بنات «الملك»: قال قبل وفاته «أنا هدخل الجنة من باب الحامدين»

كتب: ضحى محمد

بنات «الملك»: قال قبل وفاته «أنا هدخل الجنة من باب الحامدين»

بنات «الملك»: قال قبل وفاته «أنا هدخل الجنة من باب الحامدين»

صنع تاريخه بذاته، حفر اسمه على الصخر، لقبه جمهور مصر والوطن العربى بـ«الملك»، فرض روحه حياً وميتاً بسيرته الطيبة وطيبته وجدعنته وشهامته، فهو ما زال موجوداً فى كل شىء من حولى، هكذا استهلت رانيا فريد شوقى حديثها عن والدها لـ«الوطن».

{long_qoute_1}

وتروى «رانيا» بعضاً من جوانب شخصية والدها الذى لُقب بـ«وحش الشاشة»: «كان إنساناً ويحب كل الناس سواء زملاءه أو أقاربه، ودائماً يرى أن دور الفنان أن يساعد الوجوه الجديدة سواء من الممثلين أو المنتجين أو المخرجين، والدليل على ذلك أنه وقف بجانب العديد من الأشخاص، حتى أصبحوا شيئاً كبيراً»، وأضافت: «عندما قررت أن أدخل عالم التمثيل رفض بشدة، وقال لى هذه مهنة شاقة، وأنا لا أريد أن تضيعى عمرك دون زواج، ودون أن يكون لك بيت وأطفال، ولأننى كنت أعرف مدى حبه وتعلقه بى استغللت ذلك، وقلت له إننى سوف أدرس فى أمريكا، وأستكمل تعليمى فى الخارج، وبالفعل ذهبت لمدة 15 يوماً، ولكنه أخبرنى بتلقيه سيناريو لفيلم جديد، فعدت إلى مصر، وقال لى حينها (وقفت بجانبك فى فيلم واحد.. ولكننى غير مسئول أن أقف بجوارك بعد ذلك، فيجب أن تكونى أو لا تكونى، ولو لم تكونى موهوبة لن أقف بجانبك)، ولكنه كان مثل أى أب يخاف على أولاده من مشقة المهنة».

وتحدثت رانيا عن موهبته الرياضية: «كان يلعب الكرة فى بداية حياته مع فريق الشمس بالنادى الأهلى، بالإضافة إلى رياضة (البوكسينج)، فكان يقضى يومه بشكل روتينى ويواظب على احتساء القهوة، ثم يذهب إلى النادى ويسير فى التراك، وبعدها يرجع إلى المنزل ثم يذهب للاستحمام، ويجلس فى مكتبه ويجرى اتصالاته التليفونية المختلفة، ويقرأ كتباً فى جميع المجالات، ويؤلف أحياناً مشاهد مختلفة، وكان من أقرب أصدقائه الصحفى أمين ياموت، فكان بالنسبة لفريد شوقى أخاه، إلى جانب الأستاذ سمير خفاجة».

وبحسب «رانيا»: «لم يعش طوال حياته فى سعادة، فأصيب بحالة أشبه بالاكتئاب أثناء تصوير فيلم (السقا مات)، لأن أحداث الفيلم كانت تدور عن الموت، وهو كان يخاف من تلك الفكرة، وتكررت تلك الحالة أثناء تصويره فيلم (كل شىء قبل أن ينتهى العمر)، الذى تدور أحداثه حول رجل على المعاش، ويكتب النعى الخاص به، ويتفاجأ أن زوجته توفيت»، وأكملت حديثها: «كان بيدلعنى يقولى يارونى.. وكان بيتصور مع معجبينه باستمرار، عمره ما عاش عليهم إنه (ملك)، تعودنا فى ذكرى رحيله أن نزوره ونقرأ له القرآن، وعلى الرغم من مرور 19 عاماً على رحيله، إلا أنه موجود بيننا بحكاياته وخفة دمه وذكرياته الكثيرة».

{long_qoute_2}

ومن جانبها، قالت عبير فريد شوقى: «فى أواخر حياته كنت أقيم معه فى منزله، حيث كنت مسئولة عن طعامه وشرابه، وكنت أقوم بحلق شعره، وأحياناً أفسده وأقول له (حلو بس أنت مش واخد بالك)، وعشت معه أدق تفاصيل حياته، كما عملت معه فى فيلم (الغاضبون)، و(العرضحالجى)، وكان يندمج فى كواليس العمل، لدرجة أنه كان ينام فى لوكيشن التصوير، وكنت الوحيدة التى تيقظه من النوم، وتقرأ معه السيناريو الخاص بالعمل، وكانت والدتى ترسل لنا الطعام، لأن والدى كان يكره الوجبات الخاصة بالاستديو، وكان بسيطاً فى تعاملاته مع جميع فريق العمل، ويقف بجوارهم ويساعدهم، ومن أكثر المواقف الطريفة التى حدثت لنا فى أثناء تصوير، وكان يوافق يوم حدوث زلزال 1992، وحينها كنت جالسة بداخل عربة الفيديو، وكان يجلس هو بعربة الحصان، والغريب وقتها أن الحصان لم يتحرك، رغم أن الحيوانات شعرت بالزلزال أكثر من الأشخاص، وفجأة بدأت تتحرك جدران الديكور، وهرع فريق العمل، بينما ظل هو ساكناً فى مكانه ولم يتحرك، وتخيل أن عربة الحصان تتحرك مع هزة الأرض، وهرعت إليه قلت له (فيه زلزال)، فضحك وقال لى (مخدتش بالى)، فكان الوحيد الذى ظل فى مكانه، ولم يدرك ما حدث»، بحسب عبير فريد شوقى.

وعلى الرغم من أنه وحش الشاشة، إلا أن هناك أشياء كانت ترهبه، وتقول «عبير»: «كان يخاف الفئران والظلام والصراصير، وذات مرة قرر أن يقتل فأراً دخل المنزل، وكان يوماً كوميدياً بالنسبة لنا، فهو دائماً كان شجاعاً لا يخاف، وسبق أن أمسك بلص سرق أموالاً كانت بحوزة صديقه فى أمريكا، وقام بضربه، ولكنه لم ينم مرة واحدة فى الظلام، ودائماً يترك الراديو بجواره، وكان لا يستطيع أن يقوم بأى أعمال فى المنزل، ودائماً كان يعتمد كلياً علىَّ ووالدتى»، وأفصحت «عبير» عن آخر كلمات نطق بها والدها: «كنت معه عندما توفى فى المستشفى، وذهبت له ورويت ما حدث معى، فرد علىَّ قائلاً (مش مهم)، كان قد خرج من العناية المركزة، ثم دخل إلى غرفة عادية، فسألنى (نقلتى حاجتى وحطيتى سرير ماما فى الأوضة؟)، فقلت له نعم، فرد (أنا مبعرفش أنام من غير نفسها فى الأوضة)، ووضعت المصحف والسبحة، ثم تحدثوا معى لأن درجة حرارة ابنتى وصلت إلى 40، وقبل أن أترك والدى، قال لى (أنا قرأت حبة قرآن صغيرين بس حلوين، وحاسس إنى هدخل الجنة من باب الحامدين، لأنى وأنا عيان بقول الحمد لله) فابتسمت له، وقال (انتى نور عينى يا عبير)، ثم خرجت، وجاءت والدتى ومنعها الأطباء من الدخول له، واكتشفت وقتها أنه كان يودعنى بكلماته الأخيرة، ولكننى لم أفهم ذلك».

ولم يتوقف عطاء الراحل فريد شوقى لأبنائه والمحيطين به خلال مشوار حياته الزاخر بالنجاحات الفنية، وتروى «عبير»: «تعلمت منه كل شىء.. الأدب والأخلاق والذوق، فهو قامة فى مصر والعالم العربى، فنان كبير ومحترم ومتواضع كل ما يشغله كيفية مساعدة الآخرين، وتعلمت منه احترام المواعيد، وذات يوم كنا نحضر لسيناريو خاص بنا من إخراجنا، ولكن لم يحدث نصيب وتوفى، فهو نعم الأب والصديق، وقف بجوارى وساعدنى وشاهدنا معاً الكثير من العروض سواء فى المسرح أو التليفزيون أو الدراما، فهو بداخلى، لن أنساه مهما دار الزمان وتعاقبت السنين».


مواضيع متعلقة