مسلسلات زمان| "علي الزيبق".. اللص الذي أحبه البسطاء

كتب: محمود عباس

مسلسلات زمان| "علي الزيبق".. اللص الذي أحبه البسطاء

مسلسلات زمان| "علي الزيبق".. اللص الذي أحبه البسطاء

دائما ما اعتادت الدراما التليفزيونية على تناول السير الشعبية المتعلقة بالتراث المصري، والتي جسدت بطولات أصحابها تاريخا لن يسقط من ذاكرة الزمن، ومنها سيرة ذلك البطل الذي فقد أبوه طفلا وتغرّبت أسرته بفعل مسؤول جائر أمن غدر الأيام، فيشتد عود ذلك الشاب ويقود فريقا من أصحابه ليكون على يديه الخلاص من ظلم ساد البلاد وعانى منه العباد.

مسلسل "علي الزيبق"، الذي تم إنتاجه عام 1985 من بطولة النجم فاروق الفيشاوي، وثق أحوال مصر في عهد الخلافة العثمانية، وما شهدته من متغيرات تمثلت في اغتيال حسن راس الغول قائد ما تسمى بفرقة "العياق"، وهم مجموعة من الفرسان حاولوا إقامة العدل في البلاد، ما تبعه هرب زوجته فاطمة، وابنها علي، إلى الفيوم، فيما يستبد قائد الشرطة سنقر الكلبي، الذي جسد دوره الراحل أبو بكر عزت، فيعزل القاضى العادل ويعين شيخ الكتاب حلاوة، المنافق، ويسجن معظم أفراد كتيبة الفرسان الشريفة.

الحبكة الدرامية للأحداث تتضح بعد عودة علي الزيبق شابا إلى القاهرة وتعرفه بأحد اللصوص ويدع "لملوم" وتنعقد بينهما علاقة أخوة، فيما يسرق الأخير منزل القاضي فيتبعه "سنقر" إلى دكانه ويقتله أمام صديقه علي، لتبدأ معركة حامية بين "الزيبق" و"الكلبي" دون أن يعرف الشاب أن غريمه هو نفسه من قتل أبيه.

رغم أن "علي الزيبق" كان لصا يسرق كل المسؤولين في السلطة، غير أنه اشتهر بنصرته للضعفاء لكونه يأخذ تلك الأموال ويعيد توزيعها على البسطاء كنوع من نشر العدل على طريقته، غير أنه برع في حياكة العديد من الحيل التي كان يهين بها "سنقر الكلبي" من خلال إجادته لفن التنكر وتنفيذه لكل العمليات التي يريدها بسهولة.

الأحداث تزداد تعقيدا مع قدوم "دليلة"، التي جسدت دورها الراحلة ليلى فوزي، من مقر السلطنة العثمانية للوقوف إلى جانب "سنقر" والقضاء على "الزيبق"، غير أن ابنتها "زينب" تقع في حبه دون أن تعرف حقيقته، وتزداد إعجابا به بعد معرفتها ببطولاته ضد قائد الشرطة الظالم وتقرر كتم سره، فيما يدبر "سنقر" و"دليلة" مآمرة جديدة بالإفراج عن فرسان كتيبة "العياق"لدرايتهم بفنون التنكر ومساعدتهم في التخلص من "الزيبق"، ولكنهم يقررون الانضمام إليه والاحتماء بالجبل ومآذرته ضد ظلم "سنقر".

ما لم يكن في الحسبان هو تعيين والي جديد لحكم مصر من أجل إصلاح الأمر، وهو بدوره يعيّن قاضيا جديدا يتضح أنه جاسوس من الماجوس يريد القضاء على الحكم الإسلامي العثماني في مصر وضمها إلى الدولة الماجوسية، بل وتكشف الأحداث أن "دليلة"، ليلى فوزي" هي أيضا عميلة ماجوسية تتظاهر بالولاء للعثمانيين، ليكون هناك حرب بين الظلم والعدل وأخرى بين نظامين للحكم يتباريان على اقتناص "المحروسة".

العقدة تستمر حينما تراقب "دليلة" ابنتها "زينب" وتعرف من خلالها حقيقة "علي الزيبق" الذي يتم القبض عليه والحكم عليه بالإعدام شنقا لولا تدخل الأهالي وكتيبة فرسان "العياق" لتخليصه، ليموت قائد كتيبة الفرسان ويسلّم الراية إلى "الزيبق" ليتولى القيادة من بعده.

الأحداث تتركز حول المؤامرة التي يدبرها المجوس لاحتلال مصر، حيث تكتشف "زينب" خيانة والدتها وتسرق رسالة تثبت تخابرها مع قادة الإمبراطورية المجوسية فتسلّمها إلى حبيبها "الزيبق" الذي يتفاجأ بمحاصرة "دليلة" و"سنقر" لقصر والي مصر بعد كشفه لخيانتهما، فيقتحم البطل المصري القصر ويخلّص الوالي مواجها "دليلة" بخيانتها، فما كان منها إلا أن تحاول طعنه بخنجر تستقبله ابنتها "زينب" في صدرها بعد افتدائها لحبيبها.

سيرة "علي الزيبق" تنتهي بعدم قبول ذلك البطل منصب قيادة الشرطة في مصر وتفضيله البقاء بين البسطاء، لأنه لا يخشى نهاية أبيه بقدر ما يخشى ان تغيره السلطة، فيتحول، يوما، إلى ذات الظالم الذي وقف ضده بالأمس.

السيناريست يسري الجندي، مؤلف مسلسل "علي الزيبق"، لم يكن الأول الذي يتناول سيرته في عمل تليفزيوني، بل سبقه إليه المؤلف الأردني عبد العزيز هلال من خلال مسلسل "دليلة والزيبق" الذي عرضه التليفزيون الأردني بإنتاج مشترك مع سوريا عام 1976، ناهيك عن تناول أدبي لها من خلال كتاب يحمل عنوان: "سيرة علي الزيبق" للكاتب خيري عبد الجواد، ومخطوطة نادرة تحمل نفس الاسم تعود إلى عام 1880، وأعادت الهيئة العامة للكتاب إصدارها ضمن سلسلة "الثقافة الشعبية" خلال العام الماضي.


مواضيع متعلقة