الكشري.. وجبة شعبية ذكرها ابن بطوطة في أسفاره وأخذها المصريون من الهند

كتب: روان الخطيب

الكشري.. وجبة شعبية ذكرها ابن بطوطة في أسفاره وأخذها المصريون من الهند

الكشري.. وجبة شعبية ذكرها ابن بطوطة في أسفاره وأخذها المصريون من الهند

مزيج من طبقات المكرونة والرز وحبات العدس والشعرية، المُغطاة بحبات من الحمص الشامي وشرائح البصل المُقلية، تعلوها صلصة الطماطم وبعضا من الثوم والخل والدقة، مكونات تصف أحد أشهر الأكلات الشعبية المصرية، التي لا يكاد يخلو شارع من شوارع القاهرة الكبرى من مطعم يتخصص في تقديمها.

وجبة غذائية متكاملة، ذات زيوت نباتية ومنخفضة السعرات الحرارية في آنٍ واحد، تستطيع أن تشم رائحتها على بعد أمتار منها، ورغم ارتباط الكشري بمصر لاشتهارها بمحلات يأتي لها الناس من كل منطقة في العالم، ومن مختلف الطبقات الاجتماعية للاستمتاع بمذاقه الشهي، إلا أن التاريخ يؤكد أن الكشري ليس طبقا مصريا.

نشأ الكشري على المكونات المتاحة والمتوافرة في البيئة الهندية، حيث مزارع الأرز والعدس، وهما مكونان تنتجهما البلدان النهرية، مثل الهند ومصر، وظهر في مصر نتيجة اختلاط المصريين بالجنود الهنود من خلال عمليات البيع والشراء، عند اندلاع الحرب العالمية الأولى في العام 1914، حين فرضت بريطانيا الحماية على مصر، ووصلت قوات "كومنولث" من إنجلترا وأستراليا والهند.

وفي كتاب يحمل اسم "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" للرحالة ابن بطوطة، وصف فيه الهند: "يطبخون الشعير مع الأرز ويأكلونه بالسمن ويسمونه كشري وعليه يفطرون في كل يوم".

بدأ الكشري الهندي المكون من الأرز والعدس أبوجبة، الانتشار في أحياء القاهرة التي كان يسكنها الأقليات الإيطالية، كونه وجبه سهلة التحضير ومنخفضة التكاليف، وكانوا يطلقون عليه اسم "كوتشري"، والتي أحبها المصريون وأضافوا عليها المكرونة التي يحبها الإيطاليون.

أصبح الكشري علامة من علامات المطبخ المصري، بعد أن توالت إبداعات المصريين ولمساتهم وإضافاتهم الخاصة على الوجبة، فكانت الصلصة الحمراء الحارة، و"الدقة" التي تتكون من مزيج من الثوم المهروس والخل والشطة الحمراء، وحبات الحمص وشرائح من البصل المحمر لتزيين طبق الكشري.

ورغم أن عمر "الكشري" في مصر لا يتعدى 100 عام، إلا أنه في كتاب يحمل اسم "الجيبتانا: أسفار التكوين المصرية"، ويحتوي على النصوص الدينية لمصر القديمة، ذكر أصل الكلمة المصرية القديمة "كشير"، والتي تعني "طعام الآلهة"، ويستخدمها اليهود بمعنى الطعام الحلال.

وتختلف طريقة إعداد الكشري في محافظات مصر وباقي الدول، ففي الإسكندرية يتم وضع العدس الأصفر بدلا من العدس البني؛ ليختلف شكله عن الكشري العادي ويصبح لونه أصفر ولا يضاف معه الصلصة، أما في بلاد الشام فيسمى بـ"المجدّرة" ويطبخ ويقدم بالبرغل أو بالأرز، ومن المعتاد تناوله مع اللبن الرائب، أما في العراق فيطبخ بالأرز والعدس الأصفر المجروش ويقدم عادة مع كبة الحامض ويعتبر مكملا لها.

ورغم الصور المختلفة للكشري واختلاف طرق إعداده حول العالم، إلا أن الكشري المصري سيظل علامة مميزة بين مختلف الطبقات والجنسيات.


مواضيع متعلقة