قصة دخول القهوة إلى مصر.. من مشروب "محرم" إلى عادة شعبية

كتب: روان الخطيب

قصة دخول القهوة إلى مصر.. من مشروب "محرم" إلى عادة شعبية

قصة دخول القهوة إلى مصر.. من مشروب "محرم" إلى عادة شعبية

"فنجان القهوة الصباحي".. أحد الأشياء المهمة والضرورية في حياة الكثيرين، حيث تتمتع بمذاق خاص وتعمل كمنبه للجسد، وشعبيّتها كبيرة في مختلف أنحاء الأرض، وتعتبر ثاني أكثر السلع رواجا واستهلاكا بعد النفط الخام، وإذا كنت من عشاق القهوة، فعليك أن تعلم أنك تتناول واحدا من أقدم المشروبات في العالم، والذي لديه تاريخ كبير عتيق.

ويرصد "ألوان الوطن"، قصة دخول المشروب "السحري" إلى مصر، وهي كالتالي:

كان اليمن أول الدول التي زرعت حبوب القهوة، وصدّرها إلى مختلف أنحاء العالم.

ظهرت القهوة بمصر في القرن السادس عشر ميلادي، حين لاحظ طلبة الأزهر المصريون أن زملائهم المغتربين من اليمن يتناولون مشروبا في أثناء الليل للمذاكرة، وتذوقوها وأخذوها عونا لهم في السهر على المذاكرة، وبدأ الأمر ينتشر بينهم شيئا فشيئا حتى وصلت إلى البيوت والمقاهي.

دخلت القهوة مصر من بلاد اليمن عن طريق البحر إلى السويس ثم إلى القاهرة، وانقسم حينها شيوخ الأزهر بين مؤيد ومعارض، ولم يتقبلها المجتمع المصري إلا بعد جدال عنيف بين العلماء، حيث شنّ أحد فقهاء المذهب الشافعي حملة عنيفة ضدها، بعد أن طرح عليه أحد السائلين سؤالا بشأن جواز شربها، وفقا لما نشرته مجلة التحرير في العام 1953.

في أوائل القرن الثامن عشر، أفتى الشيخ علي أحمد السنباطي بتحريم شرب القهوة باعتبارها "مادة مُسكرة مُخدرة للعقل"، الأمر الذي لاقى ردود فعل سلبية كثيرة، وأدى إلى مهاجمة رئيس الشرطة لمستهلكي القهوة وحبس بعضهم، كما هاجم الأهالي بعض المقاهي وحطموها واعتدوا على روادها، وأغلقوا أماكن تقديمها وكسروا أوانيها، ومنع استعمالها أو الجهر بشربها.

حاول تجار البن ومنتجي القهوة، إثناء الشيخ عن فتواه، بينما استمر مؤيدوه في إيذاء كل من يشربها، حتى قتل أحد تجار البن على أيديهم، وهرب الشيخ إلى أحد المساجد مع مؤيديه، الأمر الذي دفع التجار لمحاصرة الشيخ وأعوانه في المسجد، وأقاموا صوانا للاعتصام شربوا فيه القهوة دون سكر على روح القتيل نكاية في الشيخ وفتواه، وعندها جاءت عادة تقديم القهوة السادة في العزاء.

واستمر الوضع متضارب في مصر، حتى أفتى القاضي الحنفي محيي الدين بن إلياس بجواز شربها، وأصبح لدى الأهالي حكمان متضاربان، أحدهما يحرم شرب القهوة والآخر يبيحها، حتى فرضت القهوة نفسها كمشروب يساعد على النشاط والسهر، بعد أن تشكلت لجنة من المتخصصين لبيان فوائدها، وأصبح البن يأتي علانية من اليمن إلى مصر، وأطلقوا على محلات بيعها بـ"خان البن".

ويرجع اكتشاف القهوة إلى أكثر من قصة أسطورية، قد لا تكون واقعية، فمنها ما حدث في القرن الـ19، وتحكي عن رجل إثيوبي يدعى خالدي خرج بقطيع من الماعز للمراعي، وعندها لاحظ نشاط القطيع وتصرفاتهم الغريبة بعد تناولهم لنبات وحبوب القهوة، وقصة أخرى تحكي اكتشاف نبات القهوة عن طريق الشيخ عمر، الذي نُفي لمنطقة غريبة بعد أن كان يعالج مرضاه من خلال الدعاء، وعندما شعر بالجوع، التقط أحد الثمار من بين الشجيرات التي بجواره، فأحس بطعمها الطيب، وشوى بذورها، لكنه صُدم عندما رآها اكتسبت الصلابة، فما كان منه إلاّ أن غلاها لعلّها تكتسب بعض الطراوة، ففوجئ بسائل ذو لون بنّي وله رائحة لذيذة، وأعجبته عندما تذوقها فشربها، ولاحظ أنها أمدته بالنشاط لأيام عديدة.


مواضيع متعلقة