الفرنسيون «الكسالى»
- الرئيس الفرنسى
- السكة الحديد
- العالم الثالث
- القطاع الخاص
- تخفيف القيود
- تشجيع الاستثمار
- حالة الغضب
- دول العالم
- رأس المال
- أبعاد
- الرئيس الفرنسى
- السكة الحديد
- العالم الثالث
- القطاع الخاص
- تخفيف القيود
- تشجيع الاستثمار
- حالة الغضب
- دول العالم
- رأس المال
- أبعاد
مظاهرات عمالية حاشدة شهدتها فرنسا يوم الثلاثاء الماضى، توازى معها إضرابات شملت عمال السكة الحديد والمطارات وغيرهما. سبب المظاهرات مشروع قانون جديد لتنظيم العمل يتبناه الرئيس الفرنسى «ماكرون» يرى معارضوه أنه منحاز بدرجة كبيرة إلى أرباب الأعمال على حساب الموظفين، وهى بالمناسبة أول احتجاجات تواجه «ماكرون» بعد نجاحه فى الانتخابات. «ماكرون» يرى أن هناك ضرورة لهذا القانون، والواضح أن وجه الضرورة فيه يرتبط بتشجيع الاستثمارات وحفز أصحاب المال على بناء المشروعات، ولا خلاف على أن إطلاق يد رأس المال فى التحكم فى العمال والموظفين عامل محفز للاستثمار، وتعليقاً على حالة الغضب التى سادت هذا القطاع من الفرنسيين بعد طرح مشروع القانون، اتهم الرئيس الفرنسى معارضى ومنتقدى سياساته الإصلاحية بـ«الكسالى».
مؤكد أن «ماكرون» لديه وجهة نظر معينة فى الإصلاح، وهى وجهة نظر عولمية تلف حكام وشعوب دول العالم المختلفة، وأساسها تكريس فكرة منح القطاع الخاص والمستثمرين فرصاً كاملة للعمل، وتخفيف القيود المفروضة عليهم، بما فى ذلك القيود القانونية، حتى تتخفف الحكومات من أعبائها، ويكاد هذا الفكر أن يصبح أيديولوجية للعالم الذى نعيش فيه. الفكرة جيدة للغاية بالنسبة للمسئولين داخل أية دولة، لكنها غير ذلك للشعوب. يتضح ذلك من ردة فعل الفرنسيين على المشروع الجديد الذى طرحه «ماكرون»، فالعمال والموظفون يرون أنه يشكل تراجعاً وارتداداً عن المكاسب التاريخية التى حصلوا عليها على مدار العقود السابقة.
الشعوب لها عذرها، خصوصاً أن أحداً لا يشرح لها. الحالة الفرنسية تقول ذلك، ففى مقابل الاحتجاجات التى أبداها العمال والموظفون فى فرنسا وصف ماكرون معارضيه بـ«الكسالى»، هكذا بلا مواربة، فى أداء يذكّرنا بالأوضاع داخل دول العالم الثالث!. المتوقع فى مثل هذه الأحوال أن يخرج المسئول الذى يتبنى سياسة إصلاحية معينة ويشرح للناس أبعاد هذه السياسة وجدواها والنتائج التى سوف تترتب عليها فى المستقبل، وأن يقدم تصورات للخطة الزمنية للإصلاح، والتوقيتات التى سيبدأ المواطنون فى جنى ثمارها. «ماكرون» تخلى عن كل هذا، واكتفى بمخاطبة الفرنسيين بلهجة استعلائية واضحة، فوصف شعبه بـ«الكسالى». وكاد يقول لهم: «عاوزين تاكلوا من غير ما تشتغلوا»!.
الاستعلاء على الشعب لن يجدى فى الواقع شيئاً، وهو فى كل الأحوال يؤدى إلى مزيد من التوتر فى العلاقة بين السلطة ومواطنيها، ولن يترتب على ذلك أى إصلاح. نعت الموظفين والعمال الفرنسيين بـ«الكسل» جعلهم ينشطون فى المظاهرات، وينظمون الإضرابات، ويوقفون المواصلات براً وجواً. ولا خلاف على الخسائر التى يمكن أن تترتب على هذه التحركات، وإدانة مثل هذه الأوضاع لا بد أن يحمل نصيباً منها من تسبب فيها، فالإصلاح ليس مجرد قرارات يتخذها المسئول، بل هو بالتوازى محاولة لإقناع الشعوب عبر شرح أبعاد ما يحدث، وفهم واستيعاب ما يمكن احتماله، وما يصعب تحمله فى الإجراءات الإصلاحية. وأى محاولة للإصلاح من غير هذا الطريق لن تجدى فى الواقع شيئاً، وأخشى أن أقول إنها تصب فى خانة «التأزيم»، وإرباك الأوضاع المرتبكة بالأساس.