بورما تواجه انتقادات حادة لطريقة تعاطيها مع أزمة الروهينجا

كتب: الوطن

بورما تواجه انتقادات حادة لطريقة تعاطيها مع أزمة الروهينجا

بورما تواجه انتقادات حادة لطريقة تعاطيها مع أزمة الروهينجا

وجهت دول إسلامية آسيوية انتقادات حادة لبورما ورئيسة حكومتها "أونج سان سو تشي" اليوم الإثنين، على خلفية المعاناة التي تعيشها أقلية الروهينجا، بالتزامن مع إعلان الأمم المتحدة لجوء عشرات الآلاف منهم إلى بنجلادش.

ولجأ حوالي 90 ألفا من الروهينجا إلى بنجلادش في الأيام العشرة الأخيرة في حين ينتظر نحو عشرين ألفا آخرين العبور بعد اشتداد المعارك بين متمردين والقوات العسكرية البورمية في ولاية راخين غرب البلاد التي تشهد صراعا داميا.

وتحولت ولاية راخين الفقيرة التي تقع عند الحدود مع بنجلادش إلى بؤرة للاضطرابات الطائفية بين مسلمين وبوذيين على مدى سنوات، مع اضطرار أقلية الروهينجا للعيش في ظل قيود تطال حرية التحرك والجنسية أشبه بنظام الفصل العنصري.

وتشكل أعمال العنف الأخيرة التي انطلقت في أكتوبر بعد أن هاجمت مجموعة صغيرة من الروهينجا عددا من المراكز الحدودية أسوأ الموجات التي شهدتها الولاية منذ سنوات.

وتشتبه الأمم المتحدة في أن الجيش البورمي قد يكون ارتكب انتهاكات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية خلال تصديه للهجمات التي استهدفته.

وتتعرض زعيمة بورما ورئيسة الوزراء "أونج سان سو تشي"، التي سبق وأن عاشت معاناة السجن والإقامة الجبرية في عهد المجلس العسكري الذي كان يحكم بورما سابقا، إلى انتقادات متزايدة بسبب امتناعها عن إدانة طريقة التعامل مع الروهينجا أو انتقاد الجيش.

ولم تدل سو تشي التي منحت جائزة نوبل للسلام في 1991، بأي تصريح منذ اندلاع المواجهات الأخيرة قبل عشرة أيام.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتهم بورما الأسبوع الماضي بارتكاب "إبادة" بحق الروهينجا.

وقال الرئيس التركي الإثنين "للأسف لقد تم ارتكاب مجازر كبيرة في بورما.. بقيت الإنسانية صامتة".

- جيران مسلمون غاضبون -

وتهدد الأزمة العلاقات الدبلوماسية لبورما ولا سيما مع الدول ذات الأكثرية المسلمة في جنوب شرق آسيا، حيث يتصاعد الغضب الشعبي إزاء المعاملة التي تلقاها أقلية الروهينجا.

وأعلنت جزر المالديف الإثنين، قطع علاقاتها التجارية مع بورما "إلى أن تتخذ حكومة بورما إجراءات تردع الأعمال الوحشية التي ترتكب ضد الروهينجا المسلمين"، بحسب بيان لوزارة الخارجية.

ولم يوضح البيان حجم التبادل التجاري بين البلدين إلا أن هذا التحرك قد يدفع دول أخرى لتحذو حذوه.

وسعى وزير خارجية أندونيسيا ريتنو مرصودي الإثنين، لدى لقائه قائد الجيش البورمي الجنرال مين "أونج هلينج" في نايبيداو للضغط على الحكومة البورمية من أجل ضبط هذه الأزمة.

وقال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو الأحد لدى إعلانه عن المهمة التي يقوم بها وزير خارجية البلاد "مرة جديدة يجب أن يتوقف العنف وهذه الأزمة الانسانية فورا".

واعلنت الشرطة الاندونيسية ان السفارة البورمية استُهدفت بقنبلة حارقة صباح الأحد في جاكرتا حيث افشلت الشرطة سابقا محاولتين لتفخيخ المبنى من قبل اسلاميين متشددين.

وصباح الاثنين تظاهر العشرات امام مقر السفارة حيث انتشرت الشرطة المسلحة وتم تثبيت السياج الشائك في محيط المقر.

واعلنت وزارة الخارجية الباكستانية عن "قلقها البالغ حيال تقارير تفيد بارتفاع عدد القتلى والمهجرين قسرا من الروهينغا المسلمين".

وطالبت الوزارة بورما بفتح تحقيق بشأن تقارير حول ممارسة اعمال وحشية ضد اقلية الروهينغا.

وفي تونس اعلن رئيس حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي الاثنين اثر لقائه رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي انه استعرض مع الرئيس أوضاع المسلمين في بورما و"أهميّة تحسيس المجتمع الدولي بضرورة وضع حد لمعاناتهم".

وفي تغريدة له على "تويتر" انتقد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف "الصمت الدولي حيال العنف المستمر ضد الروهينجا المسلمين" وقال إن "التدخل الدولي ضروري من أجل تفادي المزيد من التطهير الإثني، على الأمم المتحدة أن تتحرك".

وفي ماليزيا تشهد البلاد ذات الغالبية المسلمة تظاهرات منذ انطلاق الجولة الأخيرة من أعمال العنف في بورما.

وقال رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق "ندعو إلى الهدوء وضبط النفس". وأضاف الرئيس "يجب إنهاء الاوضاع المزرية التي يواجهها اخوتنا واخواتنا الروهينجا من أجل مصلحة بورما والمنطقة".

بدوره تساءل وزير الخارجية الماليزي حنيفة أمان عن سبب صمت سان سو تشي قائلا لفرانس برس "بصراحة أنا مستاء من أونج سان سو تشي. (في السابق) دافعت عن مبادئ حقوق الإنسان. الآن يبدو أنها لا تحرك ساكنا".

كما ألغت قرغيزستان ذات الغالبية المسلمة الإثنين مباراة كانت مقررة الثلاثاء، في إطار تصفيات كأس آسيا لكرة القدم مع بورما، تخوفا من "عمل إرهابي محتمل" وسط قلق متزايد بشأن أقلية الروهينجا.

وفي الشيشان، تجمع آلاف المتظاهرين الاثنين في العاصمة غروزني بدعوة من رئيس الجمهورية الروسية في القوقاز رمضان قديروف، للاحتجاج على اضطهاد اقلية الروهينغا.

وصرحت الناشطة الباكستانية والحائزة على نوبل السلام ملالا يوسفزاي والتي أفلتت من الموت بعد أن أطلق طالبان النار عليها ومعاناتها من إصابة بالرصاص في الرأس "قلبي ينفطر كلما شاهدت الأخبار قلبي ينفطر إزاء معاناة الروهينجا المسلمين في بورما".

وأضافت ملالا يوسفزاي "في السنوات الأخيرة كررت إدانتي لهذه المعاملة المأساوية والمخزية (للروهينجا). ما زالت أنتظر من زميلتي اونغ سان سو تشي فعل المثل".

وأعلنت شبكة الـ"بي بي سي" الإثنين، عن وقف خدمتها باللغة البورمية للتلفزيون البورمي منددة بفرض "رقابة" عليها في بلد يشكل فيه التطرق خصوصا إلى أقلية الروهينجا المسلمة من المحظورات.

ولطالما حذر محللون من ان طريقة تعامل بورما مع الروهينغا ستؤدي الى تمرد في داخل البلاد وقد تدفعهم للتطرف والاستعانة بمنظمات خارجية.

ومنذ اندلاع المعارك الأخيرة دعا تنظيم القاعدة في اليمن إلى تنفيذ هجمات انتقامية ضد بورما فيما دعت حركة طالبان أفغانستان المسلمين إلى "استخدام إمكانياتهم لمساعدة المسلمين المضطهدين في بورما".

ويقول المدافعون عن سان سو تشي، إن قدرتها محدودة في السيطرة على الجيش البورمي الذي، بحسب الدستور الذي وضعه المجلس العسكري، لا يخضع عمليا الى اي رقابة مدنية.

وتعتبر بورما الروهينجا مهاجرين غير شرعيين من بنجلادش وترفض منحهم الجنسية رغم استقرارهم في هذا البلد منذ أجيال، ما يجعل التضامن معهم عملية لا تلقى أي شعبية في الداخل.

في المقابل يرى منتقدو سان سو تشي، التي تتمتع بشعبية وسلطة أخلاقية، أنها تسبح عكس التيار في هذه القضية.


مواضيع متعلقة