العصافرة: نصف اليوم بلا مياه.. والمبانى بلا أسوار
![المنطقة الصناعية بالعصافرة](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/21423718321505064593.jpg)
المنطقة الصناعية بالعصافرة
على بُعد 50 كيلومتراً من ميناء بورسعيد، بُنيت المدينة الصناعية بالعصافرة، بجوار ترعة السلام فى مركز المطرية بمحافظة الدقهلية، على مساحة 60 فداناً، شرعت الحكومة فى بنائها منذ التسعينات، يوجد بها 105 مصانع، يعمل منها ثمانون مصنعاً فقط، وهى مدينة صناعية لا تملك سوى الاسم فقط.
بوابة كبيرة فى نهاية سور يمتد لمسافة تصل إلى 500 متر تقريباً، لها مدخلان، أحدهما تم إغلاقه والآخر مفتوح أمام دخول وخروج السيارات من وإلى المنطقة الصناعية، يقف على بابها رجل خمسينى طويل القامة يعمل «فرد أمن»، مهمته تفتيش السيارات النقل التى تدخل إلى المنطقة ومعرفة وجهتها، ومعرفة السيارات التى تخرج من المنطقة وهل معها تصريح خروج من المصنع الذى تم التحميل منه أم لا.
المدير يرفض دخول محرر «الوطن» رغم موافقة سكرتير عام المحافظة ويطلب تصريحاً من الجهات الأمنية.. وعضو جمعية المستثمرين: لصوص يحاولون سرقة معدات المصانع يومياً.. وأحد المسئولين: 30 فداناً بالمنطقة الصناعية يتم «تسقيعها»
«الوطن» حاولت دخول المنطقة الصناعية بالعصافرة، لكن فرد الأمن اعترضنا، واتصل بقسم شرطة المطرية بمجرد علمه بأننا صحفيون، رغم أن لدينا تصريح دخول «شفوى» من سكرتير عام محافظة الدقهلية اللواء فايز شلتوت، الذى أخبرنا بأنه ليس لديه مانع من الدخول، ولكن بشرط عدم التصوير، انتظرنا أكثر من ساعتين على مدخل المنطقة الصناعية حتى حضر مدير المنطقة المهندس مجدى الحماحمى، الذى رفض اصطحابنا فى جولة داخل المنطقة أو الإدلاء بأى تصريحات تخص المنطقة بحجة عدم الحصول على تصريح رسمى من المحافظة، وعندما أخبرناه بموافقة سكرتير عام المحافظة قال: «حتى لو المحافظة وافقت لازم يكون فيه موافقة الجهات الأمنية». يظهر من مدخل المنطقة الصناعية أن شوارعها غير مرصوفة، فيما أكد أحمد حسنى، أحد العاملين داخل مصنع لصناعة أعلاف الدواجن، أن «العمل داخل المنطقة الصناعية أصبح صعباً للغاية، خاصة أن أصحاب المصانع استغنوا عن عدد كبير من العمال بعدما ارتفعت أسعار كافة خامات الإنتاج». ويواصل حسنى الذى التقت به «الوطن» أمام مدخل المنطقة الصناعية وهو خارج يستقل دراجته البخارية: «بنشتغل كل يوم 10 ساعات، والمرتب 1200 جنيه ومابيعملش حاجة بعد ارتفاع أسعار كل حاجة، وللأسف لما طلبنا من صاحب الشغل يزود المرتبات قال أنا غصب عنى يا جماعة معلش مفيش شغل الأيام دى، الدنيا واقفة، وربنا يسهل».
رغم قرب المنطقة الصناعية بالعصافرة من ميناء بورسعيد حيت تبعد نحو 50 كيلومتراً فقط، وبالإضافة إلى قربها من ميناء دمياط، حيت لا تزيد المسافة على 60 كيلومتراً، أى أقل من ساعة، فإن الحكومة لم تستغل هذا الموقع الفريد فى زيادة الصادرات أو فتح فرص جديدة للاستثمار، بحسب أحد أعضاء جمعية المستثمرين فى المنطقة الذى رفض نشر اسمه. وقال: «مفيش منطقة صناعية من غير سور، السور نصه مبنى والنص التانى لسه ماتبناش، وللأسف مفيش نية لبنائه، فيه لصوص بييجوا هنا وبيحاولو يسرقوا معدات من المصانع، لكن أفراد الأمن بيتصدوا لهم». ويتابع: «الميّه هنا بتقطع فى اليوم أكتر من 14 ساعة، يعنى لو أى مستثمر حاول بناء مصنع أو جاء إلى الاستثمار فى المنطقة هنا مش هيلاقى مياه، ومعظم المصانع اللى فى المنطقة الصناعية هنا أسقفها متهالكة، المشكلة الأكبر فى المنطقة الصناعية تعنُّت الحماية المدنية تجاه المستثمرين، بيطلبوا مننا حاجات صعبة ومستحيلة، وده بيخلى المستثمر غير راضى عن العمل هنا».
ثلاثة آلاف عامل عدد العاملين فى المنطقة الصناعية بالعصافرة، يأتون من القرى والمراكز القريبة من المنطقة، وأهمها مركز المطرية والمنزلة وقرى الخريجين القريبة من المنطقة، يجدون صعوبة فى الوصول إلى أعمالهم بسبب بعض الطرق غير المرصوفة، بالإضافة إلى قلة المواصلات، مما يضطر أصحاب المصانع إلى تخصيص سيارات لنقل العاملين، ولكن يتم خصم جزء من مرتبات العاملين نظير هذه الخدمة، هذا ما قاله إبراهيم سليمان، أحد العاملين فى المنطقة الصناعية، حيث أكد أن مرتباتهم التى لا تزيد على 1200 جنيه لا تكفى توفير نفقات له ولأسرته المكونة من زوجة وثلاثة أبناء أكبرهم فى الصف الخامس الابتدائى.
60 فداناً مساحة المنطقة الصناعية بالعصافرة، تم تخصيص 30 فداناً منها لبناء 105 مصانع كمرحلة أولى، فيما تركت الدولة باقى المساحة وهى نحو 30 فداناً دون استغلال منذ عام 2003، بالرغم من تقديم عدد كبير من المستثمرين طلبات لمجلس المدينة وهيئة التنمية الصناعية وجميع الجهات المختصة للحصول على أراض لبناء عدد من المصانع، هذا ما قاله أحد المسئولين بالمنطقة الصناعية بالعصافرة، وأضاف أن المنطقة الصناعية تمتاز بموقع فريد بين 4 محافظات: الدقهلية والشرقية وبورسعيد ودمياط، وهو ما يتيح الفرصة أمام عدد كبير من المستثمرين لبناء المزيد من المصانع، مما سيساهم بشكل واضح فى توفير فرص عمل لأبناء هذه المحافظات.
ويتابع: «فيه 30 فدان لم يتم استغلالها حتى الآن، وفيه ناس أخدت أراضى فى المنطقة الصناعية، لكنهم (سقعوها) علشان يبيعوا الأرض يسعر أعلى، المفروض الأراضى دى يتم استغلالها وبناء مصانع عليها علشان البلد محتاجة كده، خصوصاً فى الفترة الحرجة اللى بتمر بيها البلد». ويضيف: «تعانى المنطقة الصناعية بالعصافرة من سوء البنية التحتية، خصوصاً الشوارع التى تقسم المنطقة والتى لم يتم رصفها منذ أكثر من عشر سنوات، بالإضافة إلى الصرف الصحى الذى يتسبب فى وجود مشاكل كبيرة داخل المصانع لأنه يتعرض دائماً لأعطال كثيرة».
ويؤكد المسئول أن الأرض تم تخصيصها فى التسعينات للجهاز التنفيذى للمشروعات، ثم منحها الجهاز لبنك الاستثمار القومى مقابل الحصول على جزء من الأرباح، ويوجد بالمنطقة تنوع كبير فى المصانع، حيث تضم مصانع للصناعات الغذائية والمراتب وأعلاف الأسماك والدواجن والبويات والأثاث والمنظفات والبلاستيك والأدوية البيطرية والألبان، وغيرها.