رئيس لجنة حماية «تراث الإسكندرية»: الدولة هى المسئول الأول عن التشويه العمرانى

رئيس لجنة حماية «تراث الإسكندرية»: الدولة هى المسئول الأول عن التشويه العمرانى
- أجهزة الدولة
- أحكام القانون
- أحكام القضاء
- أحكام قضائية
- أعمال التخريب
- الإدارة المحلية
- الإدارية العليا
- البناء المخالف
- البنية التحتية
- التراث العمرانى
- أجهزة الدولة
- أحكام القانون
- أحكام القضاء
- أحكام قضائية
- أعمال التخريب
- الإدارة المحلية
- الإدارية العليا
- البناء المخالف
- البنية التحتية
- التراث العمرانى
تراث يندثر، ومدن تفقد هويتها وتاريخها بهدم مبانٍ ليس لها مثيل، بناها مهندسون إيطاليون وفرنسيون وأوروبيون، وصنعوا منها معماراً تاريخياً بطرز مختلفة، قبل أن يتسبب تخاذل أجهزة الدولة فى تحوُّلها إلى أكوام من التراب. هكذا تحتل مصر المركز الأخير فى الحفاظ على المبانى التراثية والمعمارية ذات القيمة التاريخية، وما زال الجرح ينزف، وما زال مسلسل ضياع كل ما هو قديم وتراثى مستمراً. وقد سجلت الإسكندرية الرقم الأعلى فى التخلى عن المبانى التراثية بـ58 مبنى تراثياً هُدمت، من بينها مبنيان ليس لهما مثيل فى العالم، ويُدرَّس تصميمهما فى المدارس المعمارية. «الوطن» حاورت المؤرخ التراثى والعمرانى الدكتور محمد عوض، أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة الإسكندرية، رئيس لجنة الحفاظ على التراث العمرانى بالمحافظة، بشأن هذا الملف، فإلى نص الحوار:
■ ما الحجم الحقيقى لقضية إهدار وهدم التراث المعمارى فى مصر؟
- ما زال مسلسل إهدار التراث المعمارى مستمراً، رغم وجود قائمة معتمدة للمبانى والمناطق التراثية بقرار من رئيس مجلس الوزراء رقم 278 لسنة 2008 و2016 بشأن المناطق التراثية، وشملت القوائم 1135 مبنى تراثياً و63 منطقة تراثية و38 شارعاً تراثياً و134 موقعاً أثرياً و33 عملاً فنياً تخضع جميعها لأحكام القانون رقم 144 لسنة 2006.
{long_qoute_1}
■ وما أهم المدن التى تعانى من الأزمة، وإجمالى المبانى التراثية التى هُدمت وأُهدرت فيها؟
- الإسكندرية أكثر المدن معاناة من أزمة ضياع المبانى التراثية، إذ شهدت هدم وإهدار نحو 58 مبنى تراثياً منذ سنة 2011، منها 42 مبنى صدرت لها أحكام قضائية من محكمة القضاء الإدارى، مع العلم أنه تم الطعن على هذه الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا، ومنها أحكام صدرت بعدم التعدى على المبنى وهدمه.
■ وما الأسباب الرئيسية للظاهرة؟
- عدم الحفاظ على المبانى التراثية مشكلة متشعبة الأسباب ومتعددة الجوانب، وهذه الأسباب فى مجملها مرتبطة بفشل الدولة فى تنظيم وإدارة العمران بصفة عامة، وأهم مظاهرها هو الفشل فى إيجاد امتدادات عمرانية جديدة لاستيعاب الزيادة السكانية، والفشل فى إدارة والتحكم فى العمران وتطبيق القانون، ومنها هدم المبانى التراثية بدون ترخيص وانتشار البناء المخالف، بالإضافة إلى ارتباطها بالكفاءة والإمكانيات المتاحة، وكذلك انتشار ظاهرة الفساد الإدارى والمحسوبية فى أجهزة الإدارة المحلية. وبناء عليه نقول إن الدولة مسئولة عن انتشار البناء المخالف وتوصيل المرافق للمخالفين.
■ إلى من نوجه أصابع الاتهام فى استفحال أزمة إهدار المبانى التراثية؟
- فيما يخص الحفاظ على المبانى التراثية، فالمتسبب الأول هو عورات ومشاكل التشريع، إذ لا بد من تعديل القانون رقم 144 لسنة 2006 بحيث لا يتعارض مع اللائحة التنفيذية، وهذه مسئولية وزارة الإسكان فى المقام الأول، وتأتى بعدها مسئولية وزارة العدل فى القانون الخاص بأحكام القضاء الإدارى النافذة، فلا يُعقل أن تصدر أحكام القضاء الإدارى من الدرجة الأولى ويتم هدم المبنى التراثى فى وجود استئناف على تلك الأحكام فى درجة التقاضى على مستوى المحكمة الإدارية العليا. وأناشد وزير العدل التوجيه بتخصيص دائرة خاصة بمجلس الدولة للنظر فى الأحكام الصادرة ومراجعة كافة الدعاوى الخاصة بالمبانى التراثية، مع ضرورة الحفاظ على المبانى التراثية لما تمثله من تحفة عمرانية وتاريخ لا يمكن تعويضه إذا أُهدرت. {left_qoute_1}
■ وما أبرز نقاط العجز فى التشريعات الحالية؟
- يجب الإشارة إلى أن ظاهرة «الكاحول» تتصدر المشهد الإجرامى، وهو يعمل لحساب الآخرين عبثاً وتخريباً فى التراث العمرانى، ولا بد من مواجهتها والتصدى لها بالقوانين، بالإضافة إلى المقاولين وشركات التنمية العقارية التى تختفى خلف اتحادات الملاك لتعمل فى الظلام دون محاسبة ضرائبية. كما نرى أن الأحياء تتبع سياسة تحرير المخالفات ثم حفظها فى الأدراج، بالإضافة إلى ضرورة وجود طريقة معدّلة للتعامل مع المبانى التراثية التى تملّكها أصحابها بطريقة مخالفة، إذ يجب أولاً نزع ملكيتها أو فرض ضريبة عقارية مستمرة على المُلاك والمالك والمستفيد من هذا العقار، ثم تؤخذ هذه الضرائب وتُصرف على تمويل مشروعات الإسكان وتحسين البنية التحتية والحفاظ على المبانى التراثية وصيانتها.
■ وماذا عن التعويضات المقدمة إلى ملاك المبانى التراثية؟
- لا بد أن تهتم التشريعات والتطبيقات بشكل خاص بأحقية الملاك فى التعويضات وإيجاد وسائل وآليات للتعويض دون أن تتكبد الدولة والخزانة أعباء مالية. وفى هذا السياق أود أن أشير إلى أننا لن نخترع، فهناك مجتمعات قد سبقتنا بتعويض الملاك بـ«أراضى ملك الدولة والإعفاءات الضرائبية»، وكذلك إمكانية الحصول على قروض من البنوك بفائدة ميسرة للحفاظ على المبانى التراثية وصيانتها.
■ إذاً ما السبب وراء صدور أحكام قضائية بخروج بعض المبانى التراثية من المجلد التراثى؟
- هذا لم يحدث سوى فى الإسكندرية، إذ صدرت أحكام قضائية بإخراج المبانى التراثية من قائمة المجلد التراثى للحفاظ عليها، وفقاً للأوراق التى يتقدم بها مالك المبنى التراثى، وهو ما يجعلنا نؤكد ضرورة تغيير التشريعات المنظمة.
■ ما أهم الفيلات التراثية التى أُهدرت وما ظروف هدمها؟
- أعتقد أن هناك أمثلة عديدة، ولكن أهم الفيلات التى تم إهدارها هما فيلا أجيون فى الإسكندرية، التى بناها «أوجست بيريه»، وهو من أعظم المعماريين الفرنسيين فى القرن العشرين وأحد مخترعى الخرسانة المسلحة وتطبيقاتها فى الحداثة، وكل أعماله محافظ عليها فى فرنسا والعالم. وأهمية «أجيون» تأتى من كونها من أوائل المبانى الحديثة فى مصر، 1924، ومن أوائل الأمثلة التى استُخدمت فيها الخرسانة الظاهرة، وتُدرس كمثال فى المدارس المعمارية لأنها أحد أعمال المهندس أوجست بيريه، ومع أن وزارة الثقافة أصدرت طلباً للحفاظ على الفيلا ونزع ملكيتها للمنفعة العامة وصدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بنزع ملكيتها فعلاً، فإن تراخى الدولة فى دفع التعويضات أدى إلى هدمها. كما تُعد فيلا شيكوريل من أهم الأمثلة فى تطبيقات الطراز الزخرفى، وتم هدمها دون ترخيص بعد أن تم إخراجها من قوائم التراث من محكمة القضاء الإدارى، ومع تحرير المخالفات وتوجيه الاتهام إلى المالك الأصلى للعقار والذى كان باعه لآخرين، فإن الجانى الحقيقى لأعمال التخريب للفيلا ما زال مجهولاً.
{long_qoute_2}
■ بنظرة تراثية.. كيف ترى المشروعات العمرانية ومشروعات التنمية الأخيرة فى الإسكندرية؟
- أرى أن مشروع الطريق العلوى للكورنيش بمنطقة مصطفى كامل تشويه للكورنيش ولا يحقق النفع العام، ومشروع انتظار السيارات على شاطئ الشاطبى وكبائن ستانلى إضافات معمارية مشوهة لعمران الشاطئ، ومشروع تطوير والحفاظ على قصر السلاملك بالمنتزه والمنطقة المحيطة به كارثة معمارية للأثر وتشويه الموقع تستدعى التحقيق وإعادة النظر فى تفاصيله قبل فوات الأوان، وهو مسئولية محافظة الإسكندرية ووزارة الآثار ووزارة السياحة وجهاز التنسيق الحضارى.