رحلة التاكسى الأسود فى شوارع القاهرة: ضجيج بلا ركاب

كتب: محمد غالب

رحلة التاكسى الأسود فى شوارع القاهرة: ضجيج بلا ركاب

رحلة التاكسى الأسود فى شوارع القاهرة: ضجيج بلا ركاب

يبدون كأنهم جزء من التاكسى الأسود الذى يقودونه، كبار سن تعلو وجوههم تجاعيد كالخدوش التى تغطى أسطح سياراتهم، كل شارع أو ميدان ساروا فيه شاهد على تهالك صحتهم مثلما تهالكت السيارات التى تسير وسط سيارات التاكسى الأبيض والتابعة لأوبر وكريم، كعجوز أنهكه الزمن ولم يعد قادراً على الاستمرار.

كل صباح يتجدد أملهم فى صلاح الحال، يحاربون من أجل البقاء على الطريق، يخوضون أربع معارك واضحة، الأولى: معركة الزمن وغلاء كل شىء، والثانية: إدراكهم الشديد أن زبون التاكسى الأسود لم يعد موجوداً، والثالثة: أن المبالغ المدفوعة لإصلاح أعطال سياراتهم قد تفوق مكسبهم، والرابعة: عدم قدرتهم على منافسة التاكسى الأبيض و«أوبر وكريم».

بكلتا يديه تشبث فتحى عوض الله فى مقود السيارة، ينظر بعينيه يميناً ويساراً باحثاً عن زبون، وعلى الرغم من تجاوزه الـ70 عاماً بعامين فإنه ما زال يكافح من أجل لقمة العيش: «الناس مابترضاش توقفنى، يقولك التاكسى الأسود غالى، عشان مافيهوش عداد، طب أعمل إيه وأنا عمال ألف فاضى، ومطلوب منى أكل وشرب ومصاريف والبنزين غالى». فى المناطق الشعبية فقط أحياناً يجد زبائنه: «مفيش ركاب إلا لو حد مستعجل أوى، أو معاه شيلة، هنعمل إيه، الناس مزاجها كريم وأوبر، إحنا مش عارفين نلاقيها منين ولا منين».

{long_qoute_1}

أحمد موسى، يعمل فى الظروف نفسها، سائق تاكسى أسود لا يملكه: «باشتغل مع صاحبه وبامونه على حسابى، ولو فردة كاوتش ضربت أعملها، مرة شداد اتكسر وعملته على حسابى بـ50 جنيه»، كان «موسى» يملك سيارتى تاكسى، باع الأولى بسبب عدم قدرته على صيانتها بسبب كثرة أعطالها، والأخرى بسبب حادث أدى إلى تهالك السيارة. فى طريقه يرى زبوناً يشير بيديه للتاكسى الأبيض، لكنه لا يتفق مع السائق فيتركه الأخير ويرحل، يفرح «موسى» ويقترب من الراكب لكنه يرفض الركوب: «بيختاروا الأبيض مع أنهم بيغلبوهم، إحنا اللى مطحونين».

أماكن عدة يحرص على عدم الذهاب لها، بسبب استحالة وجود زبائن بها، مثل مدينة نصر، والتجمع الخامس، ومصر الجديدة، أغلب ركابه فى المناطق الشعبية مثل وسط البلد، العباسية، عين شمس والسيدة زينب: «فيه أماكن كتير باروحها وببقى متأكد إنى هرجع فاضى، بس هعمل إيه لازم أحرك نفسى».

«عم ربيع» الذى عاش طوال حياته سائق تاكسى أسود، باعه بعد أن اقترب عمره من الـ70، قلة العمل كانت سبباً فى ذلك، بالإضافة إلى مرضه بالسكر والضغط من كثرة المشاوير: «لو واقف وسط ناس وحد يسلم عليهم ومايسلمش عليك، بتبقى متضايق، ده بقى اللى كنت باحسه، لكن الحمد لله على كل شىء».


مواضيع متعلقة