بالصور| أهل سيوة يحتفلون بـ«عيد السياحة»: 200 سنة فتّة

كتب: شيماء عادل

بالصور| أهل سيوة يحتفلون بـ«عيد السياحة»: 200 سنة فتّة

بالصور| أهل سيوة يحتفلون بـ«عيد السياحة»: 200 سنة فتّة

ربط حزاماً من الصوف حول خصره بمهارة وإحكام، كمتمرس اعتاد على هذا الفعل مرة سنوياً منذ أربعة عقود مضت، للمشاركة فى العيد السنوى لواحة سيوة، الذى بدأ أمس الأول، وهو احتفال يجتمع فيه السيويون فوق «جبل الدكرور» لتناول الطعام من اللحم المسلوق و«الفتّة»، مرددين أناشيد الذكر احتفالاً بعودة السلام بين أهالى الواحة، بعد خلافات دامت لعقود.

فقبل 200 سنة كانت الحروب مشتعلة بين أهالى الواحة من الشرقيين والغربيين، وقتها جاءهم شيخ حكيم من ليبيا، واقترح عليهم أن يتجمعوا لمدة 3 أيام على جبل الدكرور يأكلون معاً ويتزوجون من بعضهم البعض حتى صار تقليداً يُحييه الأهالى سنوياً.

قبل يوم من بدء العيد، صعد الحاج السبعينى أحمد على الدسوقى، واحد من بين ثلاثة رجال مشرفين على عملية الطهى، إلى الجبل للمشاركة فى الاستعدادات لهذا العيد، وصعد الطهاة أيضاً عبر سلالم حجرية، على يمين السلم توجد غرفة صغيرة مبنية من مادة «الكرشيف»، وهى عبارة عن ملح مخلوط ببعض التربة الرملية، ومسقوفة من جريد النخل، اتخذها الطهاة مكاناً للذبح وحفظ اللحوم بعد طهيها جيداً، أما الجانب الأيسر من السلم فتم تخصيصه لأوانى الطهى الكبيرة المخصصة لتسوية اللحم وسلق الأرز الأبيض فى مرق اللحم.

ووفقاً للحاج على، فإن كل مسجد فى الواحة يخدم منطقة من الأهالى، وقبل العيد تشارك كل أسرة بمبلغ رمزى يصل إلى 10 جنيهات عن الفرد الواحد، تجمع المساجد الأموال لتساهم بها فى شراء «العجول»، وكذلك جوال من الدقيق يصل وزنه إلى 30 كيلوجراماً.

من بين الطهاة المشاركين فى العيد رجل طويل القامة، ذو بشرة بيضاء وعيون ملونة، تختلف ملامحه عن ملامح أهالى الواحة، يتحدث العربية بمهارة تمكّنه من إلقاء النكات.

{long_qoute_1}

الشاب حسب «الحاج على»، يدعى «ستيف»، فرنسى الجنسية، جاء إلى الواحة منذ 10 سنوات، لتعلّم اللغة العربية ودراسة القرآن الكريم، ومع الوقت ذاب بين أهالى الواحة حتى أصبح واحداً منهم.

فتحى عبدالله، 36 عاماً، من أهالى سيوة، يعمل مزارعاً، قرر الاستفادة من أيام عيد السياحة الثلاثة فى بناء شوّاية صغيرة لشواء الدجاج على الفحم، وهى الطريقة المحببة لأهالى سيوة فى تناول الدجاج: «عيد السياحة بالنسبة لنا فرصة حلوة الناس بتيجى من كل حتة فى العالم، فيه أجانب بيخصصوا رحلتهم لسيوة مع أيام العيد، غير طبعاً المصريين اللى بييجوا من كل محافظة يشاركونا فرحة عيدنا».

يضيف الشاب، وهو يقلب قطع الدجاج على الفحم: «الناس هنا بتحب تاكل الفراخ على الفحم والرمل، عشان كده بنيت شواية صغيرة من الكرشيف، وحطيت عليها رمل وفوقها فحم، الأعداد هنا كبيرة وقُلت فرصة إنى أستفيد من العيد»، مشيراً إلى أن العيد فى الماضى كان مختلفاً تماماً، الأعداد كانت قليلة، والعيد كان يقتصر على صعود الجبل واجتماع كل أهل سيوة للاحتفال والأكل من طبق واحد».

السيد العبادى، من أبناء مدينة أبوحمص التابعة لمحافظة البحيرة، جاء لبيع لعب الأطفال فى العيد السيوى، جلس خلف بضاعته البلاستيكية ينفث دخان الشيشة: «بقالى أكتر من 10 سنين بسافر من أبوحمص لحضور العيد فى سيوة، أنا تاجر اللعب الوحيد الذى يحضر إلى الواحة، وأحرص على حضور العيد سنوياً حتى لو تزامن مع عيد السياحة عيد آخر فى محافظة أخرى»، ويُرجع «العبادى» حرصه على الحضور إلى المكسب الذى يحققه خلال أيام العيد وما بعدها، خاصة أن الأطفال تسارع إليه كى تقتنص لعبة قلّما يراها الطفل فى الواحة.

فى اليوم الأول للعيد، يبدأ الطهاة فى الصعود إلى الجبل فى الثامنة صباحاً ويخرجون اللحم الذى تم تخزينه فوق بعضه فى «القُفف» المصنوعة من جريد النخل، ويقطّعونه إلى قطع صغيرة ويغرسونه فى أعواد رفيعة من جريد النخل، ويتم توزيعها على الأهالى الذين شاركوا فى العيد، ويقتصر صعود الجبل على الرجال والأطفال والفتيات، فالنساء المتزوجات لا يصعدن.

خلال فترة إعداد الطعام لا يسمح للوافدين بالصعود إلى الجبل، إنما يتجمعون فى الساحة الأرضية المواجهة للجبل، وبعد الانتهاء من إعداد الأطباق، التى يصل عددها لقرابة الألف طبق يكفى الطبق الواحد إطعام 4 أشخاص.

قبل أذان الظهر فى اليوم الأول للعيد يكون الطهاة قد انتهوا من تجهيز الأطباق، ليطلب المشرف من خلال الميكروفون، وهو الوسيلة الوحيدة للتواصل خلال العيد، نظراً للازدحام والضوضاء، النزول والتوجه إلى الساحة الأرضية المقابلة للجبل لرص أطباق الفتّة واللحم، وبعد الانتهاء من صلاة الظهر، ينادى المشرف خلال مكبر الصوت للحضور بالقول «بسم الله»، وهى إشارة للبدء فى تناول الطعام.

وبمجرد الانتهاء من تناول الطعام يقوم المنظمون للعيد بإقامة مزاد علنى بعد تناول الصلاة لبيع رأسى العجلين والأرجل، ليذهب ثمنها إلى الطهاة كأجر رمزى لهم، أياً كان الرقم الذى ينتهى عليه المزاد، فهو تقليد يتهافت إليه الصغير قبل الكبير.


مواضيع متعلقة