كلمة السر «لبنان»!
- أحمد أبوالغيط
- إعلان موقف
- اجتماع عاجل
- الأمن الدولى
- الأمين العام للجامعة العربية
- الإرهاب الإسرائيلى
- الاحتلال الإسرائيلى
- البيان الختامى
- أبل
- أحمد أبوالغيط
- إعلان موقف
- اجتماع عاجل
- الأمن الدولى
- الأمين العام للجامعة العربية
- الإرهاب الإسرائيلى
- الاحتلال الإسرائيلى
- البيان الختامى
- أبل
إذا كان الشرق الأوسط جزءاً من حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، فيمكننا أن نصف لبنان بالجبهة الغربية، فمنذ ما يقارب جيلين تنافست الرياض وإيران على مساحات التأثير فى لبنان، وذلك بعد سقوط لبنان (مراحل قليلة من الاستقرار) رهينة لهما وموضوعاً لمنافستهما، وتم استكمال المنافسة هذا الأسبوع، لكن يبدو أن السعودية هى الخاسرة فيها رغم خروج البيان الختامى للاجتماع الطارئ الذى عقده وزراء الخارجية العرب بطلب سعودى وفى ظل غياب وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل مصنفاً حزب الله، وهو الشريك فى الحكومة اللبنانية، بأنه منظمة إرهابية، كحد أدنى يرضى طموح المملكة، البيان الذى ولد غضباً واستياء لبنانياً لخصه تعليق رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى فى جملة قصيرة لكنها تحمل الكثير من المعانى والدلالات حين قال: «عذراً إننا فى لبنان قاتلنا إسرائيل»!.
لقد مثل بيان الجامعة العربية نوعاً من الحل الوسط الذى فرضته مصر ما بين الصوت العالى الداعى للحرب ضد إيران وحزب الله، والصوت المنخفض الداعى إلى حوار استراتيجى هادئ بين العرب وإيران، ومثل هذا البيان ملخصاً لتطورات الأسبوعين الأخيرين، بدءاً من الاستدعاء السعودى الغامض لرئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى وما أثاره من ضجة عربية ودولية، بسبب ما أحاط بهذا الاستدعاء من شكوك ولدت انطباعات بأن الحريرى محتجز بالقوة، بما أدى إلى موقف لبنانى موحد رسمى وشعبى يدين هذا الإجراء ويرفض التعامل معه، فقد بدا واضحاً أن للسعودية ثأرين لدى الحريرى، أولهما ما تعلق بتركة شركة «سعودى أوجيه» التى ورثها سعد عن والده رفيق الحريرى، والتى اضطر ولى العهد السعودى محمد بن سلمان لدفع رواتب موظفيها وعمالها الفرنسيين مقابل السيطرة على العقود التى كانت قد أبرمتها الشركة داخل حدود المملكة، أما الثأر الثانى فيتعلق بالنظرة المتشككة لولى العهد بن سلمان تجاه سعد الحريرى باعتباره حليفاً غير ثابت، بعد أن أبرم اتفاقاً مع حزب الله لم يكن مرضياً للسعودية، وبالتالى فقد استدعى الحريرى قبل ساعات من اعتقال الأمراء والوزراء السابقين لكى ينضم إلى قائمة هؤلاء الموقوفين فيجرى عليه ما يجرى عليهم وفى الوقت نفسه، وحتى لا يترك فراغاً فى قيادة الطائفة السنية فى لبنان تم وضع بديل جاهز خلفاً له وهو بهاء الحريرى الشقيق الأكبر لسعد لقيادة الحزب وتمثيل السنة فى البرلمان والحكومة.
ومن هذا المنطلق تلقت نازك الحريرى زوجة رفيق الحريرى وبهية الحريرى شقيقته دعوة للحضور إلى الرياض بهدف مباركة هذا الاختيار وتأييده، إلا أن معرفة كلتيهما ظروف استدعاء رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى شككتهما فى قبول الدعوة، وبالتالى رفضتا زيارة السعودية وأبلغتا بعض الوسطاء أنهما لن تقبلا استبدال بهاء بسعد، وهو ذات الموقف الذى اتخذته كل الفعاليات السياسية المسيحية والإسلامية فى لبنان، لأنهم أولاً أصبحوا على يقين أن سعد الحريرى محتجز، فضلاً عن عدم اقتناعهم ببيانه الأول الذى يتضمن استقالته، وأدركوا منذ اللحظة الأولى أن ما جاء فى البيان يخالف تماماً آراء الحريرى وقناعاته ولغته وخطابه وسلوكه السياسى بوجه عام، من هنا بدأ لبنان تصعيد لهجته ضد السعودية، مدعوماً بأصدقاء يساندونه على الصعيد الدولى، خاصة ألمانيا وفرنسا وروسيا، الذين أبلغوه باستعدادهم لمساندة لبنان فى مجلس الأمن الدولى إذا قرر تقديم شكوى ضد السعودية.
واقع الأمر أن القيادة السعودية فوجئت برد الفعل ولم تتوقع اتساع أصداء استقالة الحريرى بهذا الشكل الحاد، عدا أنها لم تجد من يساندها فى العالم بأسره سوى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إذ كان لبقية المؤسسات الأمريكية كالخارجية والدفاع رأى مختلف عن رأى ترامب، وهو ما دعا المملكة السعودية لاتخاذ خط آخر بالتحريض والحشد ضد إيران ولبنان وحزب الله والدعوة إلى اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب، بعد أن أجرت بعض المشاورات مع المسئولين العرب وأبلغتهم بأن الحرب ضد حزب الله مقبلة لا محالة، ومن هنا برز التباين واضحاً بين السعودية والدول العربية المؤثرة، فعدا عن غياب لبنان وتحفظ العراق، اتخذت مصر موقفاً معرقلاً للموقف السعودى، بحيث لم يأت البيان على ذكر لبنان، بل أشار إلى حزب الله فقط، كما أوضح الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط، بكلام دقيق موقف الجامعة من لبنان، مؤكداً ضرورة الانتباه إلى وضع لبنان الخاص وظروفه الحساسة وضرورة حماية سلامته وأمنه واستقراره، وأعقبها بزيارة لبنان لإبلاغه رسالة تطمين بأن الجامعة العربية لن تنزلق إلى إعلان موقف عدائى تجاه لبنان أياً كانت الضغوطات.
إن أبوالغيط لا يمثل الجامعة العربية فحسب، وإنما يمثل مصر أيضاً، كما أن تباين الموقف المصرى عن السعودى جعل العديد من المعلقين السعوديين ينتقدون الموقف المصرى رغم اعتداله، لأن الحرب على حزب الله لن يشعلها سوى إسرائيل إن أرادت! ولن يستطيع أى طرف أن يشنها باستثناء إسرائيل، لكن إسرائيل لن تحارب بالوكالة وليست أجيراً لدى السعودية رغم ترحيبها بما تفعله ضد إيران وحزب الله، فإن أراد نتنياهو شن حرب ضد حزب الله فلا بد أن يكون مقتنعاً بأن النتيجة ستكون انتصاراً مدوياً له، وهذا مستبعد جداً، لأن قوة حزب الله أصبحت أضعاف ما كانت عليه فى حرب 2006، وبحسب تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلى «جادى إيزنكت» فإن سوريا قد أوشكت على إعادة بناء جيشها وأصبحت مرتبطة بحلف استراتيجى مع إيران وحزب الله، وبالتالى فإن الجبهة السورية قد تشتعل لتشكل خطراً داهماً على قلب إسرائيل.
لقد كان لافتاً خلو البيان الختامى من أى إشارة لاعتداءات الاحتلال الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، فيما يشن هجوماً على حزب الله اللبنانى العربى واعتباره منظمة إرهابية بينما الإرهاب الإسرائيلى أصبح مستحباً ومقبولاً!!