«سفيرة الخير».. يد الرحمة الممدودة إلى المرضى والمشردين

كتب: مروة مدحت

«سفيرة الخير».. يد الرحمة الممدودة إلى المرضى والمشردين

«سفيرة الخير».. يد الرحمة الممدودة إلى المرضى والمشردين

«أميرة القلوب»، لقب أميرة ويلز «ديانا» لم تكتسبه من فراغ، فطالما ارتبط اسم «ديانا» بالكثير من الأعمال الخيرية منذ أن أصبحت زوجة الأمير تشارلز، ولى العهد البريطانى، وحتى وفاتها، مما جعل ذكراها مُخلدة فى أذهان كل من أسهمت فى مساعدتهم حتى بعد مرور 20 عاماً على وفاتها، وارتبط اسم «ديانا» بالأعمال الخيرية، خصوصاً فى مجال مكافحة «الإيدز» والألغام، وكانت «ديانا» حريصة خلال حياتها على زيارة الكثير من المستشفيات، وكانت تجالس المرضى المصابين وتعانقهم، فى محاولة منها لتقليل خوف الآخرين من المرض، ومن فكرة أنه «مُعدٍ»، كما كانت سفيرة فى حملة للسيطرة على مرض «الإيدز».

{long_qoute_1}

وكانت بداية ارتباط «ديانا» بالأعمال الخيرية فى منتصف 1980، حيث أصبحت منذ ذلك الوقت مرتبطة بشكل متزايد بالكثير من الأعمال الخيرية، وبصفتها «أميرة ويلز» كانت دائمة الظهور فى الكثير من المستشفيات والمدارس، حتى إنها وصلت فى عام 1988 إلى قيامها بـ191 زيارة، و397 فى 1991، مما دفع الخبراء إلى وصفها بـ«النموذج المثالى للرعاية الملكية فى القرن العشرين». وبعيداً عن الزيارات الرسمية، بدأ اهتمام «ديانا» يتركز أكثر على الأمراض الخطيرة والرعاية الصحية خارج إطار الاهتمامات الملكية التقليدية، بما فى ذلك مرضا «الإيدز» و«الجذام». فعملت الأميرة الراحلة على التوعية بمرض «الإيدز»، كما عملت «ديانا» على رعاية المنظمات والجمعيات التى تساعد المشرّدين والشباب والمدمنين والعجائز. وبداية من عام 1989 أصبحت «أميرة القلوب»، رئيسة مستشفى «جريت أرموند ستريت» للأطفال، وفى العام نفسه صارت أيضاً رئيسة منظمة الأحوال الزوجية البريطانية، وفى 1991 أصبحت راعية مؤسسة «هيدواى لجراحة المخ»، وشغلت منصب عضو لجنة الصليب الأحمر، ووصفها أحد الأطباء البريطانيين لمجلة «بيبول» الأمريكية بأنها «كانت تساعد الجميع، وكل من يمرون بأزمات صحية خطيرة»، متابعاً «كانت عظيمة وتجعل الجميع سعداء لمجرد مصافحتها».

واشتُهرت الأميرة بكونها أول فرد من العائلة الملكية يتعامل مع مرضى «الإيدز»، وافتتحت مركز «لاند مارك» للإيدز فى جنوب لندن، وفى أواخر الثمانينات حين ظن المواطنون أن الإيدز ينتقل عن طريق اللمس المباشر، جلست على سرير أحد المرضى، وأمسكت يده، وحين تم سؤالها عن ذلك، قالت إن «الإيدز لا يجعل معرفة الناس خطراً، يمكنك أن تمسك أيديهم وتعانقهم، الله يعلم أنهم بحاجة إلى ذلك»، لكن الملكة «إليزابيث» كان لها موقف معارض مما فعلته «ديانا». ولم تقتصر مساعدات «ديانا» فى مجال «الإيدز» على الشباب فقط، بل امتدت يداها لمساعدة الأطفال المصابين بالمرض أيضاً، ففى أكتوبر 1990 افتتحت «منزل الجدة»، وهو ملجأ للأطفال المصابين بمرض «الإيدز» فى واشنطن، وسافرت إلى «ساو باولو» بالبرازيل، لمواساة الأطفال المصابين بـ«الإيدز»، الذين تم هجرهم فى ملجأ محلى. كما زارت «أميرة القلوب» منظمة «نقطة تحول» -منظمة للرعاية الصحية والاجتماعية- وزارت أيضاً مشروعها فى لندن لمصابى مرض الإيدز.

{long_qoute_2}

وفى مارس 1997، زارت «ديانا» أفريقيا والتقت خلال زيارتها مع الرئيس نيلسون مانديلا، لمناقشة خطر «الإيدز». وقال نيلسون مانديلا عن ديانا بعد وفاتها إنه «كان لديها شغف واهتمام للاعتناء بالمحتضرين واليتامى، فمثلاً أمسكت بأطراف أحد مصابى الجذام، فحين يرى الناس أن أميرة بريطانية تذهب إلى جناح مصابى الإيدز فى المستشفى، سيشعرون بالأمان، وبلا أى داعٍ للخوف». وبسبب ما فعلته «ديانا» فى مجال مكافحة «الإيدز» انضم إليها الكثير من المنظمات والجمعيات الخيرية، مثل منظمة «ألتون جون» التى خصّصت أكثر من 2.1 مليون دولار لدعم الأشخاص المعرّضين للإصابة بـ«الإيدز» ومجلة «بيبول»، التى أنشأت صندوقاً ائتمانياً للعناية بالأطفال المصابين بـ«الإيدز» وسمته «صندوق ديانا». وكان مرض «الجذام» هو القضية الثانية التى تشغل «ديانا» بعد «الإيدز»، حيث حرصت أميرة ويلز على زيارة مشفى للجذام فى إندونيسيا ولمست جروح المرضى، كما تولت رعاية منظمة «مكافحة الجذام»، وهى منظمة تخصّصت فى توفير الدواء والعلاج وخدمات الدعم الأخرى لمرضى الجذام، ولطالما كانت «ديانا» تحاول الدفاع عن وصمة العار الذى يُضفيها المجتمع على مرضى «الجذام»، وقامت بمواجهة ذلك عن طريق لمس المرضى. وقالت: «طالما كان محور اهتمامى لمس المرضى المصابين بهذا المرض، لأثبت بكل بساطة أنهم ليسوا ملعونين، وأننا لا نرفضهم».

ومن أهم الإنجازات التى ارتبط بها اسم «ديانا» بشكل دائم جهودها لوضع حظر على استخدام الألغام، وقالت إنها قد تؤثر على توقيع معاهدة «أوتاوا» -معاهدة حظر الألغام- مضيفة أن «الألغام خطر كبير على الأطفال والمدنيين البالغين»، وقالت الحملة الدولية لحظر الألغام إن «ديانا» فازت بجائزة نوبل للسلام فى عام 1997. كما كانت «ديانا» الراعى الرسمى لمؤسسة «هالو ترست» -المؤسسة الأهم فى مجال إزالة الألغام الأرضية- وظهر الكثير من صور الأميرة ديانا أثناء وجودها بحقل ألغام أنجولى، وهى مرتدية خوذة بلاستيكية وبذة واقية من الرصاص، وأعلنت مؤسسة «هالو» بعد هذه الزيارة أن مجهودات «ديانا» أسهمت فى رفع مستويات الوعى العالمى بشأن المعاناة الناتجة جراء الألغام الأرضية، وتحولت المدينتان اللتان زارتهما «ديانا» إلى مدن مأهولة بالسكان بعد إخلائهما تماماً من الألغام. وفى أغسطس 1997، أى قبل أيام قليلة من موتها، قامت «أميرة ويلز» بزيارة البوسنة والهرسك برفقة جيرى وايت وكين روثرفورد، مسئول شبكة الناجين من الألغام، لمتابعة مشروعات الألغام بكل من ترافنيك وسراييفو وزينيزيكا. وقال البعض إن «لديانا -بعد موتها- يداً فى إتمام توقيع معاهدة أوتاوا التى تسبّبت فى فرض حظر دولى على استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد».

جدير بالذكر أنه أثناء تقديم القانون إلى مجلس العموم البريطانى، أشاد روبن كوك، وزير خارجية بريطانيا، بمجهودات «ديانا» فى مجال الألغام، قائلاً: «السادة الأعضاء سيكونون على علم بالمجهودات الهائلة التى بذلتها (ديانا) لتوفير موطن للكثير من المتضررين من الألغام».

ولم تنسَ «ديانا» أيضاً المُشردين، حيث كانت مؤيدة لمؤسسة «سنتربوينت» -المؤسسة التى تعمل على توفير الإقامة والدعم للأشخاص الذين لا مأوى لهم- وتحدّثت نيابة عن الشباب المُشرّد وقالت إنهم يستحقون بداية لائقة فى الحياة. ولم تنسَ «ديانا» مرضى «السرطان»، حيث دأبت على زيارة الأطفال المصابين بالسرطان، حيث قامت بزيارة إلى مستشفى بلندن متخصص فى علاج السرطان تُدعى «رويال مارسدن»، وذلك خلال أول زيارة رسمية منفردة لها كعروس، وكانت تلك هى واحدة من المؤسسات المستفيدة من المزاد العلنى لملابسها فى نيويورك، وصرّح مدير الاتصالات بالمؤسسة بأن الأميرة ديانا قد فعلت الكثير لمحو وصمة العار والمحرّمات المرتبطة بأمراض معيّنة مثل السرطان. وافتتحت الأميرة ديانا مؤسسة للأطفال مرضى سرطان الدم. وقلبها المُحب للحياة لم ينسَ حتى الحيوانات، فكانت تعمل على قيادة الكثير من الحملات لحماية الحيوانات وحملات أخرى ضد استخدام الأسلحة الوحشية. والأبرز فى تاريخ الأعمال الخيرية لـ«ديانا»، كان زيارتها لدار الأم تيريزا للمرضى والمحتاجين والمحتضرين فى كالكوتا بالهند، وكذلك لقاؤها مع الأم تيريزا. وفى ديسمبر 1995 انضمت «ديانا» إلى قائمة شرفية تضم رؤساء سابقين للولايات المتحدة الأمريكية ومحافظين سابقين لولاية نيويورك وشخصيات مهمة أخرى، حين نالت جائزة خاصة فى نيويورك بسبب دعمها الدائم للكثير من المنظمات الخيرية. وحتى بعد انفصالها عن زوجها الأمير «تشارلز» لم تتراجع أعمال «ديانا» الخيرية.

«ديانا» خلال زيارتها لأحد مستشفيات الأطفال بـ«لندن»

«ديانا» تحتضن أحد الأطفال المصابين بالسرطان


مواضيع متعلقة