«ميت بشار».. أكشاك خشبية وغرف من الطين.. ومعلمون بـ«الجلاليب»

«ميت بشار».. أكشاك خشبية وغرف من الطين.. ومعلمون بـ«الجلاليب»
- أشعة الشمس
- أهالى القرية
- أولياء الأمور
- إحلال وتجديد
- إشعال النيران
- إلقاء القمامة
- إهمال المسئولين
- التربية والتعليم
- الدروس الخصوصية
- الروائح الكريهة
- أشعة الشمس
- أهالى القرية
- أولياء الأمور
- إحلال وتجديد
- إشعال النيران
- إلقاء القمامة
- إهمال المسئولين
- التربية والتعليم
- الدروس الخصوصية
- الروائح الكريهة
مبنى قديم من الخارج يستقبل مئات التلاميذ يومياً، لافتة سوداء اللون تعلو باباً خشبياً دُونت عليها عبارة «مدرسة ميت بشار الإعدادية»، ويؤدى الباب الذى يرجع لعشرات السنين إلى عدة غرف من الألواح الخشبية وأخرى بالطين اللبن والحجارة القديمة، مسقوفة بأفرع من السدّة والخشب المشقوق والمتآكل تتسرب منه أشعة الشمس الحارقة صيفاً والمطر شتاء، بينما تتسلل فى أحيان أخرى حشرات وثعابين. إنها مدرسة قرية «ميت بشار» التابعة لمركز منيا القمح، تم إنشاؤها عام 1970 لخدمة أبناء القرية، 13 فصلاً، منها 5 فصول من الخشب و7 من الطوب اللبن، بمساحات لا تزيد على 18 متراً يُحشر بداخلها نحو 60 طالباً وطالبة فى المتوسط، تقام تلك الفصول الخشبية والطينية على نحو نصف فدان من الأرض الترابية التى تنتظر موسم الشتاء لتتحول إلى بركة من الطين.
تقول تغريد معوض، من أهالى القرية، إن المدرسة مهملة بدرجة كبيرة، والعملية التعليمية سيئة ولا تؤدى إلى تخريج طلبة على مستوى عالٍ من العلم، وهناك ضغوط تمارَس من قبَل المعلمين على الطلبة لإجبارهم على الاشتراك فى الدروس الخصوصية، خاصة فى ظل معاملة سيئة من جانب المعلمين تجاه الطلبة، بحسب قولها. وتضيف أن هناك شكاوى إلى مدير المدرسة لكنها تنتهى إلى لا شىء، حيث يقف مدير المدرسة فى صف المعلمين لعدم قدرته على استقدام معلمين آخرين إن غادروا، متابعة: «فصول المدرسة عبارة عن خشب وطين، ولما فى الشتاء المطر يمطر بيبهدل الدنيا والطلبة يتغرقوا لأن السقف بينزل الميه بالطين عليهم، ده غير إن أساساً فيه مدرسين من المعهد الأزهرى ساعات بيدخلوا المدرسة دى يدوا فيها دروس خصوصية لطلبة المعهد الأزهرى»، موضحة أن هناك بعض المدرسين خريجو كليات تجارة ويدرسون اللغات، وأن المدرسة عبارة عن ساحة يمارس فيها المعلمون ما يشاءون ويدخل فيها أى أحد لإعطاء الدروس الخصوصية حتى لو كان من مدرسة أخرى أو فى مرحلة تعليمية أخرى.
{long_qoute_1}
وتضيف بعض الطالبات داخل المدرسة أن الفصول ملاصقة لبيوت الأهالى من جيران المدرسة وأن دجاجات يتم تربيتها فى البيوت المجاورة تضع بيضها داخل الفصول التى تصلها أيضاً حشرات وثعابين. وقالت «ر. ا»، طالبة بالصف الثالث الإعدادى بالمدرسة، إن المقاعد غير صالحة والأرضية ممتلئة بالتراب والشبابيك والأبواب بها العديد من الشروخ والفتحات، وتابعت: «فى حال هطول الأمطار تتساقط فوق رؤوس الطلبة ويسارع المعلمون بإخراجنا من الفصول، وفى أوقات كثيرة نغادر المدرسة ونذهب إلى منزلنا قبل انتهاء اليوم الدراسى هرباً من الأمطار والأرضية التى تتحول إلى برك طينية»، مشيرة إلى أن دورات المياه غير آدمية ومعمل العلوم والمكتبة وغرفة نشاط الزراعة مجرد حجرات متهالكة لا فائدة منها، قائلة: «حتى الفئران لم نسلم منها وكذلك الثعابين»، مشيرة إلى أنهم فوجئوا ذات مرة بوجود ثعبان يقترب من أحد الفصول وسارع عامل المدرسة بقتله مستخدماً الحجارة.
ويضيف جمال عبدالله يوسف، 53 عاماً، «عتال»، أن قرية «ميت بشار» هى أكبر قرى مركز منيا القمح بالشرقية، وأن المدرسة من المفترض أن تخدم قطاعاً كبيراً من سكان القرية ونحو 15 عزبة مجاورة، وتفصلها عن هذه العزب طرق كثيرة وترع ومصارف، وتحوى بداخلها معبداً ومقام شيخ «أبودراع»، وأوضح أن عدداً من المدرسين يعملون داخل الفصول بـ«الجلابيب» وبعض تلاميذ المدرسة يأتون إليها بعربات «كارو». {left_qoute_1}
ويستنكر إهمال المسئولين للمدرسة، قائلاً: «أنا نفسى رئيس الوزراء ييجى بنفسه ويشوف حالة المدرسة وحال التعليم فى القرية عندنا، أنا مش فاهم إزاى هيحكموا البلد وهما قاعدين فى مكاتبهم فى التكييف وسايبين العيال الصغيرة تتبهدل فى المدارس ولا بتتعلم ولا بتعمل حاجة، إزاى حد قاعد فى تكييف يحل أزمات ناس بتتبهدل، هيحس بيهم إزاى ولا يعرف احتياجاتهم وهو لا جّه قعد مكانهم ولا شافهم؟!»، موضحاً أن المدرسة كان بها فصلان آيلان للسقوط إلا أن الأهالى تبرعوا حتى قاموا بعمل «قميص خرسانة» يدعم الفصلين حتى لا ينهدما، مشيراً بيده إلى دورات المياه بأن الدورات المخصصة للفتيات ذات نوافذ مفتوحة لا يوجد لها باب ومفتوحة على ساحة المدرسة وهو بناء متهالك، ودورة المياه عبارة عن غرفتين فقط إحداهما بلا باب، موضحاً أن المدرسة تقوم بتسريح التلاميذ وإفراغ المدرسة وإيقاف الدراسة مع كل موجة أمطار تحل خلال موسم الشتاء: «يعنى هما يوقفوا التعليم علشان شوية مطر نزلوا من السماء، تخيل التعليم عندنا إيه اللى بيوقفه، يعنى فصول يبقى على سقفها زبالة تستخبى فيها تعابين وحشرات سامة، تقع على العيال وتؤذيهم، هو لسه فى حال زى حالنا فى عصر التكنولوجيا والكمبيوتر».
ويضيف «عطية عبدالقادر»، 35 عاماً، أحد أهالى القرية، أن الوضع سيئ جداً فى المدرسة، والمنشآت متهالكة على الرغم من تقديم العديد من الشكاوى إلى مديرية التربية والتعليم لعمل إحلال وتجديد وإعادة بناء كغيرها من المدارس الحديثة ولم يحدث شىء، مشيراً إلى أن المدرسة تخدم نحو 70 ألف نسمة، وكانت مخصصة للمرحلة الابتدائية فى حقبة الستينات ثم تم تخصيصها للمرحلة الإعدادية، وتابع «عبدالقادر»: «نضطر لإلحاق أبنائنا بهذه المدرسة نظراً لعدم وجود مدرسة إعدادية أخرى ووجود أقرب مدرسة على بعد عدة كيلومترات، لا يستطيع طالب المشى 5 كيلومترات سيراً على الأقدام للوصول إلى مدرسة أخرى، وكذلك لا يستطيع أى ولى أمر توفير نفقات لأبنائه لاستقلال توك توك يومياً للذهاب والعودة من المدارس، بالإضافة إلى أن ذلك لا يتوافر فيه الأمان، خاصة بالنسبة للطالبات»، مشيراً إلى أن تراكم القمامة أمام المدرسة يدفع الأهالى أو أحد العاملين بالمدرسة لإشعال النيران فيها.
وأضاف أحد العاملين بالمدرسة أن الأهالى القاطنين فى المنازل المحيطة بالمدرسة يلقون المخلفات الخاصة بهم وأكياس القمامة فوق أسطح الفصول، ما يساعد على انتشار الحشرات والقوارض والروائح الكريهة، لافتاً إلى أن عمال المدرسة يضطرون لجمعها وإحراقها، وسط مطالبات مستمرة للأهالى بعدم إلقاء القمامة على أسطح الفصول، مشيراً إلى أن إصلاح أى تلفيات أو ترميم داخل المدرسة يتم على نفقة أولياء الأمور، مثل شراء أخشاب للأسقف أو دهانات للجدران أو شراء كميات من الأسمنت لعمل ترميم للأساسات، موضحاً أنه مؤخراً تم عمل ترميمات لأساسات فصل دراسى قبل تعرضه للانهيار، بالإضافة إلى اللمبات وأدوات الكهرباء والسباكة، مؤكداً انتشار العديد من الفئران والحشرات بالمدرسة، بالإضافة إلى تسلل الثعابين إلى الفصول، مضيفاً أن العناية الإلهية أنقذت الطلاب قبل عامين، حيث انهار سقف أحد الفصول.