أمنية خليل: «العشوائيات» ليست عاراً.. العار «إننا نتكسف منها»

أمنية خليل: «العشوائيات» ليست عاراً.. العار «إننا نتكسف منها»
لم تكن المهندسة المعمارية الشابة، أمنية خليل، تتأفف حين تسمع كلمات مثل «العشوائيات، ثورة الجياع، البلطجية»، بل كانت تشعر بالإشفاق والضيق من إطلاق كلمات مماثلة على أجزاء وأبناء بلدها، كما كان يغضبها للغاية جمل من طراز: القضاء على العشوائيات، إزالة العشش، النقل القسرى إلى المدن الجديدة، فقررت التصالح مع ما يراه الجميع مشاكل مستوطنة بطريقتها الخاصة ومن خلال مجالها: العمارة.
أمنية باحثة معمارية وطالبة ماجستير بقسم الأنثروبولوجى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. لا تحب كلمة «عشوائيات» وتطلق عليها «تدهور عمرانى». منذ دراستها فى جامعة القاهرة وهى مهمومة بتلك المناطق، فجاء مشروع تخرجها ليحمل رؤية عمرانية لتطوير منطقة المدابغ خلف سور مجرى العيون، ليتم اختياره من أفضل المشاريع فى ديسمبر 2010 من «دبليو المجتمع المعمارى».[Image_2]
أثناء الثورة سمعت المهندسة الشابة اتهامات لأهالى تلك المناطق بأنهم سيشنون ثورة جياع وأنهم المشكلة الرئيسية للبلد، كما ساءها نظرة الطبقة الوسطى لهم وكأنهم زيادة: «أهالى تلك المناطق يعاملون وكأنهم متهمون بالسكن فيها، ينظر إليهم على أنهم بلطجية وجياع، وهم أول المتهمين فى كل أزمة، يتعامل معهم المسئولون على أنهم قطع شطرنج يمكن نقلهم من مكان لآخر، رغم أنهم أصحاب حرف ومنتجون أكثر من غيرهم، بعضهم ينتج فى اليوم الواحد ثمانية آلاف قطعة يدوية لا نستطيع العيش بدونها».
كان هذا هو الدافع الإنسانى لـ«أمنية» لتتقدم فى فبراير الماضى بفكرة إلى المجلس الثقافى البريطانى للحصول على منحة للفنانين لتتمكن من تصميم معرض بعنوان «العمران موقف» تقدم من خلاله تصورها بأن العشوائيات ليست زيادات تجب إزالتها لخلخلة القاهرة، وإنما يمكن تطويرها والاستفادة منها كما فعلت منظمة الأغا خان فى منطقة الدرب الأحمر.
أعدت أمنية صوراً وخرائط تعبر عن المشكلة، نزلت إلى الحطابة فى القلعة والدويقة و6 أكتوبر والمبانى على طول الطريق الدائرى وحدود المنيب والعمرانية وعزبة خيرالله، لتكتشف أن التدهور العمرانى حالة عامة لم تسلم منه مناطق غير مسجلة على أنها عشوائية مثل وسط البلد والسيدة زينب، وأن الدويقة ومثيلاتها ليست المشكلة الوحيدة.
«يا حكومة كل مفاهيمك غلط، إنتى مش مهتمة بالمناطق المتدهورة عمرانيا وكل المشاكل بسبب سوء إدارتك» هكذا تلخص أمنية الهدف من معرضها.. وتقول: «للأسف مش الحكومة بس الغلطانة، فيه 50 ألف معمارى مسجلين فى نقابة المهندسين بيتكسفوا إن عندهم أماكن فقيرة، بيتخرجوا من كليات الهندسة عشان يمشوا مع استثمارات الدولة فيشتغلوا فى المدن الجديدة رغم إن عدد سكانها لا يتعدى 4%، أو يسافروا يعمرّوا الخليج والسعودية وسايبين 6 ملايين مواطن -ودا رقم رسمى مشكوك فيه- فى القاهرة الكبرى عايشين فى العشوائيات، مين يشتغل عشانهم، مين من المعماريين فكر فى تطوير أى منطقة من دول».
ترى أمنية أن حل العشوائيات ليس فى الإخلاء القسرى، فقد زارت ضمن مشروعها أهالى الدويقة الذين تم تسكينهم فى السادس من أكتوبر، واكتشفت أن أغلب أبنائهم خرجوا من المدارس لأن تكلفة المسافة من البيت إلى المدرسة أو السوق فى مساكنهم الجديدة تتكلف 10جنيهات للتوك توك وحده، فضلا عن بقية التكاليف، مما يعد قتلا حقيقيا لهم.. تقول: «العبرة ليست بالإزالة بل بالتطوير. أن يهتم المعماريون والمهنيون بإجراء أبحاث عن تلك المناطق مثل الدويقة وإمبابة، ويستمعوا إلى مشاكل أهلها وحلولهم. الحل ليس فى التخلص منهم بشقق فى المدن الجديدة، هناك عواصم عالمية عدد سكانها أضعافنا ولا يتعاملون مع مشاكلهم مثلنا».