معركة «اليونيسكو».. والانتصارات المصرية!

عام كامل مرّ على إعلان مجموعة من شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، عن دعمهم لترشّح السفيرة مشيرة خطاب لمنصب مدير عام منظمة «اليونيسكو».. ما زلت أذكر تلك اللحظة جيداً التى شرفت بحضورها ضمن فعاليات مؤتمر الشباب الذى عُقد بالقاهرة فى نهايات العام الماضى..!

عام كامل من الجهد والعمل من تلك المجموعة المتميّزة التى تم تشكيلها لدعم مرشح مصر للمنصب الدولى.. التى نجحت فى أن تكون نداً قوياً خلال المنافسة بينها وبين مرشحى دول العالم.. وعلى رأسهم مرشّحة فرنسا التى فازت بالمنصب فى النهاية..!

عام كامل.. يُحسب للخارجية المصرية فيه مجهودها المكثف الذى بذلته.. والذى أدى إلى وجود مصر بقوة فى المنافسة حتى الساعات الأخيرة.. فالواقع أننى لم أتخيل أن تحصل مصر على ١٨ صوتاً، لتتساوى مع فرنسا.. وتدخل معها جولة أخيرة للإعادة لحسم المرشح الذى سيُنافس مرشح دولة قطر الذى حصل على ٢٢ صوتاً!!

ورغم أنها ليست المرة الأولى التى يتنافس فيها مرشح مصرى على ذلك المقعد.. فقد سبقها إليه فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، قبل ثمانى سنوات.. وإسماعيل سراج الدين فى عام ١٩٩٩ -وإن كان الأخير قد رشّحته دولة بوركينا فاسو الأفريقية، ولم يكن مرشح النظام المصرى آنذاك- إلا أن الأمر يتميز هذه المرة بأن معركة أخرى ظهرت فى الأفق على هامش المعترك الانتخابى.. وهى تلك المعركة الإقليمية مع المرشح القطرى.. التى صاحبتها معركة معتادة على وسائل التواصل الاجتماعى بين تأييد ورفض من فريقين اعتادا الجدال.. ولست أظن أنهما سيتفقان فى القريب العاجل!!

لن أتحدث عن الكيفية التى حصل بها مرشح لمؤسسة هدفها الأساسى رعاية «التاريخ» الثقافى والحضارى للعالم على تلك الأصوات.. فى حين أن عمر بلاده نفسها أحدث بكثير من عمر المبنى الذى تمّ فيه التصويت!!

ولن أذكر كل الممارسات «غير الشريفة» التى تمّت من تلك الدويلة لتشترى لمرشحها ذلك المنصب.. لكننى أتعجّب من هؤلاء الذين برّروا رفضهم المرشح المصرى، وقبولهم نظيره القطرى بمستوى التعليم والثقافة، ومتوسط الدخل فى قطر مقارنة بمصر.. دون أن يشيروا -أو دون أن يعرفوا فى الأساس- أن المرشح القطرى «حمد الكوارى» تلقى تعليمه فى أرض الكنانة.. وأنه خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى القاهرة!!

تحكى الكاتبة «فتحية الدخاخنى» فى كتابها «فاروق حسنى.. وأسرار معركة اليونيسكو».. الذى صدر قبل أزمة قطر من الأساس.. أن السفير القطرى لدى «اليونيسكو» كان يؤكد للدكتورة شادية قناوى، مندوبة مصر، الدعم القطرى للمرشح المصرى.. بينما يتجول بين أعضاء المكتب التنفيذى لدفعهم للتصويت ضد مصر.. الأمر الذى كشفه سفيرا الفلبين وباكستان وقتها.. حتى إن بعض الدول قد أرسلت توجيهات إلى سفرائها بعدم التصويت للمرشح المصرى، بسبب التهديدات القطرية!!

الأمر بات واضحاً للجميع.. فتلك الدويلة تحاول بشتى الطرق فى كل مرة أن تعمل ضد الدولة المصرية.. حتى إن لم يكن لها مصلحة مباشرة.. فوقفت ضد مصر فى الخفاء فى المرة السابقة.. وعلانية هذه المرة.. لكننّى أعتقد أنها خسرت فى المرتين.. ولم تخسر مصر!

لقد فازت مصر، لأنها خاضت معتركها الانتخابى بشرف حتى النهاية.. وأثبتت أن الخارجية المصرية استعادت عافيتها وصارت قوية مؤثرة..

لقد اكتسبت مصر ٢٥ دولة صديقة لم ترضخ للأموال القطرية.. وصوّتت لها فى انتخابات الإعادة الأخيرة.

لقد فازت مصر بأن أثبتت للعالم كله.. أن النّفط لا يصنع التاريخ..

شكراً مشيرة خطاب وفريقها.. وشكراً للخارجية المصرية..!