على هامش كرة القدم الأمريكية
- أكياس بلاستيكية
- أماكن متاحة
- السلام الوطنى
- السير عكس الاتجاه
- القانون المدنى
- اللوحات الإرشادية
- المجتمع المحلى
- المناطق المحيطة
- الهواتف المحمولة
- الولايات المتحدة
- أكياس بلاستيكية
- أماكن متاحة
- السلام الوطنى
- السير عكس الاتجاه
- القانون المدنى
- اللوحات الإرشادية
- المجتمع المحلى
- المناطق المحيطة
- الهواتف المحمولة
- الولايات المتحدة
محاولات حثيثة بذلتها لأنأى بنفسى عن أجواء الهرى والإفتاء التى باتت سمة المرحلة فى مصر. وتشاء الظروف أن أكون فى زيارة للولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً فى «أركنسو»، وهى ولاية هادئة ساكنة بعيدة عن أشكال الهرى السياسى والاحتكاك الناجم عن تداخل الإثنيات والأعراق والأيديولوجيات. لكن يبدو أن الهرى متجذر والتلذذ بتعذيب الذات متمكن.
تمكنت من تذكرة لحضور مباراة مهمة لكرة القدم الأمريكية بين فريقى «أركنسو رازورباكس» و«أوبرن تايجرز»، وليتنى لم أتمكن! فكل خطوة إلى الاستاد، وكل إجراء، وكل همسة وتفصيلة دفعتنى دفعاً نحو الهرى، وإعادة التشكك فى الطريق الذى تصر مصر على المضىّ فيه.
فى الطريق إلى المباراة، حيث وجوه رجال الشرطة ونسائها البشوشة والمبتسمة والمسلّمة بحقيقة واقعة واحدة لا ثانى لها وهى أن سبب وجودهم هناك ليس للعبوس فى وجوه المشجعين، أو التكتكة على الهواتف المحمولة، أو انتظار وصول صلاح بك وحسين بك لإدخالهما مقصورة كبار الزوار، ولكن لتأمين الطريق والمشجعين والمباراة.
وهم يفعلون ذلك طبقاً لخطة محددة موضوعة سلفاً، وليست وليدة اللحظة. فالشوارع المغلقة أُعلن عن إغلاقها مراراً وتكراراً قبل المباراة بأسبوع. والشوارع غير المغلقة تم تزويدها بكمٍّ هائل من اللوحات الإرشادية، وأماكن إيقاف السيارات لا تخضع لعشوائية قادتها أو بلطجة السياس أو حتى مدى ارتباط أصحابها بجهات سيادية فى الدولة. هناك أماكن متاحة لانتظار السيارات لمن أراد أن يأتى مبكراً، وفى حال استُنفدت الأماكن لا مجال للركن صفوفاً ثانية وثالثة ورابعة. بل إن من يستهبل أو يستعبط ويتعدى على الخط المخصص لإيقاف السيارة فى داخله فجزاؤه المستحق مخالفة من النوع المفتخر.
وبالطبع فإن «فكاكة» السير عكس الاتجاه أو «فهلوة» السير فى خطوط متعرجة أو «غباوة» تعدّى السرعات المقررة أمور أقرب ما تكون إلى الجنون، حيث مرتكبها حتماً معتوه أو مجنون أو سفيه.
ومن السفه أيضاً تخيُّل أن يصطحب أحدهم إلى داخل الاستاد شمروخاً للاحتفال هنا أو حفنة من الطوب لرشق اللاعبين هناك أو زجاجات لكسر أعناقها وذبح مشجعى الفريق المضاد مثلاً.
وقد عرفت أنه لا يُسمح إلا بحمل الحقائب الشفافة التى تظهر محتوياتها، فامتثلت حيث حملت حقيبة صغيرة ظننتها مناسبة. وقد جرت أحاديث طويلة بين الموظف المسئول عن تفتيش الحقائب على الباب وبين رئيسته حول إذا ما كانت حقيبتى مطابقة للمواصفات أم لا! وكدت أن يُغشى علىّ حين فوجئت بأنه تم تصنيف حقيبتى تحت بند «كيس محمول» وليس حقيبة لأنه يُحمل فى اليد ولا يُعلَّق على الكتف، ومن ثم كان ينبغى أن يكون موازياً لحجم الكف المرسوم على اللافتات. وحين وجد الموظف أن حجمه يزيد بمقدار سنتيمتر ونصف، لجأ إلى مديرته لتحسم الموقف. لحسن حظى أن المديرة أجازت دخولى بالكيس معللة قرارها التاريخى بأنه «محمول» و«شفاف» ومن ثم لا يشكّل خطورة. وبقى هنا أن أقول إن الموظف هو متطوع فوق سن الـ70 عاماً من المجتمع المحلى لتيسير دخول المشجعين، أما مديرته فأصغر منه بنحو عشر سنوات ومهمتها إدارة فريق تفتيش الحقائب فى هذه البوابة والمكون من عشرة رجال ونساء «سينيور» من المتطوعين فوق سن الـ65 عاماً.
أبناء العشرة والـ20 والـ30 وما فوقها من المتفرجين والمشجعين قصة فى حد ذاتها. فيوم مشاهدة المباراة ليس مجرد يوم للتشجيع وإشباع هواية كرة القدم، لكنها مناسبة للتجمعات الأسرية والاجتماعية، إذ يتجمع الآلاف لتناول طعام الغداء فى المناطق المحيطة بالاستاد قبل المباراة بأربع أو خمس ساعات. يأكلون ويشربون ويستمعون للموسيقى والأغانى دون أن يصموا آذان بعضهم البعض أو يصر أحدهم على تعلية الصوت ليغطى على الجميع غصباً عنهم وعمن خلفوهم بحجة أنه يستمع لتلاوات مقدسة أو صلوات سماوية، ثم يجمعون مخلفاتهم فى أكياس بلاستيكية، ويتوجهون كل إلى بوابة الدخول المخصصة لتذكرته.
وبحكم النظام المخطط والمدروس سلفاً، والتأمين المحكم دون عكننة على المواطنين، والثقافة المغروسة بأن التدافع غباء، والتزاحم عته، ومحاولة الدخول بالعافية قبل الآخرين لا تليق ببنى الإنسان والكثير من بنى الحيوان، يحضرنى فى هذا الصدد أن أشير إلى أن الحضور يتألف فى معظمه من العائلات الممتدة من نساء ورجال من الأجيال المختلفة بالإضافة إلى آلاف الطلاب والطالبات (بحكم أن الاستاد هو استاد جامعة أركنسو الشهير). وهم هنا لم يتدرجوا فى نظريات النشوء والارتقاء العكسية إلى مرحلة التحرشات الجماعية كنوع من الاحتفاء بالمناسبة، أو للتأكيد على كميات هرمون التستوستيرون التى يحملها الذكور، أو لأن «البنت التى توجد فى مكان كهذا تستحق ما تتعرض له». ولأنهم ليسوا متدينين بالفطرة، فإن تدينهم أمر شخصى، وما يحكم العلاقة بينهم وبين بعضهم البعض هو القانون المدنى وليس الأحكام التى يطلقها هذا على هذه. كما أن الشرطة هنا ليست مهمتها غرس الأخلاق الحميدة والمساهمة الضمنية فى تحميل الإناث مسئولية ما يتعرضن له من تحرش وقرف، بل مهمتها معاقبة من تسول له نفسه أن يطلق أحكاماً على آخرين وينتهك خصوصيتهم تبعاً للقوانين والقواعد المنصوص عليها مدنياً.
القواعد المنصوص عليها فى المباريات تحوى توجيه التحية لجنود الولايات المتحدة الأمريكية الذين يحمون الوطن، وهى تحية وقف لها الحضور إجلالاً وتعظيماً، وحظيت بتصفيق هادر. ثم أتى دور السلام الوطنى. صمت رهيب لا تعكره همسة، الجميع يقف منتبهاً واضعاً يده على الصدر حيث القلب، وترديد للكلمات، دون تريقة سخيفة أو تنكيتة رديئة، أو تقليل من شأن النشيد والعلم والوطن، أو تحريم لحب الوطن واحترامه.
وبقدر بهجة المناسبة بقدر كم المقارنات ومن ثم هرى ومزيد من الهرى عما وصل إليه حالنا!
- أكياس بلاستيكية
- أماكن متاحة
- السلام الوطنى
- السير عكس الاتجاه
- القانون المدنى
- اللوحات الإرشادية
- المجتمع المحلى
- المناطق المحيطة
- الهواتف المحمولة
- الولايات المتحدة
- أكياس بلاستيكية
- أماكن متاحة
- السلام الوطنى
- السير عكس الاتجاه
- القانون المدنى
- اللوحات الإرشادية
- المجتمع المحلى
- المناطق المحيطة
- الهواتف المحمولة
- الولايات المتحدة