«معهد بحوث العيون» يعالج المرضى بربع تكلفة المراكز الخاصة.. ومُصنف من «أفضل 32 مؤسسة»

كتب: نادية الدكرورى

«معهد بحوث العيون» يعالج المرضى بربع تكلفة المراكز الخاصة.. ومُصنف من «أفضل 32 مؤسسة»

«معهد بحوث العيون» يعالج المرضى بربع تكلفة المراكز الخاصة.. ومُصنف من «أفضل 32 مؤسسة»

«عشان بيتقال إن فيه ناس بتفهم ومش بيجربوا فينا ولا تمييز فى المعاملة»، بهذه الكلمات تحدثت الحاجة ندية أحمد، 65 عاماً، عن سبب اختيارها مستشفى معهد بحوث العيون لإجراء عملية جراحية لتفتيت المياه البيضاء فى عدسة العين، وبعد معاناة امتدت لأربعة أشهر للانتقال من الفيوم إلى القاهرة للتشخيص، وإجراء الفحوصات اللازمة لتحديد موعد إجراء العملية، استطاعت «ندية» إجراء العملية بنجاح، بحسب وصفها.

ووفقاً للتصنيف الإسبانى «سايبر ماتريكس»، التابع لإحدى المنظمات الدولية غير الهادفة للربح لتقييم المنشآت الصحية بدول العالم يظهر اسم معهد بحوث أمراض العيون باعتباره المعهد البحثى الحكومى الموجود من بين أفضل 23 مؤسسة طبية مصرية (حكومية وخاصة) تقدم خدمات متميزة للمرضى. بدأت جولة «الوطن» من الدور الأول الموجود به ثمانى عيادات خارجية لاستقبال المرضى بعد تسجيل بياناتهم أمام نوافذ زجاجية تستقبل المرضى على مدخل المعهد يجلس وراءها عدد من الموظفين يسجلون بيانات الزوار على أجهزة حاسوبية، بدأت فى العمل منذ يناير الماضى، ليسجل الزائر المحافظة التى يأتى منها، والسن، وغيرها من البيانات التى يمكن أن توفر معلومات عن المرضى المترددين على المعهد، ومدى تركز الأمراض فى محافظات بعينها، بحسب ما ذكرته الدكتورة ناهد الوزير، القائم بأعمال مدير مستشفى بحوث أمراض العيون، خلال اصطحاب «الوطن» فى جولة بأدوار المستشفى السبعة.

«نقدم خدمات طبية شاملة فى جميع تخصصات العيون بأسعار تصل إلى ربع أسعار المراكز الطبية الخاصة، باستخدام أحدث الأجهزة الطبية، ومجموعة متميزة من الأطباء المتخصصين على مدار 8 ساعات يومياً»، قالت «ناهد»، لافتة إلى أن معظم المرضى المترددين على المعهد من محافظات الصعيد، لذا يبدأ المواطنون فى الاصطفاف أمام المعهد من السادسة صباحاً، نظراً لأنهم يأتون من خلال حجز القطار فى وقت مبكر، إلا أنهم ينتظرون لساعات حتى فتح العيادات فى الثامنة والنصف صباحاً.

{long_qoute_1}

أضافت «ناهد» أنها تحاول خلال إدارتها للمعهد تطبيق الاتجاه العالمى للجودة الشاملة، الذى يعتمد على تطوير الأداء بصفة مستمرة من خلال الاستجابة لمتطلبات المرضى، مع تقليص التكاليف، وتقليل الوقت، والجهد الضائع، مع خلق بيئة تدعم وتحافظ على التطوير المستمر، وإشراك جميع العاملين فى التطوير، وزيادة الكفاءة بالتعاون بين الإدارات وتشجيع العمل الجماعى، واتخاذ القرارات الاستراتيجية استناداً على الحقائق، ومعطيات ومعلومات صحيحة، وتدريب الموظفين على أسلوب تطوير الأداء، وتحسين الثقة وأداء العمل للعاملين.

وتابعت «ناهد» أنه للبدء فى تطبيق إدارة الجودة الشاملة يفضل الاستعانة بالخبرات الخارجية من مستشارين أو مؤسسات متخصصة لدعم خبرة المعهد والمساعدة فى إرساء أسس صحيحة للتطبيق، ووضع القرارات لقياس الأداء لمقدمى الرعاية الصحية، بجانب مراجعة القواعد والمعايير الطبية والإدارية الحالية للمعهد، ونظام إدارة المعلومات، ووضع برامج التدريب المستمر بشأن سلامة المرضى لمختلف فئات مقدمى الرعاية الصحية، ووضع إجراءات وآليات لتلقى الشكاوى، والتعامل معها.

وعقب تشخيص حالة المريض يبدأ فى التوجه للدور الثانى الذى يحوى عدداً من العيادات التخصصية مثل (الباطنة - الأسنان - القلب - الأنف والأذن)، وهى عيادات تتعلق بفحوصات ما قبل إجراء العملية للتأكد من خلو أى تأثيرات على الأجهزة المختلفة قبل الإقدام على الجراحة بالعين، كما تحوى عيادات مخصصة لفحص الأطفال يمكن تمييزها بمجرد النظر لجدرانها المعلق عليها ملصقات لشخصيات كرتونية. وبداخل غرفة صغيرة تكاد تحوى جهاز فحص للعين يجلس أمامه الطبيب للنظر بتفحص داخل عدسة مثبتة بالجهاز يمكن من خلالها التعرف على حالة عين المريض، تبدأ رحلة التشخيص ما بعد المبدئى لحالة المريض، يقف بجواره ثلاثة من الطلاب بكلية العلوم الطبية قسم بصريات فى جامعة بنى سويف، فى محاولة للتعرف على كيفية تشخيص الطبيب للمرض.

قالت زهراء ممدوح، طالبة تدريب، إنها حصلت مع 16 طالباً آخرين على موافقة للتدريب داخل معهد بحوث العيون لمدة ثلاثة أسابيع، بدأت بمحاضرات نظرية، سرعان ما تحولت لمشاهدات عملية داخل العيادات التخصصية، وهى فرصة غير موجودة داخل قسم البصريات الوليد بجامعة بنى سويف.

لفتت «زهراء» إلى أن مشاهدة الطبيب لكيفية التعامل والتشخيص لحالة المريض تجعلها تترجم العديد من المواد النظرية التى تتلقاها بالجامعة، كما يسمح الطبيب بمناقشة الطلاب للاستفهام عن بعض النقاط غير المفهومة، بخاصة إذا كانت هناك حالات مشابهة، ما يوفر فرصة ذهبية للتعلم.

على مدار ستة أيام، يبدأ المعهد فى استقبال مئات المرضى من خلال ست مجموعات بحثية مقسمة على أطباء المعهد البالغ عددهم 200 طبيب، تتولى كل مجموعة مهام التشخيص المبدئى أو العلاج أو إجراء العمليات، وتحوى المجموعة العديد من التخصصات للتعامل مع مختلف أنواع مرضى العيون سواء وحدة القرنية أو الجلوكوما أو تصحيح الإبصار، وغيرها.

«النقاش هو الحوار الرئيسى داخل غرف العيادات»، قال الدكتور محمد الملط، رئيس إحدى المجموعات البحثية وأستاذ جراحة الشبكية، فى إشارة لطبيعة عمل المجموعات يومياً بين الأطباء وشباب الباحثين المساعدين لهم داخل غرف فحص المرضى، وهى نقاشات تهدف لنقل وإثراء الخبرات بين كبار وصغار الأطباء داخل المعهد.

أضاف «الملط»، فى لقائه مع «الوطن» أنه يتخذ القرار بشأن المريض بعد المناقشات مع اثنين من شباب الباحثين المساعدين له، وأن المناقشات تجعله يتخذ قراراً نهائياً فى الحالة المرضية، بعد التعرف على آراء مساعديه، الذين يستفيد من آرائهم، ومناقشاتهم دوماً. «نحترم المريض الوافد إلينا ونعامله دون تمييز مع مريض العيادات الخاصة»، أوضح «الملط» لافتاً إلى أن المعهد يتعامل مع المرضى بمساواة فى تقديم الخدمات الطبية، انطلاقاً من حق المواطن فى الحصول على خدمة صحية جيدة بغض النظر عن سعر الكشف الذى يدفعه.

ويرى الدكتور أحمد صبح، مدرس الشبكية بالمعهد وأحد شباب الباحثين المساعدين، أنه طيلة عمله داخل المعهد منذ تسع سنوات، استطاع توثيق أبحاثه بالاستفادة من وجوده داخل العيادات التخصصية بالمعهد والتعرف على الحالات المرضية، وهى ميزة تتوفر فى المستشفيات البحثية.

استطاع «صبح» خلال الأشهر الماضية نشر أحد الأبحاث العلمية عالمياً التى تتحدث عن إمكانية علاج حالات الانفصال الشبكى من خلال وسائل مصرية أقل تكلفة من المتعارف به عالمياً، لافتاً لاستفادة شباب الباحثين من خبرات الأطباء بالمعهد من خلال المحاضرات الأسبوعية التى تنظم لنقل الخبرات المختلفة، والتعرف على كل ما هو جديد فى التخصص، بجانب حضور المؤتمر السنوى الدولى، والاطلاع الدائم على المكتبة الإلكترونية المتوفرة بالمعهد.

فى الوقت الذى حصل فيه الدكتور كريم السواح، باحث قرنية بالمعهد، على فرصة للسفر إلى إنجلترا مايو الماضى، رغم مرور أربعة أعوام فقط على وجوده بالمعهد، استطاع من خلالها التعرف على النظم العالمية فى الكشف وإجراء العمليات الجراحية بأقسام القرنية، والتجميل بأحد المستشفيات البريطانية.

أوضح «كريم»، فى لقائه بـ«الوطن» أنه اطلع على عمليات زرع القرنية، وتصحيح الإبصار التى لا تختلف كثيراً عما يجريه المعهد، إلا أن هناك تنوعاً فى عمليات القرنية، والتجهيز فى بريطانيا، ما يساهم فى إجراء عمليات جديدة، واقترح «كريم» عقب عودته أن يقتنى المعهد جهاز «الفيمتو ليزر» الذى يساعد فى عمليات القرنية المخروطية، وهو جهاز موجود بالمستشفيات العالمية. لفت «كريم» لدعم المعهد لشباب الباحثين، بخاصة أنه أحد الشباب الذين اصطحبوا الدكتور شريف كراوية، رئيس المعهد، خلال حضوره احتفالية عيد العلم السابقة، التى حرص رئيس المعهد على اختيار مجموعة من شباب باحثى المعهد لحضورها، لمشاهدة تكريم كبار العلماء المصريين، ما شجعه على تحقيق إنجاز علمى بتخصصه فى ظل اهتمام الدولة بتكريم علمائها المتميزين. «مجموعة مكافحة العدوى» هى المسئولة عن نظافة الأدوار المختلفة للمستشفى، كما ذكرت «ناهد»، وهى مهمة أوكلها المعهد حديثاً لإحدى شركات القطاع الخاص لمدة عام تجدد وفقاً للتعاقد، نظراً لتوقف التعيينات بالمركز منذ عام 2012، وتتولى المجموعة مكافحة انتقال العدوى بين الأطباء وفريق التمريض بتطبيق سياسات عالمية، أبرزها استخدام سوائل التعقيم لغسل الأيدى بعد فحص كل مريض، ومسح أجهزة فحص العين دورياً بعد كل حالة، واستخدام أكياس حمراء لإلقاء مخلفات مثل «الحقن»، والسوداء لباقى المخلفات مثل المناديل.

ينعكس عادة مستوى الاهتمام بنظافة المستشفيات داخل الأجنحة التى يستريح فيها المرضى، ما بعد إجراء العمليات الجراحية، والموجودة بالدور الخامس، وهى تنقسم لأجنحة متميزة يجلس بداخلها المريض بصحبة أسرته، لا يختلف سعرها كثيراً عن الغرف الأخرى التى تضم أكثر من مريض.

«أنا تأمين صحى أدفع 650 جنيه وآكل منين آخر الشهر؟!»، قالها أحد المرضى الذى يرقد فى «أفرول» بنفسجى بعد خروجه منذ دقائق من غرفة العمليات موجهاً حديثه لمديرة المستشفى، متسائلاً عن سبب إنفاقه الكثير من المصاريف لإجراء فحوصات ما قبل العملية، رغم أنه يأتى ضمن نظام التأمين الصحى المجانى، إلا أن رد مديرة المستشفى جاء: «لازم تعمل الفحوصات دى عشان نتأكد من نجاح العملية.. وكنت لازم تيجى لى عشان أخفف لك المصاريف شوية». وفى الدور السادس تعمل رانيا محمد، إحدى العاملات المسئولات عن تجهيز أحدث أجهزة المعهد للتصوير المقطعى للشبكية، وجهاز الليزر لعلاج ارتشاح مركز الإبصار والاعتلال الشبكى السكرى، والمساعد فى تصوير بؤرة أوسع من عين المريض، وتسريع وتيرة العلاج بخاصة لحالات الاعتلال الشبكى لمرضى السكر.

وخلال الفترة المقبلة يجهز المعهد، كما ذكرت «ناهد»، لتدشين معمل الخلايا الجذعية بالدور الأخير بالمعهد لإلحاقه بالمعمل المركزى، ويعد أول معمل لزرع الخلايا الجذعية للعين فى مصر، لعلاج أمراض السطح الخارجى للعين، والقرنية التى تعد أكثر أسباب ضعف الإبصار والأكثر انتشاراً بين المرضى المصريين.


مواضيع متعلقة