مصر.. بين الطاقة النظيفة وتغير المناخ!

طارق عـباس

طارق عـباس

كاتب صحفي

ظهر أمس، أعلنت الحكومة موافقتها على زيادة أسعار الكهرباء، ومنذ أيام قررت زيادة ليست قليلة في أسعار المحروقات من المواد البترولية، ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تقوم بها الدولة، ورغم أن الأمور تزداد صعوبة على المواطن إلا أن أحدا لم يفكر في اللجوء للبديل الأسهل والأرخص والأقل تلويثا للبيئة، وهو "الطاقة النظيفة".

إن أهمية استبدال الأساليب المعتادة في حياتنا اليومية إلى وسائل أقل ضررا للمجتمع والوطن والعالم بأكمله، لا تقل أهمية عن خطط الإصلاح الاقتصادي التي تتعامل معها الحكومة بإجراءات متسارعة، فالخطط المتسقبلية للحفاظ على المناخ بالتعاون مع الدول الأخرى تعكس بعد نظر الحكومات وحرصها على الأجيال القادمة وليس فقط النظر إلى الواقع الذي بدأ بالفعل بالتأثر جراء التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض والمتغيرات المناخية المتعددة.

مؤخرا نجح بعض الأفراد في توليد الطاقة الكهربائية من وحدات الطاقة الشمسية التي وضعوها على أسطح منازلهم، وهي فكرة جيدة تستحق التشجيع والتكرار، خاصة أن مكاننا في القارة السمراء يسمح لنا باستغلال أمثل للطاقة الشمسية المتوفرة وخاصة في الصيف، الذي ترتفع فيه درجات الحرارة كل عام عن العام السابق، وهو ما يعني إمكانية تعميم التجربة على أكبر عدد ممكن من المواطنين، مما يقلل الأحمال عن وزارة الكهرباء، ويدعم فكرة استغلال الطاقة المتجددة والنظيفة في المجتمع.

ومن الأخبار الجيدة أيضا التي قرأتها منذ أيام، هو بدء استيراد عدد من السيارات التي تعمل بالكهرباء إلى مصر خلال ديسمبر المقبل، وعلى الرغم من أن أسعارها مرتفعة مقارنة بالسيارات التي تعمل بالوقود (تبدأ من 650 ألف جنيه تقريبا وحتى 3 ملايين جنيه) إلا أنها تبقى خطوة جيدة على طريق انتشار تلك السيارات الصديقة للبيئة والموفرة في الطاقة ومصروفات التشغيل، ما يقلل من عوادم السيارات التي تخنق البشر، خاصة في المناطق المزدحمة بشكل مستمر.

ومع ارتفاع وتيرة استخدام المنتجات البترولية والفحم والغاز في مصر، وتزايد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، (109% زيادة في مصر مقابل 1.3% زيادة في فرنسا وبريطانيا من 1990-2004)، وطبقا للموقع الجغرافي لمصر؛ فإن التأثر بالتغيرات المناخية يهدد المدن الساحلية المطلة على البحرين الأبيض والمتوسط ومناطق الدلتا إضافة إلى التأثير السلبي على الزراعة بسبب انخفاض معدلات الأمطار، وتحذيرات الخبراء من فقد الشعب المرجانية بالبحر الأحمر أو تحولها إلى اللون الأبيض ما يهدد أيضا جانب هام من السياحة، وانخفاض الثروة السمكية، وغيرها من التأثيرات السيئة التي تنعكس على الاقتصاد المصري، وصحة المواطن.

وفي ظل توقعات انخفاض منسوب وحصة مصر من مياه النيل مستقبلا بانتهاء أثيوبيا من بناء "سد النهضة"؛ فإن تغير المناخ أيضا يهدد بمزيد من التأثير على النيل من خلال زيادة نسبة التبخر لارتفاع درجة الحرارة وقلة الأمطار على منابع النيل، وهو المورد الأساسي والشريان الأهم في حياة المصريين، لذا وجب على الحكومة والقيادة السياسية أن تتبنى خطط استخدام الطاقة النظيفة، كأحد ضمانات استمرار الحياة الطبيعية في مصر، كشريك أساسي بنسبة سكان كبيرة في زيادة الأزمة، وكعضو فاعل في المجتمع الدولي، تماشيا مع الثورة العالمية في التقليل من التغيرات المناخية وتأثيراتها المستقبلية.