«النيابة»: محاكمة عاجلة لـ«إمام مسجد».. زوّج 27 فتاة قاصر مقابل «لحوم»

كتب: محمد العمدة

«النيابة»: محاكمة عاجلة لـ«إمام مسجد».. زوّج 27 فتاة قاصر مقابل «لحوم»

«النيابة»: محاكمة عاجلة لـ«إمام مسجد».. زوّج 27 فتاة قاصر مقابل «لحوم»

أحالت النيابة الإدارية، إمام مسجد الأربعين بقرية ميت حبيب، في المحلة الكبرى بالغربية، للمحاكمة العاجلة، وذلك على خلفية اتهامه بالتورط في تزويج نحو 27 فتاة قاصر، في القرية التي يعمل بها إمام مسجد والتابع للجمعية الشرعية، تأسيسا على تحقيقات القضية رقم 13 لسنة 2017، التي باشرها محمد الأدهم رئيس النيابة، تحت إشراف المستشار عبدالفتاح علام مدير النيابة الإدارية للتعليم والبحث العلمي في المحلة الكبرى.

كانت النيابة، تلقت البلاغ المقدم من مديرية الأوقاف بمحافظة الغربية، بناء على شكوى إحدى الأمهات المقيمة في القرية، من إمام مسجد في القرية، اتهمته فيها بتزويج ابنتها والعديد من الفتيات القاصرات، اللائي لم يبلغن السن القانونية «عرفيا» دون توثيق، بزعم أن الزواج حلال شرعا، وذلك حتى بلوغ الفتيات السن القانونية، وإتمام الزواج بصورة رسمية، وذلك أمام المأذون الشرعي في القرية، وحتى ذلك الموعد، يحرر المتهم إيصالات أمانة على الزوج ويحتفظ بها عنده، لحين إتمام الزواج الرسمي تحايلا على القانون.

وبسؤال الشاكية، قررت أن زوج نجلتها الذي تزوجها بعقد عرفي، حرره له المتهم نظرا لكونها قاصر لم تبلغ السن القانونية، وعقب وصول نجلتها للسن القانوني للزواج، رفض إتمام الزوج أمام المأذون، وعليه ذهبت الشاكية إلى المتهم وطلبت إيصالات الأمانة المحررة من الزوج للضغط عليه، والموجودة بحوزة المتهم، رفض إعطائها الإيصالات، وأبلغها أن الزوج رفض الزواج بالفتاة رسميا، رغم علمه بأنها حامل في الشهر السابع من تلك الزيجة غير القانونية.

{long_qoute_1}

وأضافت التحقيقات، أن نجلتها وضعت مولودها بالفعل، وحركت دعوى إثبات نسب ضد زوجها الذي رفض الاعتراف بالزيجة أو الطفل، وأن المتهم يفعل ذلك نظير مقابل مادي وعيني من اللحوم والطيور، يتكفل به ذوي الزوج عقب إتمام الزيجة.

ووفقا لبيان المتحدث الرسمي للنيابة الإدارية المستشار محمد سمير، استمعت النيابة إلى أقوال مدير إدارة الدعوة بمديرية الأوقاف في الغربية، الذي أفاد بأن الأهالي يلجأون لإتمام الزواج بالمساجد بهدف التهرب من شرط السن ورسوم الإشهار، كما قرر أن إمام المسجد لا يجوز له إبرام عقد الزواج، وأن ذلك من اختصاص المأذون الشرعي فقط.

كما استمعت النيابة لأقوال الشهود من أبناء القرية، الذين قرروا أن المتهم يزوّج القاصرات عرفيا، من خلال مشاركته بتحرير عقد الزواج وتحرير إيصالات الأمانة وإشهار الزواج بالمسجد.

وبسؤال المتهم، إمام المسجد، أنكر الاتهام المنسوب إليه، وقرر أنه لم يزوّج أحدا وفق ما جاء في أقوال الشاكية، وواجهته النيابة بمقاطع الفيديو المسجلة عن عقد قران نجلة الشاكية، والتي يظهر فيها وهو يعقد القران والزواج ويلقي خطبة عن الزواج.

وأكدت تحريات البحث الجنائي في مركز شرطة سمنود، التي وردت للنيابة، أن المتهم زوّج الفتيات القاصرات بالقرية، (ومنهن نجلة الشاكية)، واللائي لم يبلغن السن القانونية، زواجا عرفيا غير موثق. وبناء عليه، انتهت النيابة إلى قرارها المتقدم بإحالة المتهم المذكور للمحاكمة التأديبية العاجلة، وذلك على إثر ما نسب إليه.

{long_qoute_2}

وأصدرت النيابة 3 توصيات لمواجهة زواج القاصرات، في ظل ما كشفت عنه التحقيقات، من وجود قصور تشريعي باقتصار التجريم على الزواج الرسمي لمن هم دون الثامنة عشر، دون وجود نص محدد يجرم الزواج العرفي (غير الموثق) للأطفال القصر دون سن الثامنة عشر، أولها «ضرورة وجود نص تشريعي يحظر الزواج العرفي (غير الموثق) للأطفال القصر دون سن الثامنة عشر، ويؤثم كل من شارك أو ساهم فيه سواء كان من ذوي الضحية، وتشديد العقوبة على مرتكب الجريمة متى كان من أئمة المساجد، نظرا لما لوحظ من مشاركتهم بشكل كبير في إتمام الجريمة، بخاصة في القرى والمناطق الريفية، متسترين بعباءة الدين».

أما التوجيه الثاني الذي أصدرته النيابة، فهو «ضرورة التوعية المجتمعية بالآثار السلبية لزواج القاصرات، وأن تتكاتف مؤسسات الدولة الرسمية الدينية والاجتماعية والإعلامية، والمعنية بحقوق الطفل ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة، في التوعية بخطورة الجريمة الدينية والاجتماعية، وآثارها المدمرة، على أن تتضمن التوعية أن تقوم المؤسسات الدينية بدورها في نزع القداسة الدينية الزائفة عن تلك الجريمة، وهو الأمر الذي يستغله بعض ضعاف النفوس لإتمام الجريمة، والتوعية بآثارها الكارثية على الضحية وأسرتها والمجتمع بأسره».

والتوجيه الثالث الذي أوصت به النيابة الإدارية: «إخطار وزارتي العدل والأوقاف ونقابة المحامين والمجلس القومي للطفولة والأمومة، بما كشفت عنه التحقيقات في القضية الماثلة، مشفوعا بمقترحات النيابة الإدارية في هذا الصدد».

وتابعت النيابة في بيانها، أنه لم يكن أمامها أن تقف مكتوفة الأيدي أمام الظاهرة المقيتة والجريمة البشعة، التي ترتكب بحق أطفال لا يملكن من أمر أنفسهن شيئا، فهي جريمة يشترك فيها أهل الضحية وذويها مع أشخاص مثل المتهم، ممن ارتدوا في غفلة من الزمان عباءة الدين زورا، فخانوا الأمانة الموكولة إليهم، وانتهكوا الإجلال الذي يكنه لهم العامة والبسطاء، بوصفهم تفقهوا في أمور الدين، ليتحولوا إلى نخَاسين يتاجرون بالفتيات القاصرات، مقابل منفعة مادية أو عينية دونما ثمة وخز من دين أو ضمير، سائرين على نهج بضعة فتاوى شاذة أدلى بها ثلة من تجار الدين بغير حق فكان لها بالغ الضرر على فتيات مصر وعنوان مستقبلها».

ورصدت النيابة من خلال تحقيقاتها، أثار الجريمة البشعة لزواج القاصرات، وهي «التسرب من التعليم، الذي يضع الطفل في مواجهة الحياة من دون سلاح علم، وارتفاع نسب الطلاق الناجم عن اختيار علاقة زوجية يفترض فيها الديمومة في مثل ذلك السن الصغير لفتاة قاصر، دون أسس واضحة تكفل لها احتمالات النجاح، لتواجه طفلة الحياة وهي تحمل مسؤولية طفل آخر دون نصيب من علم أو فكر، إضافة إلى الانفجار السكاني وآثاره البالغة على الاقتصاد القومي والتنمية المستدامة نتيجة زواج القاصرات وإنجاب الأطفال».

ومن بين الآثار التي رصدتها النيابة الإدارية في تحقيقاتها، «الآثار الصحية البالغة على الضحية نتيجة زواج القاصرات في هذا السن المبكر، والخطورة الداهمة من عدم الاعتراف بتلك الزيجة من قبل الزوج في مرحلة لاحقة، وما يستتبعه من آثار مدمرة على الزوجة والأطفال، الذين تمخضت عنهم تلك العلاقة، دونما أن يرتكبوا ثمة ذنب، فتدخل الضحية في منازعات قضائية عديدة في محاولة إثبات العلاقة الزوجية، ومن ثم إثبات النسب وهو ما حدث تحديدا في القضية الماثلة»


مواضيع متعلقة