إلا التعليم والحكم المحلى
هل نفرح بأداء الرئيس المنتخب ديمقراطيا حتى الآن؟ هل نطمئن لخطاباته التى يتدارك كل منها خطايا سابقة؟ هل نستريح لسلوك ينم عن سرعة فى التعلم ومرونة فى الاستجابة وإدراك للقوى المؤثرة فى المشهد داخلياً وخارجياً؟ نحن نريد -ككل وطنى مخلص- أن نرى وطنا مستقراً هادئاً واثقاً من خطواته وهو يتقدم على طريق البناء، وطناً لا يقهر شعبه ولا مبدعيه، يعترف بالآخر المختلف ويكفل له الحماية والأمان فى ظل قانون يصيغه البشر للتعبير عن أحوالهم النسبية المتغيرة، يتيح لهم أقصى حدود للحرية وأفضل شروط للتمتع بالكرامة الإنسانية، التى حثت كل الأديان والمواثيق على احترامها وعلى اعتبارها المعيار الفاصل للتمييز بين مجتمعات تنمو مؤسساتها وتربى كوادرها من الأسرة إلى الحزب وحتى مؤسسة الرئاسة، على أساس من التسليم الكامل للشعب بالحق المطلق فى اختيار قادته وعزلهم، والأهم حقه فى صياغة مستقبله بالرؤى التى يقتنع بها دون قهر ولا مصادرة تحت أى دعاوى عقائدية أو دينية أو أمنية.. وبين مجتمعات تستسلم لقوى الظلام كى تستعبدها باسم أفكار تدعى قدسيتها وتزعم صحتها المطلقة وتعدها بالجنة كأنها تملك مفاتيحها، وتفتئت على الله -جل شأنه- فى احتكار فهم آياته بل اعتبار أن منكرى غثائهم هم منكرون للدين ذاته، أليس غريباً أن يتبجح نائب متهم فى قضية مشينة بأن الهجوم عليه هجوم على الإسلام ولا يرد عليه أحد؟!
نحن نقبل كلام الرئيس إذا اقترن برغبة صادقة وإرادة ماضية نحو تحقيق هذا الكلام على أرض الواقع.. فالدولة المدنية التى دعا إليها الرئيس لا تحرم الموسيقى وتعاقب عقابا فوريا من رفض الوقوف أثناء عزف السلام الوطنى.. لأن السكوت على ذلك يعنى أننا نعترف بمنكرى كل رموز «الوطنية».. مروراً بتحية العلم وصولاً إلى هدم كل التماثيل «التى يسمونها أصناما» والأضرحة المتعلقة بها أرواح المتصوفة النقية البريئة والخالية تماماً من شوائب الوثنية وعبادة الأشخاص منذ آلاف السنين، حتى تحريم التحية بالتصفيق لأن الكفار كانوا يفعلون ذلك إيذاء للنبى الكريم، وكأن علينا تحريم الضحك أيضاً لأن الكفار كانوا يضحكون سخرية من الرسول «عليه الصلاة والسلام».. هل نكف عن هذا العبث؟ وهل نتصدى لمحاولتهم السيطرة على وزارات التعليم حيث ينوون بث جهلهم فى الأجيال القادمة؟ والحكم المحلى حيث يخططون للتمكين الكامل من خلال قيادات تملك النفع والضر لبسطاء الناس؟ هل يُمنع الشاطر وجناحه السلفى المتشدد من بث وعوده للمتطرفين ومن ضرب الإمكانية الباقية الوحيدة -والأخيرة- لكى نأمل خيراً فى رئيس أتى من مؤسسة تربى كوادرها على السمع والطاعة لا على المناقشة الحرة التى تعتبرها جدلاً عقيماً منهياً عنه؟ قطيعة كاملة مع التخلف الفكرى واضحة وحاسمة.. هذا ما ينتظره الناس من رئيسهم لأن تأجيل هذا الملف يعنى أنهم سيعملون على التهامه مع حزبه وجماعته وتجربته.. اللهم قد بلغنا.. اللهم فاشهد.