بعد أفغانستان.. توسعات «القاعدة» في شبة الجزيرة العربية والمغرب العربي

كتب: محمد علي حسن

بعد أفغانستان.. توسعات «القاعدة» في شبة الجزيرة العربية والمغرب العربي

بعد أفغانستان.. توسعات «القاعدة» في شبة الجزيرة العربية والمغرب العربي

كان الهدف من تأسيس تنظيم القاعدة محاربة الشيوعيين في الحرب السوفيتية في أفغانستان، بدعم من الولايات المتحدة التي كانت تنظر إلى الصراع الدائر في أفغانستان بين الشيوعيين والأفغان المتحالفين مع القوات السوفيتية من جهة وما سمي بـ«الأفغان المجاهدين» من جهة آخرى، على أنه يمثل حالة صارخة من التوسع والعدوان السوفيتي، حيث مولت الولايات المتحدة عن طريق المخابرات الباكستانية المجاهدين الأفغان الذين كانوا يقاتلون الاحتلال السوفيتي في برنامج لوكالة المخابرات المركزية سمي بـ «عملية الإعصار».

وعن تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» فهو ذلك الاسم الذي أطلقته القاعدة على فرعها في السعودية واليمن، بعد أن اتحدا في يناير 2009 نتيجة الضربات الأمنية القوية التي وجهها له النظام السعودي بالقضاء على عدد غير قليل من أعضاء هذا التنظيم الإرهابي، فقبل الاتحاد بين فرعي السعودية واليمن، ظهر لأول مرة في مايو عام 2003 بالمملكة العربية السعودية عندما تبنى هجوم بثلاث سيارات مفخخة على مجمع سكني بالرياض تقطنه غالبية غربية وعائلات عربية مسلمين وغير مسلمين أسفر عن مقتل 26 شخصا، إضافة إلى مقتل تسعة من الإرهابيين، ثم توالت الهجمات.

وفي نوفمبر 2003، نفذ هجوم بشاحنة مفخخة يستهدف مجمعا سكنيا بالرياض أسفر عن سقوط 17 قتيلا و100 جريح، وفي الأول من مايو 2004 تم الهجوم بمدينة ينبع أدى إلى قتا 6 غربيين، وفي 29 مايو 2004 قام مسلح باقتحام مجمعا سكنيا في الخبر ويحتجز العشرات من الرهائن، أغلبهم موظفون في شركات نفط أجنبية، وخلفت العملية مقتل 19 غربيا وتمكن المهاجم من الفرار، وفي ديسمبر 2004، هاجم مسلحون مقر القنصلية الأمريكية بمدينة جدة، وخلف الهجوم خمسة قتلى من عمال القنصلية، إضافة إلى مقتل المهاجمين.

وحاول التنظيم في 25 ديسمبر 2009 تفجير طائرة ركاب تقوم برحلة بين أمستردام وديترويت، وحاول اغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودي، في 28 أغسطس 2009 بمدينة جدة، في عملية قام بها الانتحاري عبد الله العسيري الذي مثل دور عضو تائب من القاعدة في شبه جزيرة العرب.

وفي 28 مارس 2012 اختطف تنظيم القاعدة في اليمن نائب القنصل السعودي عبد الله الخالدي، وذلك في مدينة عدن من أمام منزله أثناء ممارسته مهامه الوظيفية في منح المواطنين اليمنيين تأشيرات دخول المملكة للحج والعمرة والعمل وزيارة الأهل والأقارب وغيرها، بحسب بيان الداخلية السعودية آنذاك.

فيما تواجدت جذور هذا التنظيم في اليمن منذ فترة مبكرة سابقة لفترة تأسيسه بصيغته العالمية الحالية التي أعلن عنها في فبراير 1998، وذلك لأسباب عدة ومختلفة منها الأصول الحضرمية للمؤسس والممول الأول لهذا التنظيم، الزعيم السابق أسامة بن لادن، والارتباطات الإيدلوجية بين الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكم الجنوب قبل الوحدة مع المستعمر السوفيتي لأفغانستان الذي كان السبب الرئيس لنشوء ظاهرة الجهاد المعولم الممثل اليوم بتنظيم القاعدة، ورؤية أبو مصعب السوري الذي يعتبر أهم المنظرين السياسيين لتنظيم القاعدة، خاصة تجاه اليمن.

سخر التنظيم كل طاقته لكي يكون له حضور بارز في مواقع الإنترنت عبر المواقع المستقلة أو المنتديات المتعاطفة لاحقا عبر تأسيس مطبوعات هامة جدا، سواء على صعيد التجنيد واستقطاب الآخرين أم على صعيد التدريب على شن العمليات الجهادية، وهي مجلة "صوت الجهاد" ذات الطابع الفكري و الناطقة بلسان التيارالتكفيري الإرهابي العامل في السعودية، كانت تصدر مرتين شهرياً قبل أن تتوقف عن الصدور بمقتل عبد العزيز المقرن، ونشرة "البتار" ذات الطابع العسكري، أسسها وأشرف عليها عبد العزيز العييري.

أما القاعدة في ليبيا يعود تاريخها إلى عقد التسعينيات من القرن الماضي بعد إعلان التنظيم عن انضمام الجماعة الليبية إلى صفوفه، قبل أن يعود أكثر مقاتلي هذه الجماعة إلى ليبيا مجددًا، ورغم أن عددا من قادتها استمروا في القتال ضمن القاعدة في أفغانستان كأبو يحيى الليبي مساعد أسامة بن لادن، إلا أن الجماعة زعمت خلال العقد الماضي أنها قامت بمراجعات فكرية داخل سجون القذافي للتخلي عن انتمائها للقاعدة.

وبرزت الجماعة مجدداً بعد اندلاع ثورة فبراير عام 2011 ضمن صفوف الثوار، لتنتشر بشكل سريع بعد الإطاحة بحكم القذافي من خلال أبرز قادتها وتتولى مناصب ووظائف هامة في الدولة، كأميرها عبد الحكيم بلحاج، لكنها لم تتخلَّ عن سلاحها الذي ظل يعمل تحت عديد المسميات مثل جماعة أنصار الشريعة ومجالس الشورى في بنغازي ودرنة وسرت، وأخيرًا سرايا الدفاع عن بنغازي.

وعن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فهو تنظيم مصنف لدى دول عديدة أنه إرهابي، نشأ عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، التي ولدت بدورها من رحم الجماعة الإسلامية المسلحة.

وفي 2006 أعلنت الجماعة السلفية انضمامها إلى تنظيم القاعدة الذي كان يقوده أسامة بن لادن، قبل أن تتسمى في العام التالي رسميا باسم «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».

ويقول التنظيم إنه يسعى لتحرير المغرب الإسلامي من الوجود الغربي «الفرنسي والأمريكي » والموالين له من الأنظمة التي يصفها بـ«المرتدة» وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية وإقامة دولة كبرى تحكم بالشريعة الإسلامية.

ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد مقاتلي الجماعة، لكن أغلب المصادر تقدر عددهم ببضع مئات، أغلبهم جزائريون، فيما يتوزع الباقون على عدة دول أبرزها موريتانيا، ليبيا، المغرب، تونس، مالي، ونيجيريا.

وقدرت بعض الجهات عدد المجموعات الصغيرة المنتسبة للتنظيم بنحو سبعين خلية، بينها كما تقول الاستخبارات الغربية مجموعة «أنصار الدين» في شمالي مالي التي يقودها إياد آغ غالي، كما تشهد علاقات تعاون مكثفة مع جماعة أهل السنة والجماعة للدعوة والجهاد المعروفة إعلاميا بحركة طالبان نيجيريا أو بوكو حرام.


مواضيع متعلقة