا ومصر والأردن والجزائر وإيران تقول: القدس لنا، وأقول الحق لقد وضعت إدارة «ترامب» الأصدقاء العرب فى موقف حرج، لأن الدفاع عن تصريحات «ترامب» يستوجب أن الدم الأحمر القانى سوف يدور فى الرؤوس، سيما أن دماء على عبدالله صالح لم تجف بعد.
لم يعد أمام «ترامب» سوى العودة فى تصريحاته والاعتذار للشعوب العربية والإسلامية عما بدر منه فى حق القدس التى بدا أنها رمانة الميزان فى ديانات هذه الشعوب.
فالقدس ليست مدينة فلسطينية وكفى، وإنما هى مدينة المدائن الإسلامية التى أمّ فيها الرسول محمد، عليه الصلاة والسلام، أنبياء الله فى محرابها العتيق.
يبدو أن المظاهرات فى معظم الدول الإسلامية لن تهدأ، وقد تزداد اشتعالاً فى الأسابيع المقبلة إذا تعمّدت إدارة «ترامب» أن تصم آذانها.
وبات ضرورياً أن تُغيّر أمريكا توجهات سياستها الخارجية، فليس بمقولات مثل: أمريكا أقوى دولة فى العالم.. وأن صديقها الاستراتيجى الوحيد فى الشرق الأوسط هو إسرائيل.. والادعاء بأنها تكافح الإرهاب الدولى وتقف فى وجه «القاعدة» و«داعش».. إلخ كل هذه المقولات التى عفا عليها الزمن، لأن الشعوب العربية والإسلامية شبّت عن الطوق وفهمت جيداً أن هذه المقولات قد انتهى زمانها، فـ«القاعدة» هى صنعة أمريكية و«داعش» أيضاً، ناهيك عن أن العالم به أمريكا، لكن به الاتحاد الأوروبى والاتحاد الروسى.. وإسرائيل ستظل أبد الدهر دولة محتلة!!
لا ننكر أن تصريحات «ترامب» قد سكبت الزيت على النار وبتنا جميعاً قاب قوسين أو أدنى من حرب قد لا تُبقى ولا تذر، فعلى «ترامب» أن يتحلى بالشجاعة ويعود فى تصريحاته التى وحّدت الجميع أمام عدو واحد هو الولايات المتحدة الأمريكية، وأحسب أن هذا الموقف سيجعل الشعوب العربية والإسلامية تبحث عن حليف جديد يميل إلى العدل والشرعية الدولية التى يبدو أنها خُلقت فقط للعالم الثالث، هذا ما تؤكده، على كل حال، ممارسات الولايات المتحدة لأمريكية.
باختصار، لقد خسرت «أمريكا - ترامب» بهذه التصريحات المشؤومة، فإعادة النظر فى هذه القوة الأمريكية الغاشمة التى أعادت العربدة كأحد مبادئ النظام الدولى أصبحت واجباً وطنياً اليوم وغداً وبعد غد.