بعد استراتيجيته الجديدة.. لماذا يرفض ترامب الاتفاق النووي الإيراني

كتب: دينا عبدالخالق

بعد استراتيجيته الجديدة.. لماذا يرفض ترامب الاتفاق النووي الإيراني

بعد استراتيجيته الجديدة.. لماذا يرفض ترامب الاتفاق النووي الإيراني

حالة من الجدل الضخم تدور بشأن الاتفاق النووي الإيراني، منذ تولي دونالد ترامب مقاليد حكم الولايات المتحدة، وهو ما حسمه الرئيس الأمريكي في خطابه مساء أمس، حيث أعلن فيه استراتيجيته بشأن إيران، رافضا الإقرار بأن طهران التزمت بالاتفاق النووي الذي وقّع في العام 2015، واصفا إياها بأنها "نظام متطرف"، موضحا أنه سيحيل الأمر إلى الكونجرس، ويستشير حلفاء الولايات المتحدة في كيفية تعديله.

وتتضمن الاستراتيجية الجديدة، بحسب بيان للبيت الأبيض، عناصر أساسية هي "تحييد التأثير المزعزع للاستقرار للحكومة الإيرانية وكذلك تقييد عدوانيتها، ولا سيما دعمها للإرهاب والمسلحين، وإعادة تنشيط التحالفات الأمريكية التقليدية والشراكات الإقليمية كمصد ضد التخريب الإيراني واستعادة أكبر لاستقرار توازن القوى في المنطقة، وحرمان النظام الإيراني، ولاسيما الحرس الثوري، من تمويل أنشطته الخبيثة ومعارضة أنشطة الحرس الثوري الذي يبدد ثروة الشعب الإيراني".

وشملت الاستراتيجية أيضا، "مواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية والأسلحة الأخرى الموجهة ضد الولايات المتحدة وحلفائها، وحشد المجتمع الدولي لإدانة الانتهاكات الجسيمة للحرس الثوري لحقوق الإنسان، واحتجازه لمواطنين أمريكيين وغيرهم من الأجانب بتهم زائفة، وحرمان النظام الإيراني من المسارات المؤدية إلى سلاح نووي".

ويعود رفض ترامب للاتفاق، إلى فترة ترشحه للرئاسة، حيث أعرب بوضوح عن معارضته للاتفاق النووي الإيراني المبرم في العام 2015، في عهد سلفه الديمقراطي باراك أوباما، ووصفه بأنه "عار".

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أسباب الرفض في تقريرها، حيث تتضمن 5 بنود، وهم "بند الغروب"، قائلة إنه يعتبر هذا البند الخلل الأكثر وضوحا، بحسب وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، فالاتفاق الموقع في فيينا، بين طهران والقوى الكبرى "الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا"، لضمان أن البرنامج النووي الإيراني لا يهدف إلى صنع القنبلة الذرية، يتضمن عبارة بالإنجليزية هي بند الغروب، تنص على أن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجيا اعتبارا من 2025.

"عمليات تفتيش مقيدة جدا".. هي البند الثاني في قائمة الرفض، والتي جاءت على لسان سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، حيث طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة مراقبة تطبيق الاتفاق، بإجراء عمليات تفتيش أوسع نطاقا وأقوى في مواقع عسكرية عدة، والفكرة هي أن إيران قد تكون تحتفظ ببرنامج نووي عسكري سري، رغم التقارير الجيدة الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن مراقبة الالتزامات الإيرانية، تعتبر عموما بين الأشد في العالم، ورفضت طهران، فرضية عمليات تفتيش مواقع عسكرية، متهمة واشنطن "بالبحث عن أعذار" لتمزيق النص.

إضافة إلى الاتفاق الذي أقرت الولايات المتحدة حتى الآن بأن إيران تحترمه "تقنيا"، ترغب واشنطن في التطرق لأنشطة غير نووية تقوم بها إيران وتعتبرها "مسيئة"، وقال تيلرسون: "الاتفاق لا يشكل سوى جزء من قضايا عدة يجب أن نعالجها في علاقتنا مع إيران".

اعتبرت الإدارة الأمريكية مرارا، أن الإيرانيين ينتهكون "روحية" الاتفاق، والانتقاد الأول يستهدف البرنامج الباليستي الإيراني غير المحظور بموجب اتفاق فيينا، رغم أن القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي صادق بموجبه على الاتفاق، يطالب طهران بعدم تطوير صواريخ اعدت لتحمل رؤوسا نووية.

وأضحت وكالة الأنباء الألمانية أيضا، أن لائحة الاعتراضات طويلة كما تعددها وزارة الخارجية الأمريكية: "الدعم المادي والمالي للإرهاب والتطرف، ومساعدة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فظاعات ضد الشعب السوري، الدور المزعزع للاستقرار في دول اخرى (دعم حزب الله في لبنان والمتمردين الحوثيين في اليمن)، والعداء القوي لإسرائيل، والتهديدات المتكررة لحرية الملاحة، والقرصنة المعلوماتية، وانتهاكات حقوق الإنسان، والاعتقال العشوائي لرعايا أجانب".

كما أعرب الرئيس الأمريكي وإدارته، عن الأسف، لأن التقدم الذي تحقق عبر اتفاق العام 2015 لم يجعل من إيران "جارة" أفضل في الشرق الأوسط، معتبرا أن الاتفاق "فضفاض".

وهو ما أيدّه الدكتور محمد محسن أبوالنور الخبير في الشؤون الإيرانية، بأن تلك البنود السالف ذكرها، وبخاصة "الغروب والصواريخ البالستية"، هم الأشد رفضا من قبل ترامب، وسيسعى لتغييرهم ضمن الاتفاق، مؤكدا أن استراتيجيته التي أعلنها أمس لم تأت بجديد عما سبق له من تصريحات.

وأضاف أبوالنور، في تصريح لـ"الوطن"، أن دونالد ترامب يعتبر من أكثر الجمهوريين المتشددين سياسيا، حيث إن المنتمين لذلك الحزب الأمريكي الضخم يمتلكون تاريخا معروفا في معادة إيران، مثل الرئيس جورج بوش.

ولفت الخبير في الشؤون الإيرانية، إلى أن الرئيس الأمريكي الحالي لديه مشكلات عنصرية واضحة، لذلك يرفض أي اتفاقات مع الشرق الأوسط، فضلا عن وجود مشكلات أيدلوجية لديه مع إيران على وجه التحديد، لذلك فكانت فترة حكم الرئيس الديمقراطي باراك أوباما ذهبية بالنسبة للإيرانيين لتوقيع الاتفاق النووي.

وأشار أبوالنور، إلى أن إيران سترد برفض الاستراتيجية الجديدة، حيث اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن كلمة ترامب تظهر أنه "ضد الشعب الإيراني أكثر من أي وقت مضى"، وهي "مجموعة من الإهانات والاتهامات التي لا أساس لها".


مواضيع متعلقة