أستاذ القانون الدولى لـ«الوطن»: إثيوبيا حجبت معلومات خطيرة حول معامل الأمان بـ«سد النهضة» عن مصر والسودان

كتب: محمد مجدى

أستاذ القانون الدولى لـ«الوطن»: إثيوبيا حجبت معلومات خطيرة حول معامل الأمان بـ«سد النهضة» عن مصر والسودان

أستاذ القانون الدولى لـ«الوطن»: إثيوبيا حجبت معلومات خطيرة حول معامل الأمان بـ«سد النهضة» عن مصر والسودان

قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى العام، إن تقارير المكاتب الاستشارية الدولية أثبتت أن إثيوبيا حجبت معلومات خطيرة بشأن أمان «سد النهضة» عن دولتَى المصب، مصر والسودان.

{long_qoute_1}

وأضاف «سلامة»، فى حوار لـ«الوطن»، أن الإخفاء العمدى للبيانات والمعلومات من جانب أحد أطراف العقد، كما فى الحالة الإثيوبية، ليس له توصيف قانونى إلا «التغرير بالكتمان» حسب تعبيره، وإلى نص الحوار:

أعرب وزير الخارجية عن قلق مصر بشأن ملف «سد النهضة».. فما هى الالتزامات الواجب على الجانب الإثيوبى تنفيذها بخصوص هذا الملف؟

- حسب إعلان المبادئ الموقّع بين دول مصر والسودان وإثيوبيا يجب التعاون فيما بينها على أساس التفاهم المشترك والمنفعة المشتركة وحسن النوايا ومبادئ القانون الدولى، وكذلك مبدأ تبادل المعلومات والبيانات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين بحسن نية، وفى التوقيت الملائم، وكذلك الأخذ بالمبدأ المعنون بـ«أمان السد»، الذى ينص على أن تستكمل إثيوبيا التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة بتقرير لجنة الخبراء الدولية، وفى الصدارة منها التأثيرات السلبية الضارة، إن وُجدت، من بناء هذا السد على دولتَى المصب، وفقاً للمواصفات الفنية والهندسية المقدمة من دولة إثيوبيا، لمصر والسودان والمكتبين الاستشاريين.

هل التزمت إثيوبيا بهذه المبادئ خلال عمليات بناء السد؟

- أكدت التقارير أن هناك عدداً من الأمور الفنية المهمة والخطيرة التى حجبتها إثيوبيا منذ البداية عن مصر والسودان، وعن المكتبين الاستشاريين الفنيين، وهذه البيانات والمعلومات الخطيرة تُعنى أساساً بمعامل أمان السد، ما أدى لأن تقوم إثيوبيا، فى تطور خطير، بالتحفظ على هذه التقارير التى تكشف دون شك عن انتهاك صارخ للمبادئ المختلفة التى ألزمت كل من إثيوبيا ومصر والسودان نفسها مجتمعة بالتعهد بها على أرض الواقع أثناء عمليات البناء المستمرة حتى الآن. {left_qoute_1}

وما الانتهاكات التى يثبتها التقرير على «أديس أبابا» فى القانون الدولى بشأن مسألة إنشاء السد؟

- إثيوبيا انتهكت مبدأ إعلام الأطراف المتعاقدة فى أى تعاهد دولى مثل اتفاقية «سد النهضة»، وهذا الإخفاء العمدى للبيانات والمعلومات من جانب أحد أطراف العقد، كما فى الحالة الإثيوبية، ليس له توصيف قانونى إلا «التغرير بالكتمان» لواقعة مهمة لدى المغرر به، فلولا حدوث ذلك الكتمان لما تعاقد المغرر به أساساً، أو دخل فى علاقة تعاقدية مع الطرف الآخر. ومن هنا فإن واجبنا الإعلام والإرشاد وإبداء النصح، وهو التزام محمود للطرف القوى فى العقد، والذى هو فى هذه الحالة دولة المنبع، أى إثيوبيا التى تشيّد المشروع، وذلك من أجل تنفيذ بنود العقد بدون حدوث أضرار لأى من أطراف ذلك العقد. وأود أن أشير هنا إلى أن المعلومات والبيانات الفنية المتوافرة لدى أحد طرفى العقد دون الآخر، والتى تخول اختيار الطرف الذى لم تصله هذه المعلومات والبيانات، تتيح للطرف المغرَّر به، أى مصر، أن يطلب قانوناً من الطرف الثانى، أى إثيوبيا، التوقف الفورى عن أعمال البناء، الذى هو فى الحالة الإثيوبية التوقف عن بناء «سد النهضة»، إلى حين التوصل لحل عادل فى هذه المسألة الخطيرة.

وهل كان يجب على إثيوبيا إعلام دول المصب بالمعلومات المتاحة فقط أم المخاطر المترتبة عليها؟

- لا يقتصر التزام أديس أبابا القانونى بمجرد إخطار مصر والسودان بالمسائل الأساسية والاستثنائية للمخاطر من بناء ذلك السد على الدولتين مصر والسودان، ولكن يمتد واجب إثيوبيا إلى إخطار الدولتين أيضاً بالعوارض الاستثنائية التى قد تحدث مستقبلاً فى بناء أخطر سد على نهر دولى، فالطبيب عليه إعلام المرض بمخاطر أى فعل يُحدثه على صحة ذلك المريض. ونوضح أن الغاية من إعلام أطراف الاتفاقية المشار إليها هى أن تكون إرادة كل طرف واعية بما يحدث على الأرض، خاصة عندما تكون المعلومة ذات أهمية، حيث أنه لولا هذه المعلومات المهمة لما قبلت مصر والسودان أيضاً بأن تقوم إثيوبيا بأعمال بناء «سد النهضة» وفقاً للمواصفات، والمعلومات، والبيانات، والمحددات، أى الالتزامات التى كان من المفترض بداية أن تُعلم بها إثيوبيا مصر قبل الإقدام على بناء السد ذاته. ومن الواجب هنا دعم التعاون بحسن نية المشار إليه فى المادة الأولى من اتفاقية «إعلان المبادئ بسد النهضة»، والتى يتفرع عنها العديد من الالتزامات لأطراف أى تعاقد، وليس بالضرورة النص عليها حرفياً فى هذا التعاقد، ومن ذلك تمثيلاً ودون الحصر: النزاهة، والإخلاص، والشفافية، والتضامن، والحيطة والحذر.

وماذا تقصد بالشفافية هنا؟

- الشفافية تعنى إرشاد الطرف الملتزم للطرف الآخر بكل المخاطر المرتقبة، وكيفية مجابهة هذه المخاطر التى تنتج عن بناء مشروع سد النهضة، ويعنى ذلك تحديداً فى المشروع أن هذا واجب على الملتزم فى أى عقد يتسم تنفيذه بالخطورة جرّاء إتمام ذلك المشروع.

وأخيراً نقول إن إثيوبيا تعسفت، ومن دون أى شك، ويجب على من تضرر من هذا التعسف أن يضع حداً لذلك، وحين تزول الظروف المؤدية للتعسف، يمكن لإثيوبيا مواصلة استعمال حقها فى بناء «سد النهضة».


مواضيع متعلقة