بين العلمانية والإسلام (6 - 7)
- ابن الهيثم
- ابن سينا
- الحضارة الأوروبية
- الحضارة الإسلامية
- الدول الإسلامية
- الدولة الأموية
- الدولة العثمانية
- السنة النبوية
- العالم الإسلامى
- القرن السابع عشر
- ابن الهيثم
- ابن سينا
- الحضارة الأوروبية
- الحضارة الإسلامية
- الدول الإسلامية
- الدولة الأموية
- الدولة العثمانية
- السنة النبوية
- العالم الإسلامى
- القرن السابع عشر
الحضارة بين العلمانية والإسلام
تقدم أن مدخل العلمانية فى أوروبا فى العصر الوسيط إنما كان مقاومة الجمود الذى ران على الفكر وأعاق الحضارة، نتيجة الهيمنة الكنسية التى صادرت جميع الأنشطة الإنسانية، وفرضت التحجر والآفات السلبية التى نهضت العلمانية للقضاء عليها وفتح الأبواب أمام رياح التغيير وتقدم الحضارة.
ومع أن الدول الإسلامية، ما بين الدولة الأموية والدولة العباسية وما تفرع عنها أو وازاها، ودولة المماليك وما عاصرها، والدولة العثمانية، قد عانت كلها من سلبيات شديدة فى الحكم، جرت فيها الدماء أنهاراً طلباً للسلطة أو سعياً إليها أو حمايةً لها، فإن الملحوظ أنه لم يصاحب هذه السلبيات تراجع حضارى، ولا تآكل فى الأدب والشعر والفنون، بل مضى ذلك كله عكس الحركة العامة للحكم، فى ازدهار لافت للنظر، وكاشف إلى أن بنية الإسلام قد حملت من القيم والتعاليم والمبادئ ما كفل هذا النمو خلافاً لمسار الحكم وشطحات الحكام.
ففى الوقت الذى حفلت فيه كتب التاريخ باستعراض المآسى التى شابت أداء حكومات العالم الإسلامى على مدى أربعة عشر قرناً، حفلت مؤلفات الشعر والفنون والآداب والحضارة بصفحات ناصعة تحققت رغم كل ذلك، وهى ظاهرة تنبئ عن قوة الدفع التى ظلت ماضية فى هذه الميادين مستمدةً حركتها من القيم والمبادئ الإسلامية التى لم تنجح نظم الحكم الجانحة فى القضاء عليها.
لا شك أنه كانت هناك أغلال ومعوقات كانت كفيلة بمصادرة الحضارة والأنشطة الفكرية والأدبية والفنية، ومع ذلك قاومت الحضارة كل هذه السلبيات، ومضت فى ترقيها وصحوها وصعودها بقوة الدفع المستمدة من قيم ومبادئ وأسس الإسلام.
وهناك العديد من الموسوعات والمؤلفات العربية والأجنبية التى تناولت معالم الحضارة الإسلامية فى الفكر والأدب والفلسفة، وفى الطب والعلوم والكيمياء والطبيعة، وفى الرياضيات والفلك، ومن هذه المؤلفات ما تعرض مباشرة لتأثير الحضارة الإسلامية فى أوروبا، ومنها كتاب للأستاذ عباس محمود العقاد، تناول فيه هذا التأثير تحت عنوان: «أثر العرب فى الحضارة الأوروبية»، فالطب الذى أثر فى الأوروبيين قديماً، وخصوصاً الطب المصرى الذى أشاد به «هوميروس» فى «الأوديسا»، قد أخذ أبعاداً أعرض بعد مجىء الإسلام الذى قضى على الكهانة وفتح الباب على مصراعيه للطب الطبيعى، وتطرق فيه مشاهير الأطباء إلى الفلسفة والهندسة والكيمياء والفلك ووضعوا كتباً أشبه بالموسوعات، ككتاب «القانون» لابن سيناء، وكتاب «الحاوى» للفخر الرازى، وتصانيف ابن الهيثم فى البصريات، وظلت هذه الموسوعات وغيرها تُدَرَّس فى أوروبا حتى أوائل القرن السابع عشر.
ولم تكن شئون الحكم والسياسة فى حالة طيبة أثناء تلك الحقبة، بل كانت تعانى من سلبيات وعوادم ومثالب عديدة، ومع ذلك ظلت الحضارة الإسلامية فى تطورها ونمائها وترقيها وتأثيرها، الأمر الذى يدل على أن الإسلام حمل فى بنيته من المبادئ والأساسيات ما كفل استمرار قوة الدفع الحضارى، وأتاح استمرار النهضة الحضارية الإسلامية وتأثيرها فى أوروبا، وهو ما ينبئ عن التباين بين الظروف التى عرضت لأوروبا فى العصر الوسيط تحت وطأة الهيمنة الكنسية، وبين العالم الإسلامى الذى كفلت له بنية الإسلام استمرار نهوض وتأثير الحضارة والفنون رغم كل سلبيات الحكم، وهو ما يعنى أن المجتمعات الإسلامية فى غنى بما لديها من مقومات الإسلام عن استعارة أفكار منظرى العلمانية، ويكشف من ثم عن انتفاء المواجهة بين العلمانية والإسلام فى شأن التقدم الحضارى.
التجديد
روح وبنية الإسلام
كان التحجر والجمود حافز الحركة العلمانية التى نهضت فى أوروبا فى العصر الوسيط لإزالة الأسباب الداعية إليه، وفتح منافذ التغيير والتطوير.
وهذا الجمود وإن لم يكن غريباً على المسلمين فى عهود التراجع والهبوط والانحطاط، فإن هذا كان عيباً فى الناس، وتقصيراً منهم، ولم يكن عيباً فى الإسلام أو قيداً فرضه لمصادرة الاجتهاد.
فالتجديد موجود فى بنية الإسلام، تتنادى به، وتفرضه الأدلة النقلية، كما يفرضه دليل العقل، حتى ليكاد الإسلام يصنف القعود عن الاجتهاد والتجديد فى باب الفرائض الغائبة، ويعتبر الجهاد الحضارى نوعاً من الجهاد المطلوب، والحضارة فريضة إسلامية.
على رأس الأدلة الإسلامية النقلية على وجوب التجديد حديث النبى (عليه الصلاة والسلام) المروى بإسناده عن ثقات فى أكثر من كتاب من صحاح السنة، وفيه يقول:
«إن الله ليبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».
والأدلة العقلية على وجوب التجديد مستفادة من أن الإسلام هو خاتم الأديان المنزلة، ويحمل رسالة عامة للناس جميعاً، باقية قائمة وصالحة لكل زمان ومكان، ومستفادة من أن النصوص «محدودة» و«متناهية»، بينما الحادثات «غير محدودة» و«غير متناهية»، الأمر الذى يستوجب الاجتهاد والتجديد لمعرفة الرأى الصحيح فى الحوادث المستجدة «اللامحدودة».
فالتجديد عنصر لازم فى بنية الإسلام، ومن أدلة وجوبه أخذه «بالإجماع» كمصدر من مصادر الشرع الإسلامى يلى مباشرة المصادر النصية المتمثلة فى آيات القرآن الحكيم، وفى السنة النبوية الصحيحة، قولية أو فعلية أو تقريرية.
والإجماع بذلك كنز من كنوز قدرة الإسلام على التجديد وملاحقة التطورات والحادثات اللامتناهية فى ضوء مقاصد الشريعة والقواعد الكلية والمبادئ الأصولية.
والإجماع يفتح الباب للنظر والتأمل والاجتهاد والتجديد، وهو حجة ومدد للنظر والتجديد بعد وفاة الرسول (عليه الصلاة والسلام) وانقطاع الوحى وانقطاع السنة كذلك كمصدر ثانٍ للتشريع يلى القرآن.
وقد تقدم الحديث الصحيح للرسول (عليه الصلاة والسلام) عن التجديد، يلحق به بالنسبة للإجماع كمدد يواجه به الإسلام الحادثات المتجددة واللامتناهية قوله (صلى الله عليه وسلم): «لا تجتمع أمتى على ضلالة».. وقوله: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن».
ومؤدى ذلك أن الإجماع مصدر بذاته متجدد ولا ينقطع، وهو مصدر غنى مانح للتشريع وللتجديد، وهو بطبيعته باب مفتوح لملاحقة تطورات الحياة بما تستوجبه، يعطى ثراءً وتجديداً للدين، ويقى من التحجر والجمود.
وحاصل ذلك أن فى بنية الإسلام ذاته، ما يوفر التجديد ويقى من الجمود، فإذا كانت العلمانية قد ظهرت فى أوروبا فى العصر الوسيط لعلاج التجميد، فإن الإسلام بذاته يعالج التجميد بتفعيل مبادئ الإسلام التى قعد الناس عن التزامها وتفعيلها.
لا مواجهة إذن، فى هذا الباب، بين العلمانية والإسلام، ولا حاجة للإسلام فى معالجة نذر الجمود لاستيراد تنظير العلمانية، ففى بنيته ومبادئه وفكره ما يكفل هذا العلاج، بالتفعيل الصحيح للإسلام ومصادره وقيمه ومبادئه.
- ابن الهيثم
- ابن سينا
- الحضارة الأوروبية
- الحضارة الإسلامية
- الدول الإسلامية
- الدولة الأموية
- الدولة العثمانية
- السنة النبوية
- العالم الإسلامى
- القرن السابع عشر
- ابن الهيثم
- ابن سينا
- الحضارة الأوروبية
- الحضارة الإسلامية
- الدول الإسلامية
- الدولة الأموية
- الدولة العثمانية
- السنة النبوية
- العالم الإسلامى
- القرن السابع عشر