«الكوثر والأحايوة»: «خفراء وكلاب حراسة» لتعويض غياب الأمن.. وأقرب نقطة إطفاء على بُعد 5 كيلومترات
الاستعانة بالكلاب للحراسة فى ظل غياب الأمن
نقص كبير فى الخدمات والمرافق، وغياب الأمن، سواء من حيث عدم وجود نقطة شرطة، أو اختفاء الدوريات الأمنية، وانتشار السرقات، وتعويض الغياب الأمنى بالكلاب المُدربة، أو من خلال الدفاع المدنى، وعدم وجود سيارات الإطفاء والإسعاف واشتعال الحرائق بالمصانع، كان أهم ما يُعانيه أصحاب المصانع داخل مدينتى «الكوثر» التى تبلغ مساحتها 500 فدان، و«الأحايوة» التى أقيمت على مساحة 250 فداناً، وكان الوضع بها أسوأ من خلال الطرق غير الممهدة والمصانع المغلقة، بالإضافة إلى أزمة المياه التى يُعانى منها أصحاب المصانع بالأحايوة كثيراً بسبب وصول المياه لهم 4 ساعات يومياً.
يقول «محمود طنطاوى» صاحب شركة طنطاوى لحلج الأقطان، بقرية الأحايوة، إن المنطقة الصناعية تُعانى من عدم وجود وحدة مطافئ ونقطة إسعاف، كما أن الأمن غائب لعدم وجود تمركزات أمنية أو نقطة شرطة بالمنطقة، وأن أقرب سيارة إطفاء تبعد 5 كيلومترات وهى مخصصة لمصنع الغاز ويتم استدعاؤها فى حال وجود حرائق، لكنها عندما تصل تكون الخسائر قد تفاقمت، أما أقرب وحدة إسعاف فتقع فى قرية الحواويش والتى تبعد نحو 12 كيلو، مضيفاً: «المصانع هنا معرضة للحرائق فى أى وقت، والمصنع بتاعى اتحرق من سنتين واللى قلل من الخسائر أن العمال عندى متدربين على التعامل مع الحرائق».
وأكد «طنطاوى» أن مشكلة انقطاع المياه أصبحت تهدد جميع المصانع فى المنطقة الصناعية، لأن المياه يتم ضخها للمنطقة من الساعة 10 صباحاً، ويتم قطعها الساعة 1 ظهراً: «بعد كده مفيش ميه بتوصل للمصانع إلا فى اليوم اللى بعده، ولو فيه أى حريق بعد الساعة 1، المطافى بتاخد الميه من الخزانات، وفى الغالب بتيجى المطافى مابتلاقيش ميّه أصلاً».
«طنطاوى»: الدوريات الأمنية توقفت تماماً.. والمنطقة الصناعية لا يوجد بها طريق ممهد وطبقة الأسفلت تهالكت تماماً
ويوضح «طنطاوى» أن أقرب نقطة شرطة تبعد عن المنطقة 5 كيلو، وأن الشرطة كانت تقوم بدوريات أمنية داخل المنطقة الصناعية، إلا أن تلك الدوريات توقفت تماماً، فأصبحت السرقات تتم بشكل منتظم للمصانع، بالإضافة إلى سرقة كابلات الكهرباء والأسلاك والأكشاك وأعمدة الإنارة خلال النهار، متابعاً: «المصنع بتاعى اتسرق من 3 شهور فى الوقت اللى الغفير راح المسجد يصلى الجمعة، ولما رجع اكتشف سرقة كابلات الكهرباء».
وأشار «طنطاوى» إلى أن المنطقة الصناعية لا يوجد بها طريق ممهد وطبقة الأسفلت تهالكت تماماً نتيجة سير سيارات النقل الثقيل أثناء توجهها لمنطقة المحاجر الواقعة شرق المنطقة الصناعية، قائلاً: «الطرق محتاجة إعادة رصف، لأنه ماينفعش يبقى الطريق بالشكل ده».
ومن داخل مصنع جنوب الوادى للطوب الطفلى، قال «فريد عبداللاه» صاحب المصنع، إنه يواجه عقبات كثيرة منها الحصول على المواد الخام من محافظة قنا لأن المحافظة لا تسمح بإقامة محاجر ولا تعطى تراخيص لها، وأنه يحصل على المواد الخام بصعوبة بالغة، مشيراً إلى أن المنطقة الصناعية فى الأحايوة بها مشكلتان رئيستان هما المياه وسكن العمال، قائلاً: «أنا عندى 200 عامل فى المصنع ومش لاقى لهم سكن، ده غير إن المياه بتوصل لنا 4 ساعات بس فى اليوم، ودى مشكلة بتهدد المنطقة الصناعية كلها».
وأوضح «فريد» أن الدولة أعلنت أنها ترغب فى تنمية الصعيد، لكن تلك التنمية لا تجد تطبيقاً على أرض الواقع، موضحاً أنه تم إصدار شيك بمبلغ 80 مليون جنيه لرصف الطرق بالمدينة الصناعية بالأحايوة منذ عام 2009، إلا أنه لم يتم رصف أى متر بها حتى الآن، وأن سيارات النقل الثقيل المارة إلى المحاجر هى التى تسببت فى تدمير الطريق وإتلافه.
وأكد «صاحب مصنع الطوب» أن مشكلة الكهرباء فى الشوارع ليس لها حل لأن جميع الشوارع مظلمة تماماً، وهناك 9 أعمدة فقط مضاءة نهاراً ومظلمة ليلاً، وباقى الأعمدة لا يوجد بها كشافات إضاءة بعد أن تمت سرقتها، أما الحالة الأمنية فى المدينة ليست جيدة، وأصحاب المصانع يعتمدون فى حراسة المصانع بتعيين خفراء وإحاطة المصنع بالكلاب لمنع وصول اللصوص.
وبالانتقال إلى مدينة الكوثر الصناعية قال «رمضان عبدربه»، صاحب شركة صناعات معدنية بالمنطقة الثانية للمدينة، إن السياسات الضريبية محكومة بقوانين قديمة منذ الأربعينات من القرن الماضى، وأن المستثمر يقوم بدفع الضرائب لجهات مختلفة، على سبيل المثال الضرائب العقارية وضريبة الدخل العام وضريبة كسب العمل، بالإضافة إلى الأرباح التجارية والصناعية، وجميع تلك الضرائب تتبع فى النهاية وزارة المالية، وأنها تمثل أعباء فى حسابات المصانع، قائلاً: «كل مصلحة تيجى تفحص الدفاتر فى أوقات بعيدة جداً، لأنها لو سنوية وفيها خطأ أقدر أستدرجه، لكن دول بييجوا يفحصوا الدفاتر كل 4 أو 5 سنين، ولو فى محاسب شغال على الحسابات وييجى يفحصوا بعد الفترة دى هيكون المحاسب أصلاً مشى».
ويوضح «عبدربه» أنه يجب أن تكون هناك ضريبة موحدة يعرف المستثمر المصرى والأجنبى قيمتها المحددة أولاً، حتى يمكنه معرفة هل سيغطى إنتاجه من المصنع تلك الضريبة أم لا قبل بداية المشروع.
ويشير «عبدربه» إلى أن الدفاع المدنى يضع اشتراطات صعبة، ولا يوجد بها تسهيل ومرونة، مضيفاً: «إحنا أخدنا 15 سنة عشان ناخد رخصة تشغيل دائمة وموافقة الدفاع المدنى، وكان كل مرة ييجى يطلب اشتراطات معينة وتكاليفها عالية»، موضحاً أن المدينة الصناعية بالكوثر تفتقر للخدمات والمرافق قائلاً: «يا ريت يبقى فى على الأقل عربية مطافى فى كل منطقة من مناطق المدينة الصناعية بالكوثر، بدل ما فى نقطة مطافى واحدة فى حى الكوثر فى أول الطريق، ولو فى حريق تبقى عندى فى دقيقتين بدل ما تقعد ربع ساعة».
ويؤكد «صاحب المصنع أن المدينة لا يوجد بها سوى سيارة إسعاف واحدة، وأقرب مستشفى لهم هى أخميم المركزى، قائلاً: «عقبال ما نروح بحد مصاب لأقرب مستشفى فى أخميم المركزى وبعدها يتحول لسوهاج الجامعى يكون دمه اتصفى، والمفروض يبقى عندنا إسعافات أولية».
وعن أزمة غياب الأمن داخل المدينة الصناعية يقول «عبدربه»: «مفيش أمن خالص فى المدينة هنا، لا دوريات ولا نقطة أمن، وكل واحد بيحمى نفسه وحصلت حوادث كتيرة، وأنا عن نفسى عربيتى زجاجها اتكسر، واتسرقت وهى كانت قدام باب المصنع، وجت الشرطة تثبت حالة وخلاص».