الموظفون فى الأرض
- الأستاذ الجامعى
- الأسر المصرية
- الإحالة للمعاش
- الجهاز الإدارى للدولة
- الموازنة العامة
- النقد الدولى
- انتبهوا أيها السادة
- «مبارك»
- آمنة
- الأستاذ الجامعى
- الأسر المصرية
- الإحالة للمعاش
- الجهاز الإدارى للدولة
- الموازنة العامة
- النقد الدولى
- انتبهوا أيها السادة
- «مبارك»
- آمنة
مؤكد أن المعاناة من الضغوط المعيشية مسألة مشتركة بين الجميع، لكن يبقى أن الموظفين المصريين هم الأكثر توجعاً هذه الأيام جراء ما أصابهم نتيجة التضخم وانفجار الأسعار، وحالة الركود، أو التحرك البطىء فى المرتبات. زمان كان للموظف وضعية خاصة، وكانت الوظيفة «الميرى» أملاً ومنجى لصاحبها من العواصف والاضطرابات الاقتصادية. فالموظف له مرتب مضمون يقبضه آخر كل شهر، يستطيع أن يدير به حياته، ولو أنك تأملت بعضاً من روايات نجيب محفوظ -رحمه الله- فستجدها تعكس فضيلة الاستقرار التى يتمتع بها الموظف، وشغف الأسر المصرية بتزويج بناتها من موظفين. نجيب محفوظ نفسه حرص على الاستمرار فى الوظيفة والتمسك بها رغم النجاح الذى أصابه فى مجالى الأدب والسينما. فالوظيفة بالنسبة لهذا الجيل كانت «أمراً مقدساً» وقيمة عليا، وهى معانٍ استدعاها «صاحب نوبل» فى رواية «حضرة المحترم».
ماء كثير جرى فى نهر الوظيفة والموظفين فى مصر أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، بإمكانك أن تجد صداه فى بعض الأعمال السينمائية التى طرحت أزمة الموظفين، مثل فيلم «انتبهوا أيها السادة»، الذى أثبت تراجع قيمة الأستاذ الجامعى أمام «عنتر الزبال»، وفيلم «الموظفون فى الأرض»، الذى يحكى قصة مدير عام لم تثنه ظروفه المعيشية الصعبة عن التمسك بمبادئه ولم تدفعه إلى السير فى طريق التربح بالفساد، لكنها اضطرته إلى «التسول» حتى يتمكن من تزويج بنتيه وتعليم ابنه. الوظيفة لم تعد «أملة» بل غدت «محنة». الدولة تتهم قطاعاً من الموظفين بالفساد. وهو كلام صحيح، فلا يستطيع عاقل أن ينكر أن هناك فسدة صغاراً بين موظفى بعض المؤسسات، لكن إغفال الظروف التى نشأت وترعرعت فيها عشش الفساد بين بعض الموظفين فيه ظلم كبير. خلال عصر «مبارك» دأبت الدولة على غمر القيادة داخل أى مؤسسة بالمكافآت والعطايا والمكاسب والمغانم حتى تضمن ولاءها وسيطرتها على الصغار، وهو مشهد أغرى بعض ضعاف النفوس من صغار الموظفين بتبرير الفساد لأنفسهم.
اليوم دخل الموظف المصرى دائرة «البلاء المبين». تضخم الأسعار «نحل وبره» ولم يعد المرتب كما كان ضمانة ضد عواصف التقلب الاقتصادى. فالورقة النقدية «الآمنة» أصبحت محدودة القيمة لا تشترى خُمس ما كانت تشتريه منذ شهور. وأحاديث المسئولين لا تتوقف عن «تبكيت» الموظفين الكسالى الذين لا يعطون الوطن شيئاً ويلهفون «القبضية» آخر كل شهر. وأصل هذا الكلام -كما تعلم- يرتبط بإحساس أن مرتبات الموظفين أصبحت تشكل عبئاً على الموازنة العامة، وأن الأمر أصبح يستلزم التخلص من عدد منهم. منذ أسبوع نفى مركز المعلومات، التابع لمجلس الوزراء، ما تردد من أنباء تفيد باشتراط صندوق النقد الدولى تسريح 2 مليون موظف من الجهاز الإدارى للدولة لمنح مصر الشريحة الجديدة من قرض الـ12 ملياراً. هذا النفى كان صدى لكلام تداولته وسائل الإعلام وأحاديث دارت بين الموظفين حول «تسريح» عدد منهم. الإحالة للمعاش كارثة على مستوى الدخل بالنسبة للكثير من الوظائف، يكفى فى هذا السياق أن أستدل بمعاش أستاذ الجامعة (1200 جنيه). كل موظف وله أسرة، والحديث عن ملايين الموظفين يعنى حديثاً مقابلاً عن ملايين الأسر. وبالتالى فأى قرار يتعلق بهذا القطاع من المصريين، لا بد أن تسبقه حسابات دقيقة.. دقيقة جداً!.