حيثيات «رشوة مجلس الدولة»: «شلبى» لم يراع حرمة وظيفته والرأفة «خسارة» فى «اللبان».. والاعتراف أنقذ باقى المتهمين

كتب: سالى غالب

حيثيات «رشوة مجلس الدولة»: «شلبى» لم يراع حرمة وظيفته والرأفة «خسارة» فى «اللبان».. والاعتراف أنقذ باقى المتهمين

حيثيات «رشوة مجلس الدولة»: «شلبى» لم يراع حرمة وظيفته والرأفة «خسارة» فى «اللبان».. والاعتراف أنقذ باقى المتهمين

أودعت محكمة جنايات القاهرة حيثيات الحكم فى القضية المعروفة إعلامياً بقضية «الرشوة الكبرى بمجلس الدولة»، التى أسدل الستار عليها أمس الأول، حيث قضت بمعاقبة جمال اللبان، مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، بالسجن المؤبد وتغريمه 2 مليون جنيه وعزله من وظيفته، وبمصادرة مليون و239 ألفاً و155 جنيهاً، وبمصادرة الكرسيين المطرزين بشعار مجلس الدولة المضبوطين، وإعفاء كل من رباب أحمد عبدالخالق وزوجها مدحت عبدالصبور شيبة ومحمد أحمد شرف الدين «الوسيط» من العقاب.

وصدرت الحيثيات برئاسة المستشار حمدى الشنوفى، رئيس الهيئة، وعضوية المستشارين محمد رأفت الطيب ومصطفى الحميلى، الرؤساء بمحكمة استئناف القاهرة، وبحضور إلياس إمام، رئيس نيابة أمن الدولة العليا، بأمانة سر وائل عبدالمقصود وجورج ماهر.

{long_qoute_1}

وأشارت الحيثيات إلى استصدار إذن من النيابة العامة بضبط المتهمين الثلاثة الأُول وتفتيش مساكنهم، فتم ضبط المتهم الأول وبحوزته 24 مليوناً و896 ألفاً و315 جنيهاً، ومبلغ 4 ملايين و60 ألفاً و782 دولاراً، ومبلغ 2 مليون و7 آلاف و800 يورو، ومبلغ مليون و237 ألفاً و758 ريالاً سعودياً، ومشغولات ذهبية، والعديد من الخطابات الموجهة لمجلس الدولة للعام المالى 2016 - 2017 وهى 9 مناقصات وشيكات مسحوبة على حساب مجلس الدولة وفواتير مختومة على بياض بأكلاشيه لإحدى الشركات وفواتير مختومة على بياض لشركة أخرى، والمتهم الأول جمال الدين اللبان هو الكاتب بخط يده محضر الفحص المؤرخ 26/11/2016 والإمضاءات الثابتة عليه، وقد ثبت إصرار «اللبان» والمتوفى وائل شلبى على الإخلال بواجبات وظيفة كل منهما وحصلا على المبالغ المالية السالف بيانها لقاء ذلك، وواقعا المتهمة الثانية، ومن أسف أن المتوفى وائل شلبى لم يراع لمجلسه حرمة ولا لوظيفته احتراماً إذ واعد المتهمة الثانية أن تلتقيه بمكتبه بمقر مجلس الدولة بالعباسية.

وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى إدانة جمال اللبان فى جريمة الرشوة بحسبان أن عقوبتها هى العقوبة الأشد فالمحكمة تقضى بعزله من وظيفته عملاًً بنص المادة 25 من قانون العقوبات ومن ثم لم تر المحكمة معاملته بالرأفة.

وبدأت المحكمة حيثيات حكمها بأن الواقعة حسبما استقرت فى يقينها واطمأن إليها وجدانها استخلاصاً من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة حاصلها أن المتهم الأول جمال اللبان، مدير الإدارة العامة للتوريدات، ويتولى عمله هذا بموجب قرار أمين عام مجلس الدولة، ويدخل فى اختصاصه الوظيفى الإشراف على تلقى احتياجات إدارة وفروع مجلس الدولة من الأثاث المكتبى والإشراف على تشكيل اللجان الخاصة بالشراء والفحص والتسلم، وذلك على ما هو ثابت بالكتاب الوارد من مجلس الدولة، وآخر توفى هو وائل سعيد أبورواش شلبى، أمين عام مجلس الدولة السابق، الأول تدرج بالوظائف الإدارية بمجلس الدولة إلى أن صار مديراً للإدارة العامة للمشتريات به، أتاه الله بسطة فى الرزق والمال والسلطات، إذ بوأه منصباً رفيعاً فى صرح قضائى كبير طالما تحدث القائمون عليه ورجال القضاء بأنه حصن من حصون الحقوق والحريات، وتولى وائل شلبى فيه منصب أمينه العام على حداثة عهده بالعمل القضائى بالنسبة لأقرانه وهو منصب يغبطه عليه من هم دونه درجة بحسب أقدميته، ومن أهم ما يجب أن يتصف به القاضى أن يعدل بين المتخاصمين ولا يقبل رشوة على حكم لقول النبى صلى الله عليه وسلم: (لعن الله على الراشى والمرتشى)، وألا يقبل هدية ممن لم يكن يهاديه قبل توليته القضاء، لقوله عليه الصلاة والسلام: (من استعملناه على عمل فرزقناه فما أخذه بعد ذلك فهو غلول) أى «سرقة». {left_qoute_1}

وأكدت المحكمة أنها لم تكن راغبة فى تناول المتوفى وائل سعيد أبورواش شلبى، أمين عام مجلس الدولة السابق، وأن يكون ذلك منهاج قضائها فى الدعوى إلا أن الأوراق وواقعات الدعوى أبت إلا أن يكون المتوفى وهو فارسها وقاسمها الأعظم حاضراً فيها، فهو الشريك الأهم والفاعل الأكبر، ورأت المحكمة أن تمسه بذكر مشاركته وقدر أفعاله ودوره فى وقائعها التى دارت بعلمه وإرادته كونه هو الإمام فى الدعوى، وما كان كل ذلك ليحدث لولا تخليه عن دوره ورقابته وحسن إدارة ومتابعة مرؤوسيه، وكان على المتوفى وهو القاضى والأمين العام أن يخط فى لوح الصرح الذى ينتمى إليه سطراً ويُثَبِتَ فى بنيان كيانه حجراً ويترك بفعله الطيب أثراً يُحدِثُ له بين أقرانه ذكراً وفخراً وإتمام جميل عمل ينتفع به خلفه لكنه خرج عن مألوف البواعث، وإن ما أتاه المتوفى وائل شلبى والمتهم الأول لبدعة فهى ضلالة، وقد غلب عليهما ولع التبطل وغواية الاستعظام وظنا أنهما فى الحياة أحرار من قيود النظام والقانون، فخرجا عليه وظنا نفسيهما أنهما بالغان فى المتعة بملذات العيش والحظ الأوفر على ألا يقاسما الناس تكاليف العيش ومكابدة الحياة، وأن يؤدى عمله بأمانة وصدق وبالحق وبعدل أقسم على أن يؤدى عمله به وعلى أساس منه، بيد أنه وبدلاً من ذلك نحا وائل شلبى منحى آخر لا يليق بمقامه ومكانته وبالصرح الذى ينتمى إليه ولا يتفق أبداً مع ما اؤتمن عليه من أمانة مطلقاً لشيطان نفسه العنان فعاث فى الصرح وفى الأرض مفسداً وللأمانة مبدداً ولحرمة الأعراض منتهكاً وأساء إلى حصنه بل وإلى الهيئة التى ينتمى إليها ورمى حصانته وراح هو و«اللبان» يعبثان بالوظيفة العامة ويقدمان ذمتهما قرباناً للشيطان، وراحا أيضاً يعبثان بالمال العام بغير حسيب أو رقيب ولمَ الرقيب ومن أين ووائل شلبى هو الأمين العام؟! فلا حديث فى هذا الأمر لأحد غيره، ولا معقب على ما يقرر، فتارة يمنح وتارة يمنع وأخرى يأخذ ذلك من «رباب»، صاحبة مؤسسة «السيف» للتوريدات، وزوجها المتهم الثالث، صاحب مؤسسة «الخلود» لتوريد الأثاث المكتبى.

وحدث أن تعرفت «رباب» على جمال اللبان وعلى المتوفى وائل شلبى إبان عملها بشركة عُهِدَ إليها بتوريد أثاث مكتبى لمجلس الدولة، وطلب كل منهما إقامة علاقة جنسية معها على سبيل الرشوة، وقبلت تلك العلاقة، وقامت بمواقعة الاثنين من أجل الإخلال بواجبات وظيفة كل منهما، وإثر ذلك علمت من جمال اللبان عزم المتوفى وائل شلبى ترسية مناقصة لتوريد أثاث مكتبى لمقرى مجلس الدولة بمحافظتى المنيا والبحيرة لصالحها والمتهم الثالث زوجها، واتفق المتهم الأول مع المتهمة الثانية على أسعار تلك التوريدات، بل ذهب جمال اللبان إلى أبعد من ذلك بأن طلب منها تأسيس شركة لترسية المناقصة عليها فاتفقت «رباب» مع زوجها مدحت عبدالصبور، على تغيير اسم ونشاط شركة مملوكة له إلى مؤسسة الخلود للأثاث المكتبى، ثم تلقت المتهمة «رباب» عقب ذلك اتصالاً هاتفياً من المتوفى وائل شلبى أخبرها فيه بعزمه إسناد أعمال التوريد لصالحها واستفسر منها عن أسعار التوريدات فأخبرته بها كاتفاقها مع جمال اللبان، وطلب منها المتوفى وائل شلبى كرسيين مطرزين بشعار مجلس الدولة وطاولة صغيرة لإهدائهما لأمين عام مجلس الدولة وكتعليمات المتهمة الثانية وتكليفها قام الشاهد الثالث بتنفيذ ذلك وإرسالها كطلبها أيضاً إلى مجلس الدولة وقدمت المتهمة «رباب» وزوجها أختاماً ومطبوعات خاصة بشركتهما لجمال اللبان ليتولى إعداد مظروف مالى وآخر فنى لتقديمهما فى مناقصة صورية أجريت وتم ترسيتها بمعرفة المتهم الأول والمتوفى وائل شلبى على مؤسسة الخلود للأثاث المكتبى ملكها وزوجها المتهم الثالث، وطلب المتوفى لقاءها لتنفيذ طلبه السابق بمواقعتها على سبيل الرشوة، فالتقيا بمعرض «بريمير هوم» للأثاث بمدينة نصر يوم الأحد، يوم عطلة المعرض، حيث قدمت له نفسها، وقام بمواقعتها، ثم طلب المتهم الأول ذات الطلب أيضاً، وهو مواقعتها كسابق طلبه، واتفاقهما، فالتقته، وواقعها أيضاً على سبيل الرشوة، وعقب تقديمها الرشوة الجنسية قدما لها مستحقاتها عن أمر التوريد بأن حصلت وزوجها المتهم الثالث من هذه العملية على مبلغ مليون ومائتى ألف جنيه، واستأثر المتهم الأول بباقى قيمة الشيك وقدره أربعمائة وخمسة وستون ألفاً وخمسة جنيهات، منها أربعمائة وخمسون ألف جنيه رشوة متفق عليها للمتهم الأول وللمتوفى، كما استأثر المتهم الأول لنفسه بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه وخمسة من قيمة هذا الشيك تنازلت له المتهمة الثانية عن هذا المبلغ بغير اتفاق سابق على سبيل المكافأة اللاحقة.. وإذ بادر المتوفى وائل شلبى بدعوة المتهمة «رباب» إلى لقائه بمكتبه بمقر مجلس الدولة بالعباسية، فحضرت فى موعدها ووعدها الأخير ومعه المتوفى بإسناد أعمال توريد أثاث لمقر مجلس الدولة بمحافظة سوهاج لصالح المتهمين «رباب وزوجها»، ثم أنهى جمال اللبان إجراءات صدور شيك هذه العملية بمبلغ مليون وسبعمائة واثنين وثلاثين ألفاً ومائة وخمسين جنيهاً لصالح شركة الخلود للأثاث على الرغم من عدم توريد المؤسسة لهذه الأعمال المطلوبة من أثاث وذلك بعلم المتوفى وائل شلبى.


مواضيع متعلقة