نموذج «حزب الله».. هل يتحقق فى غزة؟
- أرض الواقع
- أهالى غزة
- إجراء الانتخابات
- الأوضاع السياسية
- الإخوان المسلمين
- الانتخابات العامة
- التوافق الوطنى
- التيار الإصلاحى
- الجناح العسكرى
- الحمد الله
- أرض الواقع
- أهالى غزة
- إجراء الانتخابات
- الأوضاع السياسية
- الإخوان المسلمين
- الانتخابات العامة
- التوافق الوطنى
- التيار الإصلاحى
- الجناح العسكرى
- الحمد الله
احتفلت غزة بعرس المصالحة وإنهاء الانقسام وملأت شوارعها اليافطات والأعلام المصرية وصور الرئيس السيسى تعبيراً عن الامتنان والشكر لدور مصر الفاعل فى إنهاء هذا الملف الذى عصف بوحدة الفلسطينيين وقضى على فرص السلام والاستقرار لسنوات طويلة، فهو الاتفاق الأشمل والأكبر من نوعه لإنهاء الانقسام والعودة إلى طريق الوحدة والمشروع الوطنى، بعد عشر سنوات عجاف تفتت فيها وحدة الوطن السياسية والجغرافية وتراجعت معها القضية الفلسطينية من الاهتمام العربى والدولى بشكل غير مسبوق.
ورغم الأجواء الاحتفالية والاستبشار بمرحلة جديدة تطوى خلافات وصراعات الماضى، ومظاهر الفرح والأمل فى غد يحمل الخير لأهل غزة، عبرت عنها اللقاءات الودودة بين «حماس» والوفد المصرى ووفد حكومة رام الله ورئيس وزرائها رامى الحمد الله، وصور الرئيس السيسى التى ملأت شوارع وميادين غزة الرئيسية شكراً وامتناناً، التى جاءت لتذيب الجليد بين غزة ومصر والآلام التى ظلت تحاصر الوطن الفلسطينى بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص، إلا أن كل ذلك لم يمنع من تسرب القلق والمخاوف الكامنة من التورط فى معادلة حكم شبيهة بلبنان، حيث يتحكم حزب مسلح بالسيطرة الفعلية على الأرض، بينما تتولى الحكومة دفع فاتورة الخدمات.
صحيح أن الاتفاق دخل حيز التنفيذ الفعلى بعد توجه حكومة رام الله إلى القطاع لتسلُّم المؤسسات والهيئات الحكومية والمعابر تحت رعاية مصر وجهاز المخابرات المصرى الذى بذل جهوداً مضنية لرأب الصدع بين حركتى «فتح» و«حماس»، لكن ستظل المخاوف حاضرة مثلما ستظل غزة عالقة بين احتمالين: الأول أن تعود الأوضاع السياسية إلى سابق عهدها قبل الانقلاب الذى نفذته «حماس» فى منتصف عام 2007 وكأن شيئاً لم يكن! وهذا الاحتمال له أثمان باهظة تكبدها أهالى غزة وبالذات الأسر التى سقط منها شهداء ومعتقلون على يد حركة «حماس»، ويقتضى الأمر الاعتذار والمصالحة المجتمعية وهو أمر ليس سهلاً، والثانى يتمثل فى لم الشمل فى إطار مصالحة منقوصة بمعنى استمرار حركة «حماس» بكامل قوتها وعتادها وأسلحتها وعلاقاتها الاستراتيجية وتحالفاتها الإقليمية التى بنتها على مدار سنوات الانقسام، فتظل كياناً لا يمكن التنازل عنه على غرار «حزب الله» فى جنوب لبنان.
لقد أدرك الرئيس الفلسطينى محمود عباس أن «حماس» قوة لا يستهان بها، ويخشى من نموذج «حزب الله» فى لبنان، لذا سارع بوضع شروط إضافية للمصالحة الوطنية مع «حماس»؛ أولها رفضه لأى وجود أو دور لقطر أو أى دولة أو جهة بعينها فى إشارة إلى دور مستقبلى لزعيم التيار الإصلاحى فى حركة «فتح»، النائب محمد دحلان، وذلك بعد التفاهمات التى توصل إليها «دحلان» و«حماس» فى القاهرة قبل نحو ثلاثة أشهر، وشرطه الثانى ألا يتم تكرار تجربة «حزب الله» اللبنانى فى إشارة إلى أن الحكومة تحكم صورياً، فيما حركة «حماس» تحكم فعلياً على أرض الواقع فى القطاع، ويتمثل الشرط الثالث فى عدم السماح بوصول أى مساعدات مالية من أى جهة كانت إلى القطاع إلا عبر حكومة التوافق الوطنى، فهل «حماس» قادرة على تنفيذ هذه الشروط؟
لم يكن لاتفاق المصالحة بين «حماس» و«فتح» أن يتم دون أن تكون هناك تغيرات على مواقف الأطراف المؤثرة على هذه المصالحة، فمن ناحية شهدت «حماس» تغيرات لافتة أدت إلى موافقتها على جميع شروط حركة «فتح» المتمثلة فى حل اللجنة الإدارية، وتمكين حكومة الوفاق من تولى صلاحياتها فى القطاع، والموافقة على إجراء الانتخابات العامة، فيما كانت «حماس» تربط موافقتها على الشروط بأخرى شبيهة مثل إلغاء جميع الإجراءات التى اتخذتها السلطة فى غزة، غير أن التغيرات الإقليمية والمحلية والداخلية دفعت «حماس» إلى تغيير موقفها، بعد أن تراجعت أدوار حلفاء الحركة من الإخوان المسلمين وقطر وتركيا، ولم تعد الحركة داخلياً قادرة على مواجهة المشاكل المتنامية والمتفجرة فى غزة، خصوصاً بعد إغلاق الأنفاق التجارية مع مصر التى كانت المصدر الأول للدخل الحكومى، ولا نغفل أن «حماس» شهدت تطورين مهمين؛ الأول: وصول قيادة جديدة للحركة مركزها قطاع غزة، والثانى تبنى الحركة وثيقة سياسية جديدة أعادت فيها تعريف نفسها حركة تحرر وطنى فلسطينية ذات مرجعية إسلامية.
إن دور مصر المكثف فى الآونة الأخيرة لتحقيق المصالحة يأتى من منطلق موقعها ومكانتها الاستراتيجية من القضية الفلسطينية، فضلاً عن أن مصر دعمت «حماس» انطلاقاً من قلقها أن يتحول قطاع غزة إلى دفيئة للإرهاب، فأى تدهور فى قطاع غزة سينعكس فوراً على مصر، فالمشاكل كبيرة ومتشابكة، وعملية إنهاء الانقسام ستكون متدرجة وسترتبط بالحوارات المقبلة فى شأن إدارة كل الملفات، وفى النهاية يجب أن تكون هناك سلطة واحدة ورجل أمن واحد وبندقية واحدة، أما أن تتحول حركة «حماس» فيما بعد إلى كيان مستقل على غرار نموذج «حزب الله» فإن ذلك سيعيد الأمور إلى المربع الأول، خاصة أن ملف كتائب القسام، الجناح العسكرى للحركة، لم يطرح ولن يطرح على طاولة الحوار مع حركة «فتح» فى الجلسات المقبلة رغم أن الرئيس أبومازن لمّح لذلك فى أكثر من مناسبة معرباً عن خشيته من نموذج «حزب الله» فى لبنان.