منتخب "العتاولة" الدرامى

طارق سعد

طارق سعد

كاتب صحفي

الريموت لا يزال فى يدى!

ليس تهريجاً ولكنها حقيقة.. نعم انتهت الجولة الدرامية الرمضانية، لكن الماراثون مستمر، ففى السنوات القليلة الأخيرة لم يعد العرض الدرامى مقتصر على رمضان فقط كموسم، ولكن تم استحداث موسم "موازٍ" ليصبح منافسا قويا، استراح له المتفرج ووجد فيه فرصة للمشاهدة بتركيز واستمتاع أكثر لتعويض اللهاث وراء المسلسلات، وما يشعر به من "مرمطة" بين القنوات فى رمضان، وبعيدا عن ماسورة الإعلانات التى تنفجر فى وجهه بضغطة على زر.

الحقيقة أن هذا الموسم "الموازى" جعل الأعمال تُعرض على مدار العام، ومع زيادة عدد القنوات العامة والدراما تضاعفت فرصة تعويض المشاهدة، وكذلك الاستمتاع بتفاصيل العمل، وهو ما جعل عدد ليس بقليل من المنتجين يفضل عرض أعماله فى "الروقان" بعيدا عن "مهرجان رمضان" .

هناك فائز آخر فى هذا الموسم وهو الوجه الجديد فى العمل الدرامى، والذى يجد لنفسه فرصة الفوز بتركيز المشاهد فى الشكل والملامح والأداء، ليترك بصمة أكبر بموهبة كبيرة وإمكانيات يمتلكها وظهرت معالمها، أو لاقدر الله يصطدم فى "حائط" عريض لو كان محدود الإمكانيات.

هناك بالفعل من خطفوا الأنظار واستطاعوا التعبير عن أنفسهم بقوة، وقاموا بتثبيت أقدامهم منذ الظهور الأول أو الثانى على أقل تقدير، ومنهم من تخطى المرحلة واكتسب الثقل والخبرة، فحجز لنفسه مساحة مهمة فى ثقة المشاهد، لتتولد موجة جديدة من الفنانين الشباب فرضوا تواجدهم بمهاراتهم على الملعب الدرامى، وأثبتوا أنهم ليسوا ممثلين فقط ولكن "عتاولة" تمثيل.

الآن وبنظرة سريعة على الملعب الدرامى، سنجد أننا أصبحنا أمام منتخب من "العتاولة" الجدد، (منتخب العتاولة الدرامى) والذى تحمل قائمته مجموعة كبيرة تمتلك "القماشة" المميزة التى ستؤهلها للبطولات فى السنوات القادمة، بتوفيق الله أولا، ثم ذكاء اختياراتهم واجتهادهم، بمعنى أنهم "بيشتغلوا على نفسهم صح".

ودون ترتيب أو تصنيف.. تضم قائمة "منتخب العتاولة":

"دياب".. العو، نجم الغناء الشعبى المودرن الذى كافح كثيرا ليثبت نفسه كمطرب خفيف الظل، تحول فجأة إلى "عتويل" شر وفاجأ الجميع بقدراته التمثيلية ليثبت أنه مستودع مهارات، فمنذ ظهوره الأول فى مسلسل "ساحرة الجنوب" بجزئيه والذى تم عرضه "خارج رمضان"، استطاع خطف الأنظار ليؤكد "عتولته" فى مسلسل "الأب الروحى"، ثم الإعلان الرسمى عن نفسه بـ "زناتى – مسلسل كلبش"، الذى أكد أننا أمام نسخة حديثة ومتطورة من "محمود المليجى"، الأداء – الحركة – النظرة والثبات، ليقدم أوراق إاعتماده رسميا للمنتجين، ولسان حاله يقول "أنا العووو"، والجميل فى "دياب" أنه لا ينحت التمثيل ولكنه يعمل بمنتهى الجدية والذكاء وأتوقع أنه سيقفز للصفوف الأولى سريعا.

"محمد عز" .. الشهير بـ "يحى العطار" نسبة لدوره فى مسلسل "الأب الروحى"، وأحدث إنتاج لدفعات ورشة المخرج المخضرم "خالد جلال"، "عز" المصور الفوتوغرافى للنجوم أصبح أحدثهم بعد انفجار موهبته بشخصية "يحى العطار"، ليسبب نوعا من "الخضة" بقوة أداءه غير الطبيعية، وامتلاكه لكل أدوات التمثيل بحرفية، إضافة إلى نبرة صوته، ليدفع الجميع للبحث عنه ومعرفة "مين ده"، حتى تضاعفت صفحته الشخصية والعامة على مواقع التواصل الاجتماعى واختلاق أعداد كبيرة من الحسابات المزيفة باسمه، فكل هذا يؤكد نجاحه من "الطلقة الأولى"، عُرض له أيضا مسلسل ليلة "خارج رمضان"، ولكن اكتساح "يحيى العطار" طغى عليه ليعود بقوة فى "كلبش" بشخصية "عطية" التى أكدت وجوده بمنتهى القوة، وبختم الجودة كـ "عتويل"، فـ "عز" يجيد تلوين كلامه وأداءه، ودون مجهود تشتم منه رائحة العبقرى الراحل "خالد صالح"، فهل يستطيع "محمد عز" أن يفعلها؟

"سهر الصايغ".. نموذج الصعود المتأنى للنجومية، فمنذ ظهورها الأول كطفلة معجزة فى فوازير "عودة فطوطة" فى بداية التسعينيات ولا تنتظر منها إلا أن تكبر وتراها نجمة، وتأكد هذا "العشم" فى سهر بعد تأديتها لشخصية "أم كلثوم" فى طفولتها، لتصفق لها وأنت تقول لا تبتعدى، لتسير بعدها فى طريقها بتمهل وتصعد درجة درجة، تنضج وتتطور وتزداد ثقلا وتتفجر مواهبها، وفى كل عمل تعيد إكتشاف نفسها، فاهتمامها بالتفاصيل الصغيرة فى كل شخصية، وذكاء اختياراتها واجتهادها وضعها فجأة مع الكبار، وجعل منها "كارت كسبان" فى أى عمل تشارك فيه، "سهر" الدكتورة التى ترفض التخلى عن ممارسة طب الأسنان بجانب نجوميتها، هى حالة خاصة بكل المقاييس، وفى كل عمل هى نجمة جديدة حتى وصولها فى رمضان لمحطة "كفر دلهاب"، وبنهاية الحلقة الأخيرة انتفضت "العتويلة الخبرة" لتعلن عن جاهزيتها للقفز للصف الأول بجدارة، والصف الأول فى انتظار استقبالها.

"مصطفى خاطر".. أحد نجوم مسرح مصر، والذى استطاع بمهارة فائقة أن يخرج من دائرة "التهريج الأجوف" لينتقل بنفسه إلى دائرة النجوم، وساعده فى ذلك كونه مخرجا فى الأساس منذ بداياته فى مسرح الجامعة، والذى جعل منه نجم التفاصيل الصغيرة للشخصية، فتراه ليس ممثلا بل "مشخصاتى" من الزمن الجميل، يسبح فى تفاصيل الشخصية الدقيقة ومعالمها، ويكون شخصيات تستمر وليس لها عمر افتراضى، ولمعت موهبته فى ذلك على مدار مواسم المسرح، وفى الأعمال الذى اشترك فيها، ما أهله لبطولة مطلقة أمام ياسمين عبدالعزيز فى مسلسل "هربانة منها"، ورغم تواضع مستوى المسلسل إلا أنه قدم نفسه كـ "مشخصاتى" موهوب بـ 30 شخصية، ليؤكد أنه كان جديرا باختيار النجم أحمد السقا له لمشاركته فى "هروب اضرارى"، ويؤكد أيضا أنه "عتويل" على الطريق.

"كارولين عزمى".. حالة مختلفة منذ ظهورها الأول فى عروض مسرح النها، موهوبة بالفطرة، تمتلك طاقة تمثيلية رائعة إضافة إلى خفة دم وتلقائية تنبهك أنك أمام مشروع "كوميديانة" من العيار الثقيل، وهو ما نفتقده بشدة فى الجيل الجديد بعد سهير البابلى والراحلة سعاد نصر، كما أنها تمتلك من الجمال ما يضعها فى منطقة متفردة، فتفاجئك بأداء مختلف 180 درجة فى شخصية "سلمى العطار" فى الأب الروحى، وأداء تمثيلى من الدرجة الأولى لتعود فى رمضان بشخصيتين متنوعتين فى مسلسلى "الحلال" و"رمضان كريم"، فتتيقن أنك أمام "فاكهة فنية" تجمع "كوكتيل مواهب"، فإذا انتبهت إليها عين إنتاجية ثاقبة سيمكنها صناعة نجمة كوميدية بمواصفات خاصة تفتقدها الساحة حاليا، "عتويلة" صغيرة قماشتها الفنية نُسج منها نجوم كبار مثل محمود عبد العزيز ثم كريم عبد العزيز، ومن النجمات قد تكون "كارولين" التطور الطبيعى لـ "شويكار".

"سارة الشامى".. هى أحدث حبات عنقود الموهوبات، كانت طلتها الرسمية الأولى فى مسلسل "الخانكة"، ثم ظهور مفاجئ لموهبة خاصة فى الأب الروحى.. فـ "سارة" تمتلك وجها جميلا بتفاصيل هادئة، وأداء سلسا دون صخب، يجعلها تتجول فى تفاصيل الشخصية بمنتهى المرونة، وهو ما ظهر واضحا فى شخصية "ندى العطار" وتقلباتها، ثم "سلمى الأنصارى" فى مسلسل "كلبش"، كما تمتلك أيض الثقة فى موهبتها، والذى زاد من توهجها، وهو ما يضعها بقوة سريعا على طريق النجومية.

"هند عبدالحليم".. منذ ظهورها الأول فى مسلسلى "راس الغول" و"الميزان" واللذان عرضا فى موسم رمضانى واحد، وتشعر أنها "بتعافر" لتثبت نفسها وموهبتها وأنها جديرة بالمساحة التى حصلت عليها فى العملين، موهوبة مجتهدة تلمح فى نظراتها ثقة الوصول للهدف، وفى ظهورها فى العمل الثالث فى نفس الموسم "فوق مستوى الشبهات" تجد نفسها وتستفيد من الوقوف أمام نجمة بحجم يسرا بكل طاقتها لتثبت لك أنها قادرة على المهمة، لتعود فى الأب الروحى وشخصية "ريهام الذهبى" بإعلان رسمى عن مولد نجمة على الطريق اسمها "هند أحمد عبدالحليم"، وتعيد إثبات ذلك فى مسلسل طاقة نور بشخصية "نانسى"، "هند" مجتهدة وتحاول فى كل عمل تقديم نفسها بطريقة مختلفة، والحقيقة أنها إذا استمرت بنفس الثقة والجهد بـ "الشغل على نفسها " ستختصر خطواتها وتصل إلى مكان يليق بمجهودها.

"مصطفى أبو سريع".. الضحكة الحلوة الصافية، تركيبة كوميديان من نوع خاص شكلا ومضمونا، يمتلك طريقة أداء مميزة وغير مفتعلة تجعله قادر على الإضحاك حتى قبل أن يصل إلى الـ "إيفيه"، أثبت نفسه فى وقت قصير ومازال يجتهد ليحجز مكانا مميزا بعيدا عن القوالب التى يكررها غيره، وقد نجح فى ذلك حتى الآن، فتستشعر وأنت تشاهده أنه ينتظر فرصة يقتنصها لتقفز به فى منطقة مختلفة، "مصطفى" كما يقال (عنده الحتة بتاعته)، وهو ما أوصله للمشاهد بسهولة، وساحة الكوميديا فى أمس الحاجة لدماء جديدة بألوان مختلفة وهو ما ننتظره منه و له فى الفترة القادمة.

"ديانا هشام".. هى من تدفعك للبحث عن اسمها على تترات مسلسل "الحساب يجمع"، مستفزة من فرط قوة أداءها، رغم أنك تراها للمرة الأولى، لكنك تشعر أنك تشاهد فنانة متمرسة معجونة بتجارب درامية مختلفة، فكل مشهد تقدمه مبارزة فنية تنتصر فيها بالضربة القاضية، وهو ما يجعلك تنبهر بها من الوهلة الأولى ثم تعود لتشفق عليها من المسئولية التى حملها لها هذا الأداء القوى مع نجمة بحجم يسرا، خاصة أنها تبدأ طريقها الفنى، ستصبح "ديانا" الآن فى مأزق العمل القادم لأنه غير مقبول منها إلا خطوات للأمام، فستحتاج المزيد من التركيز والتأنى فى حساب الخطوة القادمة والكرة الآن فى ملعبها.

"بوسى".. أيقونة البهجة غناء وتمثيل، هى قررت ذلك بعفويتها وتلقائيتها وطاقاتها المفرطة، فمشاركة "بوسى" فى أى عمل فنى الآن بمثابة البهارات الفاتحة للشهية، فبجانب الكاريزما تبرز خفة الظل والأداء دون تكلف، هى على طبيعتها لا تمثل ولكنها تنطلق، وهو سر نجاحها وارتباط الجمهور بها فى الغناء وانتقل معها للتمثيل، وهو ما ظهر هذا العام بشدة فى مسلسل "الحساب يجمع"، فمع مساحة الدور الكبيرة استطاعت "بوسى" أن تصول وتجول بأداء طبيعى، بل انتزعت الضحكات فى معظم مشاهدها فأعطت للمسلسل مذاق مختلف، خاصة أنها تتميز فى الشخصية الشعبية بكل مفرداتها، وهو سر خلطة "بوسى" الذى يعتمد عليه المنتجون الآن ويضمن لها مكانا ثابتا.

"حمدى الميرغنى".. مثلما هناك آبار البترول التى لا تنضب فـ "ميرغنى" هو بئر الإيفيهات الذى لا ينفد، قوته فى ارتجاله، نجاحه المدو فى مواسم مسرح مصر فتح له الأبواب على مصراعيها، فالضحك الحقيقى الآن أصبح عملة نادرة بين السخافات المنتشرة على هيئة كوميديا، إلا أن "ميرغنى" صنع لنفسه مساحة تخصه يتحرك فيها كما يشاء ويصعب فيها منافسته حتى من زملائه فى المسرح، الحقيقة أن هذا هو النجاح الحقيقى لفنان يستطيع إضحاكك حتى الدموع بأقل مجهود وبشكل متواصل دون توقف، فهو "عتويل" كوميديا ثقيل، ولكن فى عنفوان هذا النجاح ينتابك القلق من "النحت" الذى قد يرتكبه بدافع مزيد من الانتشار وجنى ثمار المرحلة، فمع ذروة النجاح يحتاج للمزيد من الهدوء ليحدد المكان الذى يريده لنفسه مستقبلا.

هذا التشكيل من "العتاولة" الجدد سيكون مؤثراً فى شكل الدراما وسيرسم ملامحها فى السنوات القادمة وسيجبر المنتجين على النظر إليهم بأعين مختلفة، والحقيقة أن تواجد هذه القماشة من الموهوبين بجوار الأبطال الكبار و"عتاولة " الدراما أصحاب الخبرة والثقل والوجود المؤثر، أمثال "أحمد زاهر، وروجينا، وشيرى عادل، ومحمد رياض، و صبرى فواز، ومحمد شاهين، ومحمد ممدوح –تايسون- الذى أثبت وجوده بشكل كبير فى السنوات الأخيرة" وغيرهم، سيضفى قوة ومتعة جديدة للدراما وسيزيد من حدة المنافسة التى ستصب فى مصلحة المشاهد.

"منتخب العتاولة".. إلى الأمام وفى انتظار البطولات.. ومازالت القائمة ترحب بالمزيد.