على الحكومة ألا تستمع إلى النداء باستخدام القوة ضد المواطنين

العدالة الاجتماعية، والحق فى العيش بكرامة، وتلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان، من المبادئ الأساسية التى اعتمدتها منظومة حقوق الإنسان التى تشمل حقوق السكن والتعليم والصحة والعمل والحق فى إنشاء أسرة وتمتّعها بالحقوق الاجتماعية، وتولى الوظائف العامة والمشاركة فى عوائد التنمية الاقتصادية، هذه الحقوق شملها اتفاق دولى وقعته أغلب الدول وأصبح ملزماً بموجب العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذى تم التوقيع عليه فى عام 1966، ودخل حيز النفاذ فى عام 1976.

هذا الالتزام ليس فقط على الدولة وإنما هو التزام على كاهل المجتمع الدولى الذى يجب أن يقوم على أساس من التعاون بين الأمم والشعوب، لضمان تمتع البشر بهذه الحقوق ودون تمييز، لذلك هناك مسئولية على كل دولة بضمان توفير هذه الحقوق التى أكد العهد الدولى أن الإقرار بها لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل وفقاً للمبادئ المعلنة فى ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلام فى العالم، صحيح يتم هذا الضمان وفقاً لمواردها المالية من جانب، إلا أنه فى الوقت ذاته هناك التزام على المجتمع الدولى بتقديم المساعدات والمنح للشعوب الفقيرة، التى لا تتمتع بموارد تمكنها من ضمان هذه الحقوق للمواطنين. بصرف النظر عن النظام الاقتصادى الذى تتبعه الدولة عليها الالتزام بضمان الحقوق الأساسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

هذه المقدمة لازمة لتناول قضية الإخلاء القسرى للسكان فى بعض المناطق، ومنها جزيرة الوراق، صحيح أن الدولة لها الحق فى استغلال الموارد الطبيعية بالطريق الأمثل، ليعود بالنفع على كل المواطنين، بما فى ذلك الأراضى المملوكة للدولة، وهو حق ينص عليه الدستور والمواثيق الدولية، إلا أن هذا يجب أن يتبع قواعد محدّدة تحمى الفئات الفقيرة والمهمّشة، لذلك ينص على ضرورة تمتّع السكان الأصليين فى مناطق الاستثمار بالحصول على حقوقهم ومشاركتهم فى خطط التنمية وأن تشارك الشركات الحائزة على الامتياز فى تطوير المناطق والبيئة التى تعمل فيها.

فإذا كان سكان الجزيرة الذين عاشوا عليها منذ عشرات السنين واستقروا، وأصبحت هى معيشتهم ومأواهم، فإنه يجب أن يتم الحوار معهم، وبحث البدائل التى تضمن لهم حق السكن وحقوق العمل والتعليم والصحة قبل أن يتم تنفيذ قرارات الهدم والإزالة، وهذا الأمر لا يُضعف من قوة وهيبة الدولة ولا من سيادة القانون وإنما يؤكد تلك المبادئ إذا تم بالفعل الاهتمام بالسكان المحليين والتعرّف على احتياجاتهم وضمان تمتّعهم بتلك الحقوق.

وهو أمر لا يتعلق بسكان هذه المنطقة وحسب، لا سيما أن الدولة تُخطط لتطوير الكثير من المناطق العشوائية والخطرة، التى تشكل خطراً على السكان أنفسهم، وعلى المجتمع ككل فى حالة أن تشمل تلك المناطق بعض الظواهر الخطرة كالإجرام أو الاستغلال من بعض المستغلين للبناء العشوائى على أراضى الدولة فى تلك المناطق التى تخرج عن نطاق الدولة فى إنفاذ القانون، أو التخطيط العمرانى، لا سيما أنها لا تتلقى، وهى بهذه الصورة، أى شكل من أشكال الخدمات بشكل منظم ويعبر عن الاحتياجات الحقيقية للسكان.

الحوار المجتمعى سمة من سمات المجتمعات الحديثة والدول التى تحترم حقوق الإنسان، فيجب ألا تفاجئ الناس بقرارات تمس حياتهم ووجودهم وحقوقهم الأساسية، ودور الحكومة هو القدرة على إقناع الناس بسياستها وبرامجها وتستحق أن تبذل الحكومة جهداً وأن تبذل من الوقت ما يجعل تنفيذ هذه المشروعات والقرارات الحكومية بسلاسة ودون أن تصطدم بالمواطنين، فمن غير المقبول الاتهامات التى تُوجّه إلى المواطنين المحتجين بالخروج على القانون أو الانتماء إلى جماعات سياسية أو إرهابية، وذلك بسبب احتجاجهم على هذه القرارات، حتى تصل لأن يطلق البعض النداءات بالضرب بيد من حديد واستخدام القوة والعنف.. على الحكومة أن لا تستمع إلى هؤلاء.