أزمة قطر على شعلة الموقد الخلفية
- أمير قطر
- أنشطة إرهابية
- أنور قرقاش
- اتهامات ا
- التطرف والإرهاب
- الخارجية الفرنسى
- الخليج العربي
- الرئيس الأمريكى
- السياسة الكويتية
- آل ثانى
- أمير قطر
- أنشطة إرهابية
- أنور قرقاش
- اتهامات ا
- التطرف والإرهاب
- الخارجية الفرنسى
- الخليج العربي
- الرئيس الأمريكى
- السياسة الكويتية
- آل ثانى
لقد دخلت فرنسا بدورها على خط الوساطة فى الأزمة المندلعة بين قطر من جانب والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جانب آخر، لتضيف إلى قائمة الوسطاء وسيطاً جديداً.
زار وزير الخارجية الفرنسى «لودريان» الدوحة مطلع الأسبوع الحالى، والتقى نظيره القطرى، وعبر عن رغبة بلاده فى القيام بدور فى تطويق الأزمة وحلحلتها، ولم ينسَ بالطبع الدعوة إلى رفع «العقوبات المفروضة على المواطنين القطريين» من دول المقاطعة الأربع.
لم تكن فرنسا وحدها التى أعلنت رغبتها فى الدخول على خط الأزمة، فقبل ذلك تصدت الكويت لهذا الدور، وقام أميرها بجولات مكوكية، وأجرى محادثات ماراثونية، يبدو أنها لم تسفر عن حل للأزمة التى هيمنت على الحالة السياسية العربية والدولية، وهددت بتفسخ مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
قامت الولايات المتحدة أيضاً بجهود للوساطة، بحسب ما قال مسئولون أمريكيون وقطريون، لكن زيارة وزير الخارجية تيلرسون الأخيرة للمنطقة لم تسفر عن شىء محدد، باستثناء أن هذا الوزير أظهر انحيازاً واضحاً للجانب القطرى، حينما وصف تصرفات الدوحة حيال الأزمة بأنها «عاقلة ومسئولة»، قبل أن يدعو الدول الأربع إلى «تخفيف العقوبات»، وهو موقف أثار امتعاضاً لدى الجانب الآخر، عبر عنه مسئولون إماراتيون بوضوح.
ألمانيا بدورها كانت حاضرة، حيث قام وزير خارجيتها بجهود فى إطار الوساطة، ودعا أيضاً إلى حلها، كما أبدى استعداد بلاده للعب دور واسع فى جهود المصالحة المرجوة.
إلى جانب تلك الدول الأربع لا يمكن التغاضى عن مواقف إيران وتركيا، اللتين أبديتا موقفاً منحازاً ومصطفاً إلى جانب قطر منذ اندلاع الأزمة، وهو موقف شهد أقصى درجات وضوحه فى إقامة القاعدة العسكرية التركية فى قطر، وإرسال قوات مسلحة تركية إليها.
نحن نعرف أن الصراعات التى تنشأ بين طرفين أو أكثر فى الصراعات الدولية عادة ما تجذب حلفاء إلى كلا الجانبين المتصارعين، كما أنها أيضاً تستدعى وساطات.
بخلاف الموقف الكويتى الذى يخضع لاعتبارات تاريخية وقومية نعرفها عن السياسة الكويتية، فإن مواقف الدول التى أعلنت دخولها على خط الأزمة تتسم كلها بقدر عالٍ من البراجماتية والانتهاز، كما أنها تتسم بالتضارب وعدم الوضوح الكافى، والرغبة فى تحقيق أكبر قدر من المصالح الذاتية بعيداً عن الهدف المعلن من التدخل، والذى يتمثل فى حل الأزمة.
يمكن القول إن الطريقة التى أدار بها التحالف الرباعى الأزمة كانت سبباً من أسباب زيادة عدد الوسطاء المعلنين، كما أنها أيضاً أعطتهم الذرائع الكافية لكى يصوغوا مواقفهم بشكل يستنزف أطراف الأزمة ويطيل أمدها من دون إيجاد حلول.
المرتكز الأساسى للموقف القطرى فى خضم الأزمة المشتعلة ينطلق من المحاججة بأنه «لا توجد أدلة موثقة على أن قطر تمول الإرهاب»، وهو موقف يستهدف تقويض الذريعة الأساسية للإجراءات العقابية التى اتخذتها الدول الأربع.
منذ اندلاع الأزمة فى الخامس من يونيو الفائت، طرأت ثلاثة تطورات مهمة؛ أولها توقيع الدوحة اتفاقية مع واشنطن لمكافحة تمويل الإرهاب، وثانيها الإعلان عن «فتح السجلات القطرية أمام الجانب الألمانى» فى إطار تقصى ما إذا كانت هناك عمليات تمويل لأنشطة إرهابية، وثالثها وأهمها على الإطلاق الكشف عن بنود اتفاقيتى الرياض 2013 و2014، وهى البنود التى وقع عليها أمير قطر، وأعلن من خلالها التزام بلاده بالحد من الأنشطة الضارة والمثيرة للشبهات، فيما يتعلق بالتمويلات القطرية.
فى الأحوال العادية، فإن التطورات الثلاثة المشار إليها تعنى ببساطة أن قطر تعترف بتمويلها ودعمها للإرهاب من جانب، وتقبل فرض اشتراطات والتزامات معينة عليها للحد من هذا التمويل والدعم من جانب آخر، وهو أمر يمكن أن يكتشفه أى وسيط نزيه وأن يبنى عليه سياسات تدخله فى الأزمة.
ليس هذا فقط، لكن مسئولين ألمان وفرنسيين وأمريكيين سبق أن اتهموا قطر مباشرة بتمويل الإرهاب بوضوح وفى العلن، وعلى رأس هؤلاء بالطبع يبرز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى اتهم قطر بلعب دور فى تغذية التطرف والإرهاب، وأعلن عزمه إيقاف هذا الدور.
لكن على العكس تماماً من تلك المواقف الواضحة والاتهامات المباشرة والحادة، تريد دول الوساطة الراهنة أن تقنعنا أنها لا تعرف إذا ما كانت قطر تمول أنشطة إرهابية بالفعل، وأنها عوضاً عن ذلك تريد أن تتأكد، أو تريد أن تشمل جهود مكافحة تمويل الإرهاب ودعمه دولاً أخرى، ستكون بعض دول المقاطعة الأربع من بينها بطبيعة الحال.
تمثل تلك المحاولة من جانب الوسطاء الغربيين ذروة التعبير عن الانتهازية، والرغبة فى جمع أكبر كمية من المكاسب جراء اندلاع الأزمة واستمرارها، وهو أمر برّد الأزمة، وأفقدها وضوحها وزخمها، وجرّد دول المقاطعة من أحد عوامل حسمها بطريقة فعالة، وحمّلها أعباء وتكاليف إضافية يجب أن تتكبدها من أجل التأثير فى مواقف الوسطاء، الذين بدا بعضهم منحازاً بالكامل إلى جانب الدوحة، وبعضهم الآخر أقرب إلى الانحياز.
تصرفت قطر فى الأزمة مثل فريق كرة قدم ضعيف يواجه فريقاً أقوى وأشرس، يدعمه جمهور متحمس، فراح يضيع الوقت، ويمتص حماس المنافس وجمهوره، قبل أن يغير إيقاع سير المباراة، من دون أن يُمنى مرماه بأهداف حاسمة.
ولهذه الأسباب، فقد انتقلت الأزمة ببساطة من شعلة الموقد الأمامية بلهيبها الحار إلى شعلة الموقد الخلفية بنيرانها الفاترة الهادئة.
كان وزير الدولة الإماراتى أنور قرقاش هو من استخدم عبارة «نار هادية» عند وصف مآلات ما ستواجهه قطر من دول المقاطعة فى الفترة المقبلة، وهو وصف يعنى إسقاط الخيار الأول الفعال بتبديل طبيعة الحكم القطرى، وخلخلة النظام من الداخل، واللجوء إلى خيار آخر طويل المدى وأكثر تكاليف وأقل نجاعة، يتمثل فى إدامة الضغوط بوتيرة هادئة، وصولاً إلى تغيير فى السياسة القطرية يلبى حاجات المقاطعين الأربعة.
وبالتالى، فإننا بتنا نعرف الآن أن خيار Zero Sum الذى كان يعنى إطاحة حكم تميم لم يعد مطروحاً أو قابلاً للتحقق، وبدلاً منه بات مطروحاً علينا خيارا المعركة الطويلة المفتوحة غير محددة النتائج، والتسوية القائمة على الحل الوسط Compromise. يجنب هذا التحول قطر هزيمة منكرة كانت ستتحقق فقط عندما يتم تكثيف الضغوط وتنويعها، بحيث تثمر انفجاراً داخلياً، يقود أحد أفرع أسرة آل ثانى الحاكمة إلى تسلم الحكم والإطاحة بـ«تميم».
لكن المعركة مع ذلك ما زالت مستمرة ومفتوحة، وستتغير أدوات اللعب، وستتضاعف التكاليف، وستزيد مكاسب الوسطاء والحلفاء والمحايدين الذين ينتفعون منها.
بالنسبة إلى مصر، عليها أن تُصلّب موقفها ضمن تحالفها الرباعى، وتحصل على الضمانات الكافية لكى تخرج بمكاسب مناسبة فى حال تم تفعيل حل التسوية.
ورغم تلك التطورات غير المواتية، فإن صلابة الحلفاء الأربعة، ودرجة عالية من التنسيق بينهم، وارتكازهم الأخلاقى والموضوعى فى الأزمة، يمكن أن يعوض تلك التكاليف فى المعركة ضد قطر غير المتسقة أخلاقياً أو سياسياً.