مصر تنجو من فخ الدول الفاشلة بـ«تمكين الشباب والمرأة والفصل بين السلطات»

كتب: محمد مجدى

مصر تنجو من فخ الدول الفاشلة بـ«تمكين الشباب والمرأة والفصل بين السلطات»

مصر تنجو من فخ الدول الفاشلة بـ«تمكين الشباب والمرأة والفصل بين السلطات»

رصد اللواء أركان حرب سيد غنيم، استشارى الأمن الدولى والأستاذ الزائر بأكاديمية دفاع حلف الناتو بروما، عدة توصيات مهمة لوضع مصر بعيداً عن مصطلح «الدول الفاشلة» دولياً، كان أبرزها تمكين الشباب من الجنسين، بتعزيز الثقة بين صناع اﻟﻘﺮار وبينهم ﻣﻦ ﺧﻼل حوار اﻷﺟﻴﺎل وإدماجهم فى عمليات ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار، وتمكين المرأة، وذلك بإدراجها كعنصر رئيسى فاعل فى البرلمان والوظائف الحكومية العليا والنقابات العمالية وغيرها، وتفعيل آلية الحكم المبنية على الفصل بين السلطات دون هيمنة إحداها على أخرى، وضمان استقلال وحرية البرلمان، ووضع آلية رقابية تفرض الشفافية والمحاسبة السياسية على النخب الحاكمة للحد من استشراء الفساد والمحسوبية.

{long_qoute_1}

وطالب «غنيم»، فى دراسة حديثة له بعنوان: «مصر.. والدولة الفاشلة»، بإعادة هيكلة أجهزة الشرطة وتطوير مهامها وأساليبها ووسائلها وتدريب عناصرها باعتبارها أداة السلطة التنفيذية لنفاذ القانون على كافة المؤسسات ومختلف فئات الشعب دون استثناءات، وترسيخ ثقافة خدمة المواطن فى الأساس، وتشجيع المواطنين على ممارسة حقوقهم السياسية طبقاً للدستور ومن خلال المسارات والمنصات والكيانات الديمقراطية الشرعية، مع تشديد الرقابة والمتابعة على السجون، وعدم السماح بالاعتقالات السياسية والعنف.

وطالب بوضع استراتيجية تعليمية، ووظيفية، ومالية متكاملة تحقق العدالة فى التوظيف والمرتبات وبما يتناسب مع التأهيل العلمى والخبرات بلا استثناءات أو امتيازات لفئات معينة، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية بالتنسيق مع اللجان المتخصصة فى البرلمان بشأن وضع آلية اقتصادية فعالة للقضاء على الفساد خاصة الرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ، وذلك من خلال إعادة توزيع المرتبات، تفضيل الكفاءات بشفافية مطلقة، بالإضافة لخلق فرص اقتصادية للشباب والتوسع فى الأراضى غير المأهولة بالسكان، ودعمهم الدائم من الحكومات.

وأشار إلى أهمية نفاذ العدالة الناجزة بوضع أولوية للبت فى قضايا رموز الفساد الإدارى والسياسى، واﺳﺘﻌﺮاض اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎت واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت العامة والاﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت والممارسات الرامية لمنع اﻟﺘﻄﺮف وﻣﻜﺎﻓﺤﺘﻪ ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ استنادها إلى أﺳﺎس متين فى اﺣﺘﺮام ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻤﺘﻊ بالحقوق الاﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ والاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، ووﺿﻊ ﺑﺮاﻣﺞ ﻟﻔﻚ الارﺗﺒﺎط وإﻋﺎدة اﻟﺘﺄﻫﻴﻞ واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ الاجتماعى ﻟﻔﺎﺋﺪة اﻷﺷﺨﺎص المنخرطين فى الجرائم الجسيمة والتطرف.

ورصد «غنيم»، أن هناك 26 سبباً تؤدى لأن تصل درجة هشاشة الدولة إلى مرحلة الفشل، منوهاً بأن هناك 4 دول موصوفة بـ«الفاشلة» على المستوى الدولى فى منطقة الشرق الأوسط، وهى «العراق، ليبيا، سوريا، اليمن»، فضلاً عن دولتى «الصومال، جنوب السودان» فى جنوب شرق أفريقيا، لتصبح 6 دول فى دوائر الأمن القومى المصرى، وإن الدول الفاشلة تتمتع بـ4 ملامح رئيسية، وهى «ضعف قدرة الدولة الشرعية فى اتخاذ قرارات عامة، فقدان مؤسساتها لشرعية احتكارها استخدام القوة، وبالتالى تكون غير قادرة على حماية مواطنيها، وأراضيها، وعدم قدرة الدولة على تلبية احتياجات مواطنيها، وتوفير الخدمات العامة الأساسية للشعب، وتلاشى مصداقية الكيان الممثل للدولة خارج حدودها»، مشدداً على أن كل عنصر من تلك العناصر له معايير علمية منضبطة محددة دولياً، ليتم القياس عليها.

وأضاف استشارى الأمن الدولى إلى أن الملامح والمعايير العلمية لكى تصبح الدولة «فاشلة»، لا تنطبق على الواقع المصرى حالياً، حيث إن الدولة قادرة على احتكار استخدام القوة، بواسطة القوات المسلحة، وقادرة على السيادة التنفيذية، وسيادة القانون على كافة أراضيها، كما أنها قادرة على تقديم كافة الخدمات الأساسية، وإن كانت أقل جودة من بلدان أخرى، كما أنها قادرة على التمثيل الدبلوماسى ذى المصداقية، والمعترف به دولياً، منوهاً بأنه على الرغم من مواجهة مصر لتحديات وصعوبات ووجود فساد وفشل إدارى لدى البعض، إلا أنها قادرة على تقديم خدمات كثيرة، فى مجالات الطرق والكهرباء والمياه والتوسعات العمرانية والإسكان والصحة والتعليم وغيرها، مضيفاً: «وذلك رغم هشاشة الجانب الاقتصادى والأمنى الداخلى والتفكك الاجتماعى المتصاعد».

وقال إن مصر لم تصبح بعد دولة مستقرة، ولكنها لم تصل لمرحلة الدولة الفاشلة بالتأكيد، مستطرداً: «ويمكن أن تصبح دولة عالية الاستقرار وتنافس غيرها من بعض دول أوروبا وآسيا وبعض دول الخليج، وذلك بسرعة إجراء الإصلاحات التى تقضى على الفساد والفشل الإدارى بأنواعه، وعلى عدم المهنية فى بعض المجالات داخلياً من أجل إنشاء مواطن إيجابى هادف منتج مبتكر»، مقسماً أسباب هشاشة الدول، والتى قد تصل بها إلى مرحلة الفشل، لثلاثة عناصر رئيسية، وهى اجتماعية، واقتصادية، وأمنية، بالإضافة لأسباب خارجية، مشدداً على أن الإرهاب، والتطرف والمسلحين، والعمليات النوعية الإرهابية المنفردة تسعى لـ«إفشال الدول»، مضيفاً: «ويتم ذلك بفرض سيطرة التنظيمات الإرهابية الكاملة على أجزاء من أراضى الدولة ورفع أعلامها على مبانيها واعتبارها ضمن الدولة الإسلامية المزعومة والمعلن عنها لإثبات عدم قدرة الدولة على فرض السيادة على كافة أراضيها».

وأشار إلى أن الإرهاب يستخدم أيضاً لفرض الإرادة السياسية والعسكرية على الدول، وذلك من خلال إثارة الفتنة الطائفية وخفض الروح المعنوية بين صفوف الجيش فى الأمام، وبين صفوف الشعب فى الخلف وإفقادهم الثقة فى أداء القيادات والمنظومة السياسية والعسكرية بشكل عام، وبمحاولة نشر عاطفة الكراهية المفرطة كمحرك رئيسى لزيادة الانقسام بين شرائح المجتمع وهو ما تحقق فيه بعض النجاحات أمام قصور الجانب الآخر، لافتاً إلى وجود محاولات تغيير هوية الدولة من القومية إلى العقائدية المتطرفة، وذلك من خلال نشر الأفكار المتطرفة بين فئات وجموع الشعب وكسب تعاطفه والاسترشاد بالآيات والأحاديث فى غير موضعها، إضافة إلى تعاظم قوى الهدم ونشر الفوضى والتشكيك فى بنيان الدولة المؤسسى والذى يتم من خلال محاولات مستمرة ومتنوعة لتشويه نوايا وقدرات وأداء مؤسسات الدولة.

وقال إن الدولة، حكومة وشعباً، لم تعد بعد قادرة على تطبيق المعايير، والنظم، والقوانين الدولية الاجتماعية، والمؤسسية، والعلمية، والأخلاقية، أو على بلورتها بما يتناسب مع ظروفها وثقافتها ومجتمعها.


مواضيع متعلقة