أصحاب «المزارع السمكية»: أسماك البحيرة ملوثة بمخلفات «الصرف الصحى».. ونتعرض للخسارة بسبب «النفوق» ونعمل فى خطر ليلاً ونهاراً

كتب: سهاد الخضرى

أصحاب «المزارع السمكية»: أسماك البحيرة ملوثة بمخلفات «الصرف الصحى».. ونتعرض للخسارة بسبب «النفوق» ونعمل فى خطر ليلاً ونهاراً

أصحاب «المزارع السمكية»: أسماك البحيرة ملوثة بمخلفات «الصرف الصحى».. ونتعرض للخسارة بسبب «النفوق» ونعمل فى خطر ليلاً ونهاراً

«بيوتنا اتخربت، وراح رأسمالنا الذى جمعناه من بيوتنا بعد أن بعنا ذهب بناتنا وزوجاتنا، حتى لا نترك المهنة التى ورثناها عن آبائنا وأجدادنا»، بتلك الكلمات أعرب مستأجرو المزارع السمكية فى دمياط عن سخطهم من تلوث المزارع بفعل مياه بحيرة المنزلة، وطالب هؤلاء المتضررون بسرعة الانتهاء من أعمال تطهير وتنمية البحيرة، معربين عن تخوفهم مما يتردد حول استرداد أراضى هذه المزارع، كما اشتكوا من رفع القيمة الإيجارية للمزارع ومن القضايا المرفوعة عليهم من قبل هيئة الثروة السمكية فى هذا الشأن، وقالوا إن هذه المشاكل تأتى فى الوقت الذى تتعرض فيه الأسماك بمزارعهم للنفوق عاماً تلو الآخر دون أن يحرك المسئولون ساكناً على حد وصفهم، علاوة على تعرضهم للسرقة والتعدى عليهم من قبل العصابات المسلحة.

وأجمع هؤلاء المتضررون على أن بحيرة المنزلة التى تعد أهم مصدر للثروة السمكية فى مصر منذ قديم الأزل وتغطى ما يزيد على 50% من الاستهلاك المحلى، باتت مصدر بؤس وخراب بيوت للعاملين بها، وتسببت فى تعرض بعضهم للاختطاف والقتل على أيدى البلطجية المقبلين من مناطق الشبول والنسايمة والعكايرة، وذلك خلال فترة الانفلات الأمنى عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير فى دمياط، خاصة خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، واشتكى محمد عاشور، مستأجر مزرعة سمكية، مما يواجهه أصحاب المزارع من عدم وجود تأمين أمنى بمنطقة المثلث نجم عنه تعرض هذه المزارع للسرقة على فترات، حيث يقوم البلطجية بسرقة «الموتور» الذى يتراوح ثمن الواحد منه بين 42 و60 ألفاً حسب الحجم، كما يقومون بسرقة الإنتاج السمكى، مطالباً بنقطة تأمين أمنى بمنطقة كوبرى البغدادى المعروف باسم «شتوم البغدادى» الذى يربط محافظتى «دمياط - بورسعيد» من اتجاه الديبة و«دمياط - الدقهلية» من اتجاه «الشبول - النسايمة - العكايرة»، حيث تعد تلك المنطقة معاقل البلطجية، مطالباً بالعمل على تأمينها كى يتمكنوا من العمل بأمان، خاصة أن حياتهم باتت معرضة للخطر ليل نهار.

{long_qoute_1}

ويلتقط محمد توفيق، أحد مستأجرى المزارع، طرف الحديث قائلاً: أعمال تطهير بحيرة المنزلة حالياً لم تؤت ثمارها بعد فلا يوجد عائد إيجابى حتى الآن، فناتج عملية التكريك لم يتم رفعه بعد، على حد قوله، مما يؤثر فى سريان المياه، وهو ما يعد معوقاً أمام عملية المد والجزر، وتابع توفيق قائلاً: عدم تطهير بحيرة المنزلة أدى لنفوق الأسماك وتعرضنا لخسائر عدة منذ سنوات، فالمياه راكدة وملوثة، حيث ترتفع بها نسبة الأمونيا مقابل الأوكسجين، ما دفعنى كصاحب إحدى المزارع للاستعانة بجهاز أوكسجين، حيث يقوم الجهاز بضخ الأوكسجين فى المياه لمساعدة الأسماك على الحياة والنمو بصورة طبيعية، ونظرا لكون الجهاز باهظ الثمن، حيث يتراوح ثمنه من30 ألفاً حتى 200 ألف جنيه، حسب مساحة المزرعة، فيصعب على الكثيرين من أصحاب المزارع السمكية الاستعانة به، وأكد توفيق أن دورة الأسماك شهدت خلال السنوات الماضية، نتيجة تلوث مياه البحيرة، نفوق الأسماك بنسب تتراوح من 20% حتى 80%، وقال إن ذلك بدأ منذ 15 عاماً، حينما بدأت مياه البحيرة فى التلوث وذلك نتيجة عدم فتح قنوات شعاعية لتغذية البحيرة بمياه البحر أو المياه العذبة، وتلوثها بالصرف الصحى لاختلاط مياه المزارع بصرف بحر البقر والمنزلة معاً، وكذلك ركود مياه البحيرة، وهو ما يؤدى لنفوق كميات كبيرة من الأسماك، وتابع توفيق: الكثير من المزارع السمكية توقفت عن تصدير منتجاتها عقب صدور قرار مجلس النواب هذا العام بإلزام المصدر بدفع 12 ألف جنيه على طن الأسماك كرسوم جمركية حال التصدير للبلدان العربية، وهو ما أدى لانخفاض التصدير بنسبة 80%، مطالباً بإلغاء القرار لصالح التصدير ولإدخال عملة صعبة للبلد، نظراً للإقبال الشديد على أسماك الدنيس التى يتراوح سعرها بين 70 و115 جنيهاً، حسب الحجم والجودة، والقاروص ما بين 90 و100 جنيه، أما اللوت فيبلغ سعره 60 جنيهاً، ونفى توفيق ما يتردد عن قيام أصحاب المزارع السمكية الخاصة بتغذية منتجاتهم على الفضلات، متابعاً: نقوم بتغذية الأسماك بالعلف والشبار الصغير الحى وكذلك الجمبرى الصغير أو البساريا، مشيراً لقيام بعض مزارع القراميط بتغذيتها على الفضلات، مضيفاً: لا يوجد لدينا فى دمياط مزارع قراميط.

واشتكى طارق نصر، مستأجر مزرعة سمكية، من تعرض المستأجرين للحجز عليهم من قبل الجهات المعنية لتأخرهم فى سداد الإيجار، حيث قال إن القيمة الإيجارية ارتفعت من 300 إلى 600 جنيه للفدان، مع العلم بأن أقل مزرعة سمكية تبلغ مساحتها 5 أفدانة وهناك مزارع أخرى تصل مساحتها إلى 62 فداناً، وتابع طارق قائلاً: خلال عام 2016 ونظراً لتأخرى فى سداد الإيجار وقعوا علىّ غرامة تأخير 10% وحكماً بالحبس، وهو المتبع ضد أى مستأجر مزرعة حال عدم دفعه، وأضاف أن المزرعة السمكية تعد أمناً غذائياً للدولة وعلى المسئولين مساعدتنا، فنحن نواجه مشاكل عدة فقد زاد الإيجار وكذلك شهدت الأعلاف زيادة رهيبة خلال العام الحالى، حيث ارتفع سعر العلف من 4000 إلى9000 حسب نسبة البروتين، فعلى سبيل المثال العلف الذى تصل نسبة بروتينه 40% ارتفع من 16 ألفاً إلى 18 ألف جنيه.

{long_qoute_2}

وطالب طارق هيئة الثروة السمكية بالتسهيل على مستأجرى المزارع، مضيفاً: نحن غلابة، منا من باع دهب زوجته وفتياته وآخرون باعوا أثاث منازلهم لسداد ديونهم وهناك من باع نصيبه من المزرعة كحق انتفاع للغير للتمكن من سداد الديوان، ويرى طارق أن تطهير البحيرة سيعود بالنفع عليهم بتطهير المياه وتوفير مصدر للمياه العذبة بصفة دائمة، ومن جانبه أكد محمد حسن، أحد مستأجرى المزارع، عدم صلاحية أسماك البحيرة للاستهلاك الآدمى لتلوثها بالرصاص والأمونيا والكلور الناتج عن مخلفات الصرف الصحى، الذى تخطت نسبة وجوده حالياً بالبحيرة الـ80%، على حد قوله.

وفى هذا السياق كشف مصدر مسئول بهيئة الثروة السمكية بدمياط لـ«الوطن» أن البحيرة انخفضت مساحتها من 750 فداناً إلى120 فداناً، يخص دمياط منها70 فداناً، وقال إن مساحتها انخفضت خلال السنوات الماضية نتيجة اختلاط مياه البحيرة بالصرف الصحى والصرف الصناعى للمصانع، مشيراً إلى أن إغلاق قنال البط أحد أسباب الأزمة، وأضاف أن حل هذه المشكلة عن طريق إقامة محطة معالجة ثلاثية للصرف الصحى بشطا تقوم بأخذ الزيادة من الصرف الصحى لقرى «الخياطة، السيالة والعنانية» الواقعة على البحيرة، بما لا يسمح بدخول تلك المياه للبحيرة إلا بعد معالجتها ثلاثياً خالية من أى مواد ضارة، وأشار المصدر لانخفاض إنتاجية بحيرة المنزلة لـ55022 ألف طن سنوياً عام 2014 بدلاً من 81365 عام 2013، وقال إن مساحة المزارع السمكية تبلغ 33 ألف فدان بدمياط، تنتج نحو42500 طن أسماك سنوياً، فيما تبلغ مساحة مزرعة الرطمة الحكومية التابعة للمحافظة 1856 فداناً، تنتج متوسطاً سنوياً 40 طن أسماك توزع بالسوق المحلية، مضيفاً: تلعب قنال البط التى يتم إنشاؤها بمعرفة جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة دوراً مهماً، لكونها ستعيد الحياة لـ7000 فدان بقرى الخياطة وطبل ورطمة، وستسمح بتجدد المياه بالبحيرة، وتبلغ تكلفتها 17 مليون جنيه، وبحسب المصدر، تبلغ مساحة المزارع السمكية بالبحيرة فى دمياط 33 ألف فدان بمنطقتى مثلث الديبة، والمنطقة الثانية تسمى بالبحيرة الأم وتبلغ مساحتها 27 ألف فدان، بعدد 200 مزرعة مؤجرة.

وقال المهندس محمد عسل، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى فى دمياط، لـ«الوطن»: تم التغلب على أزمة اختلاط الصرف الصحى بمياه البحيرة بإقامة محطة معالجة ثلاثية تقوم بإنشائها القوات المسلحة، وذلك بالاشتراك مع وزارة الإسكان ما سيؤدى لتطهير مياه البحيرة أولاً بأول.

وأشار عسل للقرض الذى حصلت عليه مصر من البنك الدولى والذى يشمل القرى الملوثة لترعة السلام، بحيث تصب صرفها فى ترعة السلام، وتبلغ تكلفة تنفيذ المشروع مليار يورو، وذلك من أجل إقامة مشروع صرف صحى بإقامة محطة معالجة أو شبكات لتطهير ترعة السلام من الصرف وينفذ على مرحلتين، الأولى منه «البحيرة والشرقية والدقهلية»، فيما تشمل المرحلة الثانية «دمياط والغربية والمنوفية».


مواضيع متعلقة