«جمجرة» بالقليوبية.. «الوحدة» مفتوحة والعاملون «لم يحضر أحد»

كتب: محمود عبدالرحمن

«جمجرة» بالقليوبية.. «الوحدة» مفتوحة والعاملون «لم يحضر أحد»

«جمجرة» بالقليوبية.. «الوحدة» مفتوحة والعاملون «لم يحضر أحد»

وسط عمليات إحلال وتجديد لمجموعة من المبانى المجاورة لها، «تنزوى» الوحدة الصحية لقرية جمجرة التابعة لمركز بنها بمحافظة القليوبية، داخل مضيق ترابى ضيق، تتخلله أكوام من الطوب و«الرتش»، لا يستطيع الزائر الوصول إليها إلا مترجلاً، نظراً لضيق الشارع المؤدى إليها، يجلس على مدخلها حارس العقار المقابل لها الذى لا يزال تحت التشييد هو الآخر، يتولى مسئولية إخبار الداخلين إليها بأن «مفيش حد جوه»، والاستفسار منهم عما يريدونه.

مبنى كبير يتكون من ثلاثة طوابق، يتوسط فناء واسع، تنتشر فيها مجموعة من الأشجار، لا يوجد فى مدخله أحد من العاملين بالوحدة، لا من الطاقم الطبى ولا الإدارى، قمنا بالنداء مرات عديدة على من بداخل الوحدة لنتحدث إليه ونعرض عليه ما نحتاجه، إلا أن أحداً لم يستجب لنا، نظراً لخلوها من العاملين بشكل كامل، جاء إلينا حارس العقار المجاور لها ليسألنا عن بغيتنا، فأخبرناه بأن معنا مريضاً تعرض لهبوط مفاجئ أثناء سفرنا من مدينة المنصورة إلى القاهرة، وحالته الصحية حرجة تحتاج لتدخل طبى سريع، ليرد علينا بقوله «الباب مفتوح زقوه وادخلوا استريحوا فى الضل جوه تحت المروحة لحد ما الموظف النبطشى يظهر، أو ريحوا دماغكم واطلعوا على الصيدلية اللى فى مدخل البلد عند الترعة هى هتفيدكم أكتر، لأن حتى لو الموظف جه مش هيلاقى حاجة يعملها لكم».

{long_qoute_1}

طرقات الطابق الأول للوحدة الصحية خالية تماماً من العنصر البشرى، على الرغم من احتوائها على مكاتب إدارية متعددة وعيادات كشف وغرفة كبيرة مجهزة مدون عليها «غرفة الطوارئ» لاستقبال الحالات الحرجة، تجولنا بكاميرا «الوطن» داخل الوحدة، ورصدنا غرفها وأقسامها المختلفة، التى تتشابه كثيراً إلى حد كبير مع المستشفيات المركزية، دون أن يستوقفنا أحد، أو يسألنا عن هويتنا أو ما نريده، مر وقت ليس بالقصير، فأنهينا جولتنا داخل الطابق الأول للمبنى، وعاودنا الخروج إلى فناء الوحدة مرة أخرى، ننتظر وصول أى من العاملين، حتى جاءنا أحد الأشخاص يحمل فى يده سلسلة مفاتيح كبيرة، وتبدو عليه علامات الانزعاج والتوتر، وبادرنا بالسؤال عن هويتنا قبل الوصول إلينا «خير يا جماعة حضراتكم مين؟ وعاوزين إيه؟»، اطمأن قلب كاتب الوحدة -كما قدم نفسه لنا- قليلاً، بعدما أدرك أننا لسنا لجنة تفتيش أو متابعة من وزارة الصحة، لذا تخلى عن حججه ومبرراته التى سعى لترديدها علينا من على بعد أمتار عديدة قبل أن يصل إلينا، بأنه كان يصلى الظهر ولم يستغرق خمس دقائق منذ لحظة خروجه من الوحدة وحتى عودته، على الرغم من أن الساعة كانت تقترب من الثانية ظهراً، بما يعنى انقضاء وقت صلاة الظهر فى جماعة داخل المسجد، وبعدما علم بأننا نحتاج لطبيب طوارئ، أخبرنا بأن جميع أطباء وممرضى الوحدة غير موجودين، وأنه «كاتب إدارى غلبان» -على حد تعبيره- لن يستطيع تقديم عون أو مساعدة لنا، لأنه «بتاع تسجيل بيانات وحضور وانصراف وغياب»، طبقاً لقوله، لذا ليس فى وسعه سوى وصف الطريق لنا عن كيفية الذهاب لأحد المستشفيات المركزية داخل مدينة بنها، التى تبعد ما يقل عن نصف الساعة بالسيارة -طبقاً لتقديره- لأننا لن نجد من يسعفنا داخل الوحدة الصحية أو خارجها، اعترضناه بسؤالنا عن كيفية عدم وجود طبيب داخل الوحدة الصحية، فجاءت إجابته بأنه موظف إدارى يعمل داخل الوحدة الصحية منذ الثامنة صباحاً وحتى السادسة مساء، وليس بإمكانه سؤال الأطباء عن حضورهم أو تغيبهم، لأنه مرؤوس منهم وليس العكس. {left_qoute_1}

غادرنا مبنى الوحدة الصحية، بعدما فشلنا فى الحصول على أى خدمة طبية، قليلة أو كثيرة، من شأنها أن تنقذ مريض ضغط وقلب، تعرض لظروف صحية طارئة، عدم اللحاق بإسعافها قد يتسبب فى وفاته، فتتبعنا موظف الوحدة مسرعاً ليخبرنا بمكان صيدلية قريبة من محيط الوحدة الصحية، بها جهاز قياس الضغط والسكر «والدكتور بتاعها شاطر قوى هيعرف يشخص الحالة ويديه علاج يفوقه لحد ما توصلوا بنها»، تحركنا بالسيارة الخاصة بنا فى اتجاه الشارع العمومى بالقرية، وأعيننا على الموظف، الذى انصرف مرة أخرى من العمل، تاركاً الوحدة بين يدى حارس العقار المقابل لها.


مواضيع متعلقة