ثلاثة نماذج تنموية.. كوريا وسنغافورة والإمارات
- البنية التحتية
- التجربة الكورية
- الثورة الصناعية
- الدراسات السياسية
- السياسات العامة
- العام الماضى
- العقد الاجتماعى
- العنصر البشرى
- خارطة طريق
- دروس مستفادة
- البنية التحتية
- التجربة الكورية
- الثورة الصناعية
- الدراسات السياسية
- السياسات العامة
- العام الماضى
- العقد الاجتماعى
- العنصر البشرى
- خارطة طريق
- دروس مستفادة
للنجاح والريادة ممكناتهما وللإخفاق والفشل مسبباتهما، فلا قمم تتربع عليها الدول دون جهود كبيرة وخطط محكمة وعزيمة ثابتة وشراكة وطنية وقيادة ملهمة، ولا سقوط للبناء إلا بمعاول الهدم وآليات التراجع والتقادم وقاطرة تسير للوراء بدلاً من التحليق فى الفضاء.
تلقيت دعوة كريمة من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية فى أبوظبى لحضور ندوة استشرافية بعنوان «التجربتان التنمويتان لكوريا الجنوبية وسنغافورة.. دروس مستفادة لدولة الإمارات»، حيث تمحورت الندوة حول عرض تجربة ثلاث دول فى رحلتها التنموية؛ ماذا فعلت؟ إلى أين وصلت؟ وما توظّف من أدوات للتعامل مع التحديات؟
تحدّث (مانو بهاسكارت)، أحد الباحثين فى معهد الدراسات السياسية، عن تجربة سنغافورة بلسان من رأى وليس من سمع، فلخص النجاحات السنغافورية فى إعلاء منظومة القيم واحترام العقد الاجتماعى بين المواطن والدولة مع وجود قضاء وشرطة يتسمان بالعدل والإنصاف، ودعم سياسات التنوع العرقى، حيث فازت هذا الأسبوع رئيسة مسلمة برئاسة سنغافورة لتحكم بلداً لا يزيد نسبة مسلميه على 14%، واعتبر ذلك بمثابة لبنة فى بنيان الاستقرار التنموى، كما أشار إلى التركيز على الابتكار وبناء الإنسان لضمان مجتمع سنغافورى متماسك. والمبهر فى هذه التجربة أن إطارها الزمنى لا يتجاوز ثلاثة عقود ومساحتها لا تتعدّى 720 كيلومتراً مربعاً. تخلّت ماليزيا عن تلك الجزيرة المليئة بالمستنقعات لتصبح اليوم من أقوى اقتصاديات العالم، تبنّت شعار (تعليم أفضل.. أمة أفضل.. مستقبل أفضل) وجعلته واقعاً يعيشه الفرد حتى بلغ متوسط دخله السنوى العام الماضى 64.5 ألف دولار أمريكى.
وفى التجربة الكورية، استعرض (البروفيسور سانج أوبام)، من معهد كوريا لتطوير السياسات العامة، النجاحات الكورية ولخصها فى التركيز على القيم الآسيوية والتصدير والشراكات التنموية، والاستثمار الأمثل فى أهم مكون من مكونات كوريا الجنوبية: الإنسان.. الإنسان.. الإنسان. ولأنه لا صوت يعلو فوق صوت النتائج والأرقام، فقد بلغ متوسط دخل الفرد الكورى 27 ألف دولار أمريكى العام الماضى بعد أن كان أقل من 100 دولار أمريكى فى بداية الستينات، كما أصبحت كوريا رابع أكبر مصدّر فى العالم بفعل جودة تعليمها واستثمارها فى رأس المال البشرى.
وجاء الختام، مع التجربة التنموية الإماراتية التى استفادت من الرحلتين، لخصها ببراعة (البروفيسور عبداللطيف الشامسى)، فقدم تجربة تستحق التأمل والتحليل، ركائزها أولوية التعليم ونوعيته التى تصنع الفارق، وثورتها الحقيقية هى العنصر البشرى، مؤكداً أن لكليات التقنية العليا رؤيتها فى (تحقيق نسبة 100% توظيفاً لخريجيها بعد أن بلغت النسبة الحالية 71%). كما قدم خارطة طريق لما سماه (رؤية الجيل الثانى من كليات التقنية) حوت 25 مبادرة استراتيجية، و320 مؤشراً للوصول إلى خريج يحمل المهارات وأدوات عصر الثورة الصناعية الرابعة، مختتماً بأن التحدى الحقيقى الآن هو كيفية التعامل مع هذه الثورة التى بسببها ستختفى وظائف وتظهر أخرى.
أما عن القواسم المشتركة بين التجارب الثلاث، فهى وجود قادة ملهمين، وشراكة واضحة بين الدولة والمواطن، وخطط ليست مرتبطة بفاعل ومفعول وتغيير حكومات، ولكنها مرتبطة بتوجهات دولة تبحث عن مكانة ريادية فى الكرة الأرضيّة بصرف النظر عن الأشخاص المقبلين أو المغادرين، مع واقعية الأهداف والاطلاع على تجارب الآخرين والإعلاء القيمى القائم على خماسية الشفافية، والنزاهة، والعدالة، واحترام الدستور، والاعتراف بالقصور.
سؤال محورى شغلنى خلال متابعتى لهذه الندوة القيمة: هل نحن فى مصر حاولنا الاستفادة من تجارب دولية وكنا مخلصين فى تبنيها وتوطينها وتوفير البنية التحتية التنموية لتنفيذها، أم ما زالت غاياتنا نبيلة ووسائلنا هزيلة؟