«الرغيف».. والفئات «التى كانت» قادرة..!
- أجهزة الدولة
- أستاذ جامعى
- أسعار السلع
- أسعار القمح
- أصحاب السيارات
- أولى بالرعاية
- إضافة المواليد
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع الأسعار
- استخراج بطاقات
- أجهزة الدولة
- أستاذ جامعى
- أسعار السلع
- أسعار القمح
- أصحاب السيارات
- أولى بالرعاية
- إضافة المواليد
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع الأسعار
- استخراج بطاقات
حالة من القلق البالغ تسود ملايين من المواطنين خوفاً من أن تستغل «مافيا التجار الجشعين» قرار الحكومة الأخير بتسليم «أفران الخبز» الدقيق بالسعر الحر بدون الدعم اعتباراً من أول الشهر المقبل.
صحيح أن «رغيف التموين» لم يرتفع سعره إذ لا يزال نحو 73 مليون مواطن -هم كل من تضمهم بطاقات التموين الذكية حتى الآن- يتسلمونه بسعر 5 قروش.. وصحيح أنه بعد استخراج بطاقات جديدة للفئات الأولى بالرعاية وحالات الفصل الاجتماعية وغيرها سيزيد عدد المستفيدين بنحو 6 ملايين بعد إضافة المواليد الجديدة التى تسعى وزارة التموين لإضافتهم على أعداد المستفيدين فى الميزانية، ليصبح عدد المستفيدين من صرف السلع التموينية ما يقرب من 79 مليون مواطن يتسلمون السلع التموينية المدعمة وفى مقدمتها «رغيف الخبز»، غير أنه يتبقى هناك نحو 21 مليوناً آخرين دون هذا الحق، وهم من اصطلح المجتمع على تسميتهم «الفئات القادرة».
وعلى الرغم من أن قناعة المجتمع قد ثبتت على احتساب هذه الفئات على أنها «قادرة»، إلا أن طبيعة ما جرى فى الأسواق من ارتفاعات متتالية لجميع السلع والخدمات قد أثر على هذا المفهوم، مما أدى إلى تغييره ليصبح التعبير الأصح «الفئات التى كانت قادرة»، إذ أصبح معظم هذه الفئات تعانى من ارتفاع الأسعار ولكن -وحتى نكون منصفين- بدرجات أقل من غيرها.. والصحيح أيضاً أننا لا نستهدف أن تعود حالة «الدعم» إلى ما كانت عليه من فوضى، ونطالب بأن تسود «نعمته» على جميع المواطنين، بل إننا فقط نطالب بأن تفيق أجهزة الدولة الرقابية من رقدتها وتعود إلى ممارسة دورها الأساسى فى الرقابة المتشددة على الأسواق، فجميع المواطنين سواء من «محدودى الدخل أو معدوميه أو الفئات التى كانت قادرة»، قد تحملوا الكثير من ارتفاعات الأسعار سواء المحروقات أو السلع بكافة أنواعها.
وهو أمر تستلزمه تلك الجراحات العاجلة لتصحيح مسار الاقتصاد، وبالتالى فأن ترتفع أسعار السلع -أى سلع- أمر قد يكون مقبولاً من البعض ومرفوضاً من آخرين وفق مستوى معيشة ودخل أى طرف منهما، بصرف النظر عما اعتاد المواطن سماعه من مفردات ومصطلحات على غرار السلع الاستفزازية.. وتحريك الأسعار دون المساس بمحدودى الدخل، وهو ما اعتمده مسئولون منطقاً لتبرير هذا الارتفاع كما اعتدنا خلال السنوات الماضية.. أما أن يرتفع سعر رغيف الخبز فإنه بالتأكيد أمر مرفوض من الجميع مهما تكن مبرراته ومنطق حجية هذا الارتفاع!
المشكلة الجديدة التى سيُصدم بها أفراد هذه الفئة «التى كانت قادرة» هو ارتفاع سعر «رغيف الخبز الحر» عما هو عليه الآن، إذ إن أفراد هذه الفئة أُجبرت على شرائه بنحو 50 قرشاً للرغيف -أو أكثر وفقاً للمنطقة التى يعيشون فيها- ربما بذات الحجم الذى يحصل عليه أصحاب بطاقات التموين أو أقل قليلاً، فوفقاً للموروث الغذائى -إن صح التعبير- فللرغيف «موقع» مهم على مائدة المواطن مهما كان مستواه الاقتصادى ومركزه الاجتماعى، سواء كان ذلك الذى ينحى جانباً «الشوكة والسكين» المدموغة بشعار ماركة عالمية بعد أن يفرغ من طعامه، أو ذلك الذى يمسح بـ«قطعة عيش» بقايا فول علقت بجدران صدئة لطبق صاج فور أن ينهى أطفاله سباقهم المحموم للفوز بغموس!!.. إضافة إلى أن الرغيف يمتلك قدسية مهمة لدى معظم المواطنين فهو أيضاً وسيلة للقسم «علىَّ النعمة» بعد أن يشطره إلى نصفين أمام عينيه، إضافة إلى أنه يعد «نوعاً من الحلوى» بعد أن يتم غمسه فى «كوب من الشاى»!.
ومع تسليمنا بحقيقة ارتفاع أسعار القمح عالمياً، وباعتباره سلعة استراتيجية فإنه يجب على الحكومة إعادة النظر فى أمور عدة أولها تشجيع المزارع على زراعته من خلال إقرار سعر مُجزٍ لتوريده بعد أن هجر الكثيرون زراعته لضآلة عائده، إذ كيف تشترى الدولة القمح من الخارج بأسعاره العالمية بالدولار بينما تلقى للفلاح بحفنة جنيهات فقط؟!.
الحقيقة التى يجب أن تواجهها الحكومة حالياً لإمكان تحقيقها نوعاً من العدالة الحقيقية تستلزم منها التدقيق الشديد فى عمليات تحديث البطاقات التموينية دون الاستسلام لواقعها الحالى، إذ إن عدداً كبيراً من بين الـ71 مليون مواطن من المقيدين بالبطاقات التموينية، لا يستحقون هذا الدعم، إذا ارتبطت معايير تحديث البطاقات بحجم الدخل الأسرى واستهلاك الأسرة الشهرى من الكهرباء وفواتير أخرى كفاتورة الهاتف المحمول والعقارات والأراضى الزراعية وفق السجلات التجارية التى يمتلكها صاحب البطاقة، بالإضافة إلى غيرها من إنفاق الأسرة على التعليم من حيث الالتحاق بمدارس أو جامعات دولية، إضافة إلى أن هناك أكثر من 750 ألف أستاذ جامعى دخولهم مرتفعة يمكن حذفهم إلى جانب العاملين بالبترول والقنصليات والهيئات والشركات الأجنبية داخل مصر وأصحاب سيارات النقل الثقيل والمتوسط وأصحاب السيارات الفارهة، وأصحاب الأبراج السكنية التى وصل عددها حتى الآن إلى 75 ألف برج، والشباب الذين يؤدون الخدمة العسكرية وترعاهم الدولة وتوفر لهم كل شىء، ونحو مليون ونصف مليون داخل السجون المصرية وتتولى الدولة رعايتهم، بخلاف كبار السن أو أصحاب الحالات الخاصة المقيمين فى المستشفيات الحكومية ودور الرعاية، والممثلين وأصحاب المهن الأخرى التى لا يحتاج أصحابها إلى دعم، والذين يحصلون على راتب بحد أقصى من 10 آلاف جنيه شهرياً، ووقتها ستصبح بطاقة التموين «ذكية» بالفعل دون أن تكون مجرد اسم فقط.
بقيت نقطة مهمة وهى لا بد من تشديد الرقابة على الأفران حتى تعود لإنتاج رغيف خبز مطابق للمواصفات من ناحية الوزن والقطر والسعر بدلاً من ذلك الذى تنتجه حالياً وتتعمد خداع المواطن بتسميته «عيش حر» وتبيعه بسعر مبالغ فيه وهو بحجم «قرص الأسبرين» حتى لا يضطر المواطن إلى شراء خبزه من الصيدلية!.