الإسعاف والتمريض.. "جنود مجهولة" في حادث العريش

الإسعاف والتمريض.. "جنود مجهولة" في حادث العريش
- إسعافات أولية
- المستشفى الجامعي
- المستشفى العام
- المستشفيات المركزية
- بشكل كامل
- تصريح الدفن
- تفاصيل الحادث
- حالة الطوارئ
- دم بارد
- الروضة
- إسعافات أولية
- المستشفى الجامعي
- المستشفى العام
- المستشفيات المركزية
- بشكل كامل
- تصريح الدفن
- تفاصيل الحادث
- حالة الطوارئ
- دم بارد
- الروضة
انتهى لتوه من صلاة الجمعة داخل مقر استراحته بمحافظة الإسماعيلية، وما هي إلا دقائق معدودة حتى جاءه النداء المعتاد على جهاز اللاسلكي بسيارته: "اتجه للعريش"، ليبدأ المسعف، الذي رفض ذكر اسمه، في لملمة أغراضه وتهذيب ملابسه التي ما زالت آثار مياه الوضوء عالقة بها، سالكًا طريقه المعتاد نحو العريش، ليأتيه تفاصيل الحادث بعد دقائق من تحركه، فتكون الصدمة الأولى له: "على طول بروح العريش وعارف إن الحوادث هناك مختلفة لأن أغلبها مرتبط بالإرهاب، لكن لما سمعت إن الحادثة في جامع قلبي اتقبض".
مائة كيلو متر هي المسافة التي قطعها المسعف حتى وصل إلى مقر الحادث، لم يتمكن من حساب الوقت الذي استغرقه في الوصول، فعقله لم يقف لحظة واحدة عن التفكير في هؤلاء "الغاشمين" الذين قتلوا المصلين بدم بارد، حتى يجد المشهد بعد وصوله في صورة هي الأفظع عن كل التخيلات التي دارت في عقله طيلة طريقه: "بقالي 20 سنة شغال مسعف وأول مرة أشوف حادثة بالشكل ده"، خمس دقائق كانت كافية بعد وصول المسعف إلى المكان المحدد له، حتى تدخل سيارته حالة لشاب في أواخر عقده الثالث، أصابته رصاصة غدر في صدره وخرجت من ظهره، إلا أن مشاهد الدم التي رآها المسعف خلال هذه الدقائق المعدودة كانت كافية لأن تظل عالقة في ذهنه طيلة حياته: "اللي كان هناك ده ميرضيش حد، وربنا ينتقم من اللي عمل كده"، لم تكن مشاهد الدم وحدها التي رآها المسعف، وإنما مظاهر "إهمال" أشار إليها في حديثه بنبرة دلت على الأسى، تمثلت في غياب الإمكانات عن المستشفيات المركزية لمثل هذه المناطق: "الحالات أغلبها مكانش معمول لهم إسعافات أولية، وحتى في ناس منهم مكانش ملفوف شاش على الجروح بتاعتهم"، وهو الأمر الذي جعله يضيف إلى عمله كـ"مسعف" أعمال أخرى تزيد عليها: "اشغلنا كل حاجة في اليوم ده من غير ما حد يقولنا".
رحلة عودة المسعف مع "مصابه الشاب" لم تستغرق الكثير من الوقت، حيث كانت الطرق مهيأة لهم بصورة كبيرة، حسب قوله، فضلا عن حالة الخوف التي انتابته على هذا الثلاثيني الملقى خلف ظهره، فهو في مثل سن أولاده: "كنت في حالة صعبة جدا، وكتمت العياط جوايا بالعافية لحد ما وصلت المستشفى عشان اللي معايا ما ينهاروش"، أمام بوابة قسم الطوارئ بمستشفى الإسماعيلية العام وقف المسعف بسيارته، ونزل عنها قافزًا متجهًا إلى بابها الخلفي، ليطمئن على نزول حالته بسلام، داعيًا له بالشفاء، إلا أن القدر أراد غير ذلك: "ربع ساعة بالظبط وكان مات للأسف".
مشاهد الحادث "الحية" تختلف بشكل كامل عن تلك المشاهد المتناقلة عبر صفحات الجرائد أو شاشات التليفزيون، حسب ما قال المسعف، وهو الأمر الذي تأكد منه حينما طالع صفحات الإنترنت في اليوم التالي للحادث: "الصور على النت متجيش حاجة جنب اللي شوفته في الحقيقة، ليضيف قائلا بنبرة اعتراها الحزن: "الواحد لو ربنا مش منعم عليه بنعمة النسيان مكانش عرف يشتغل تاني".
من المسعف إلى الممرض، اختلفت المسميات الوظيفية، ولم يختلف الجهد المبذول في حادث هو الأبشع على مدار أعوام طويلة مضت، حسب ما قالت عنه هيام النسر، نقيب التمريض بالإسماعيلية، موضحة أنه وبمجرد العلم بالحادث تم توجيه كافة أطقم التمريض الموجودة بالمحافظة إلى المستشفى العام والجامعي لاستقبال الحالات: "الممرضين جم من بيوتهم من غير ما نستدعيهم، وبدل ما الشيفت فيه 12 وصلوا 40، وبدأنا نستقبل حالات من 2 الظهر وفضلنا شغالين لحد الساعة 12 بالليل".
مواقف الممرضين والممرضات كانت هي بطل المشهد حسب ما قالت "هيام"، متمثلة في إصرارهم على البقاء في المستشفى حتى وإن كان غيابهم لن يضر بهم: "فيه ممرض جده كان محجوز في العناية ومات، ورغم كده مرضيش يروح إلا لما يسعف الحالات اللي جاية من العريش عقبال ما تصريح الدفن بتاع جده يطلع"، حالات كثيرة دخلت على مستشفى الإسماعيلية العام والمستشفى الجامعي بالمحافظة، أشارت إليها "هيام" في حديثها، حيث بلغت الحالات التي وصلت إلى الإسماعيلية نحو 100 حالة، توفي منهم 7 حالات، إلا أن عدد كبير من هذه الحالات تم تحويلها إلى القاهرة لخطورتها، حسب ما قالت: "كان فيه حالات خطرة كتير، وكان فيه واحد قفصه الصدري طاير وشوفنا الرئة بعينينا وهي بتنبض، وحالة تانية فيها طلق ناري جوا عينه والنزيف مش عايز يقف، وغيرهم كتير اتحولوا على القاهرة".
ومن جانبه قال هشام مبروك، المتحدث باسم نقابة التمريض، إن النقابة كانت قد أعلنت حالة الطوارئ في مستشفيات الإسماعيلية والعريش بعد ساعة واحدة من وقوع الحادث، وكثفت حضور طاقم التمريض بصورة كبيرة داخل المستشفيات، موضحًا أن حالة الطوارئ مستمرة حتى الخميس القادم.