الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات

حازم منير

حازم منير

كاتب صحفي

متى سيشعر المستهلك فى مصر أن هناك من يحمى مصالحه فعلاً وليس قولاً؟ ومتى سيتأكد الناس أن مسئولية أجهزة محددة تابعة للحكومة هى تحقيق التوازن بين المُنتج والمستهلك، وليس حماية طرف واحد بالقطع هو مُنتج الخدمة، وليس مستهلكها.

ما سبق ليس ادعاءً وإنما حقيقة يعيشها مستخدمو المحمول والإنترنت، ويعانون مشكلات متكررة يومياً مرات عديدة، ولا يجدون من يُصغى لهم أو يعمل على تعويضهم، قدر ما يرصدون ويتابعون تحركات سريعة وقفزات «ضفدعية»، للاستجابة لمشكلات الشركات، والعمل الفورى على حلها، بزعم حماية البلد «أحسن المستثمرين يطفشوا».

الحقيقة أن شركات المحمول تحقق أرباحاً مذهلة من داخل مصر، وليس صحيحاً أنها تحقق خسائر كما يدّعى البعض، صحيح لا أملك أرقاماً محددة لميزانيات الشركات، لكننا وبمؤشر الاستخدام العام والعلانية يمكن أن نتأكد إذا كانت تلك الشركات تخسر أم تربح.

وأيضاً بمؤشر الأداء العام يمكن أن تتحقق من الفارق فى السرعة بين تلبية احتياجات المستهلك وبين الشركات، وليتذكر القارئ عدد المرات التى ينقطع فيها الاتصال قبل اكتماله، ويعاود الاتصال مجدداً، وكم مرة ينفعل من هبوط أداء شبكات الإنترنت على المحمول، أو على أجهزة الكمبيوتر، حتى تتأكد أنه لو كان هناك رقيب أو حسيب على هذه الشركات لحصلت على تعويضات مقابل ما تعانيه، لكن للأسف المسألة ليست كذلك. فى الحقيقة فإن العقود بين الجهاز القومى للاتصالات والشركات منصفة للغاية، لكن كالعادة الأداء ليس منصفاً وإنما هو منحاز، فمسئولية تعويض المستهلك وإلزام الشركات بذلك هى مسئولية هذا الجهاز، باعتباره المسئول عن رقابة الخدمة وأدائها.

حسب القانون يقوم الجهاز بتنظيم قياسات شهرية على مستوى جودة الخدمة من بدء المكالمة واستمرارها، ومستوى الاستقبال والإرسال، وعدم انقطاع الاتصال، وسرعة شبكات الإنترنت، وتباطُئِها أو انقطاعها، وغيرها من عشرات التفاصيل، وهو قياس فى حدود معلوماتى يتم فعلياً، لكن فى حدود مشاهداتنا جميعاً لا يُستفاد به، وإلا لكانت الخدمات مختلفة تماماً، وما كانت معاناتنا التى لا نعلم حتى الآن كيف تُرفع الأسعار بنسبة الثلث، رغم أن رداءة الخدمة قائمة فعلاً، ومستمرة، ولا يُحاسب أحد عليها.

فى حدود معلوماتى أيضاً فإن التعاقدات مع الشركات تتضمن نصاً بحصول الجهاز القومى للاتصالات على نسبة من العوائد السنوية للشركات -العوائد وليس الأرباح- يتم تخصيصها وفقاً للاتفاق لصندوق الخدمة الشاملة، وهو المختص بتلبية احتياجات مناطق لا تتعامل معها الشركات، لعدم جدواها الاقتصادية فيقوم الجهاز بتوفير احتياجاتها، وأعتقد أيضاً أن سوء الخدمات مع المناطق البعيدة يؤكد أن هذا الصندوق «مش شايف شغله بالظبط».

لا أعلم إذا كان الجهاز يستطيع القيام بدوره الرقابى فعلياً على الشركات وهو يتحصل منها على نسبة من عوائدها، ولا أقصد تشكيكاً فى النزاهة والأمانة، وإنما هو تساؤل مشروع، خصوصاً أننا لا نرى مواجهات قوية مع الشركات لحماية حقوق المستهلك، ولا نحتاج إلى دليل على ذلك، لأن ما يواجهه المستهلك من مشكلات يومية هو أكبر دليل، وطالما نُكرر مقولة: «الحق المستثمر حيمشى»، يبقى مفيش فايدة، وسنظل تحت سياسة الابتزاز.

أعتقد أننا فى احتياج إلى وقفة مع الجهاز القومى للاتصالات، لتحقيق التوازن المفقود بين حقوق المستهلك والمستثمر.