حمزة قلب المنسى

نشوى الحوفى

نشوى الحوفى

كاتب صحفي

* فى وسط العتمة تتكرر حكاية بلادى من آلاف السنين لتؤكد لنا أنها لا تموت، فهى جيل يسلم جيلاً لتحيا مصر. نعم، جاء هجوم الأفاعى على كمين البرث فى لحظة فاصلة تتحرر فيها بنغازى ويسيطر عليها الجيش الليبى بدعم من مصر، فى لحظة تثبت فيها سوريا ومؤسساتها بدعم من مصر، فى لحظة يصدر من القاهرة بيان استمرار المقاطعة لقطر وأن ما يتم اتهامها به ليس محل تشكيك. نعم، راح فى الهجوم أحمد المنسى ورجاله ولكنهم ورغم الحدث الجلل أفقدوا من سعى لتكرار هدف كمين الرفاعى توازنه. عاش الجدعان ولو ماتوا، عاشوا أحياء فى الذاكرة وقلب الوطن.

* انظر لجنازة «المنسى» وركز فى ولده حمزة ذى السنوات العشر الذى ارتدى زى أبيه مودعاً إياه بصلابة الرجال. واعلم أن من ألبسه تلك الملابس هى أمه حفيدة إياح حتب التى فعلت ذات فعلها من آلاف السنين. يموت سقن رع زوجها فى حربه ضد الهكسوس، تدفع بكاموس ابنها للصدارة فيموت فلا تجد سوى أحمس ذى السنوات العشر فتلبسه ملابس الحرب وتغرس فيه روح الدفاع عن الوطن. ارتدى «حمزة» زى أحمس ليحارب هكسوس هذا الزمان. وفعلت أم حمزة فعل أم أحمس ودفعت بحمزة قلب المنسى لساحة الحرب.. المجد للأمهات.

* وفى قلب المشهد ترى حماس عائدة فيما يبدو بتوجيهات من قطر قلب الإرهاب العربى وراعيته. تعلن حماس التوبة على أبواب القاهرة من شهور وتشترط مصر شروطها، تعلن حماس تطهير الجزء الحدودى منذ أيام سبقت الحادث فى محاولة لكسب الود المصرى، تنعى حماس من قُتلوا على يد رجالنا من أفاعيها فى حادث جنوب رفح.. نعم، ثلاثة من أفاعى الإرهاب فى الحادث من حماس. تعلن حماس اتخاذ إجراءات رادعة لمنع اختراق الحدود مع مصر وتعلن أسفها بوجوه عكرة وتنعى الشهداء من رجالنا بدم بارد. تذكروا أن ذيل حماس لا يستقيم مهما قالت؛ فهم «إخوان»، لا تأمنوهم ولا تأمنوا لهم جواراً.

* فى قلب المشهد لـ«جدعان» رسموا على القلب وجه الوطن نخيلاً ونيلاً وشعباً أصيلاً، يبرز منشور لشاب يدّعى أن غده قد سُرق منه ففقد القدرة على التخطيط لمستقبله القريب والبعيد ويتساءل ببراءة وجوه أخوة يوسف «إذا خُيّر بين مصلحة بلاده ومصلحته ماذا يختار؟». ورغم بكائية المنشور المنتشر بكل ما به من إحباط وبكل ما به من معانٍ لا تتجاوز حاجز الجهل واللامنطق. فدعونى أدعُ الشاب الخائف المحبط ليتعمق فى صورة حمزة أحمد المنسى فى جنازة والده ليعرف أن الرجولة والانتماء تربية وثقافة وسلوك لا يخبره إلا من عرف معنى كلمة وطن وإرادة. فصناعة المستقبل لأى إنسان هى تخطيط شخصى برؤية تحمل الهدف وطرق الوصول إليه رغم التحديات، وهذا ما فعله كل عظيم فى العالم. كلمات الشاب تحمل جهالة بمعنى النجاح والإصرار وعدم فهم الواقع واستغلال لاسم الرئيس فى إلقاء اللوم على وضعه. أما سؤاله عن أيهما يختار إذا ما خُيّر بين مصلحته وبلاده، فلا تعليق عليها إلا: «وهل سأل المنسى ورفاقه ذواتهم هذا السؤال؟».. يا خسارة وجودك على أرضك يا مصر.

* هى بلادى يا سادة.. تخوض حرب وجود بكل ما تعنيه الكلمة منذ سنوات. حرب وجود فى الاقتصاد والحماية للمؤسسات. حرب وجود ضد فساد تربع فى النفوس جميعها واختلفت مسمياته ودرجاته وتبريراته ولكنه فساد. حرب وجود ضد إرهاب وخيانة. حرب وجود ضد أجهزة ومخابرات ودول. حرب وجود لتبقى آمنة. ادعموها فى موقفها بنقد بنّاء وكلمة منيرة للطريق وثبات على حق البقاء لها ولنا. دعكم من الإحباط والشكوى والبكاء والمصالح الخاصة، فلا وقت إلا للحب لهذا الوطن بمعناه الإيجابى الذى يدفع للأمام لا بكلمات الأغانى ولكن بالمواقف والأفعال.

اصبروا ورابطوا، فمِن قبْل صبَر ورابط من سبقكم فلا تكونوا أقل منهم فهذا قدرنا لتحيا مصر.